السبت الموافق 12 - أبريل - 2025م

قراءة المآلات القاسية والمتعددة للحرب على الفرد والمجتمع كما تمثلها قصة ” نشيج” القصيرة للقاص جمال نوري

قراءة المآلات القاسية والمتعددة للحرب على الفرد والمجتمع كما تمثلها قصة ” نشيج” القصيرة للقاص جمال نوري

د. انسام المعروف

 

بحسب تيري إيغلتون “تمثل الحرب بالنسبة للإنسان تجربةً مدمِّرةً ومأساوية، وليست مجرد حدثٍ تاريخي يمكن تجاهله، والأدب يمثِّل وسيلةً لتعبير الناس عن تجاربهم ومشاعرهم وأفكارهم في هذا الصدد، وهكذا نجد ان هذه القصة القصيرة تتحدث عن أحد الأشخاص الذي يحاول الاتصال بأصدقائه الذين شاركوه تجربة الحرب، ويبدو أنه يشعر بالحنين والاشتياق لهم.

يطرح هذا النص عدة مواضيع مهمة ترتبط بتداعيات الحرب على المجتمع والفرد، ومنها:

 

1- الألم النفسي: يبرز هذا الموضوع بوضوح في النص، حيث يبدو الشخص الذي يتحدث مضطربًا ومشتاقًا لأصدقائه الذين فقدوا في الحرب، ويحاول الاتصال بهم والاستماع إلى أصواتهم، وهذا يعكس مدى تأثير الحرب على النفس البشرية.

 

2- التأثير الاجتماعي: يظهر هذا الموضوع في النص من خلال اهتمام الشخص الذي يتحدث بالاطفال والعائلة.

فهو يتحدث عن الأطفال كمصدر للقلق والمعاناة المتواصلة، مما يشير إلى تأثير الحرب على الفرد خصوصاً والمجتمع بشكل عام.

حيث يؤكد الناقد جون بيرغر ان”الأدب يمثل وسيلةً لتسليط الضوء على أثر الحرب على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في نقل هذه التجارب بطريقة تشعر القارئ بالتأثير الذي تركته الحرب.

اما حوزيف كونراد فيقول بان”الأدب يمثل وسيلةً لتسليط الضوء على أثر الحرب على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في إبراز هذه التجارب والمشاعر بطريقة تشعر القارئ بالتأثير الذي تركته الحرب، وبالتالي يمكن للأدب أن يساهم في الشفاء النفسي والتقوية الاجتماعية.”

 

3- التأثير النفسي: يمكن رؤية هذا الموضوع في حالة الشخص الذي يتحدث ويعبر عن حالته النفسية، وعن اشتياقه لأصدقائه وأحبائه.

ويمكن أن يتأثر الفرد بطريقة قوية بهذه التجارب، مما يؤثر على نفسيته وحالته العاطفية.

فنرى رونالد بارت يخبرنا بانه “يمكن للأدب أن يساعد في فهم تأثير الحرب على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يخلقوا أعمالًا تعكس هذه التجارب والمشاعر بطريقة تشعر القارئ بالتأثير الذي تركته الحرب.”

٤-الجانب التأملي: بحسب جون كيتس فان “الأدب هو وسيلةً للتأمل والتفكير في معنى الحرب وأثرها على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في رسم صورةٍ أوضح لهذه التجارب والمشاعر.” – جون كيتس. وهذا ما نراه متمثلاً في هذه القصة حيث يثير القاص النوري تأمل القاريء وتفكيره حول الحرب واثارها السلبية وكل الافكار الموجعة المصاحبة لها على المستوى الشخصي والمجتمعي.

٥-. جانب الصراعات الانسانية: تقدم القصة الصراع على المستوى الشخصي وهو ما يحاول القاص تصويره من خلال خوف الشخصية الرئيسية الذي يؤكده تكرار السؤال حول صديق وكأنه يخاف من الاجابة التي حصل عليها في نهاية القصة على شكل النشيج فيقول فرانكويس مورياك ان “الأدب يحاول تمثيل الصراعات الإنسانية التي تؤثر على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في رسم صورةٍ أوضح للتجارب الإنسانية خلال فترات الحرب.”

 

٦- الجانب القيمي: يخاول الكاتبدفي قصته ان يعزز قيمة الصداقة وتفقد الاقران وهذا ما يمثله سؤال الشخصية الرئيسية عن صديقه وعائلته وتفاصيلهم وهذا يعزز ما يخبرنا به الي سيزار؛ “الأدب يعمل على إبراز التجارب الإنسانية الأساسية والقيم الأساسية التي يتمسك بها الناس في ظل الحرب، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في تعزيز هذه القيم وإبراز أهميتها.”

 

٧- الجانب الوثائقي والسيرة الذاتية: تحاول القصة تصوير الذكريات التي تستدعيها الشخصية الرئيسية وهي ما يبرز حقيقة ان الكاتب قد مر بهذه التجربة بشكل شخصي وهنا تعمل القصة كتسجيل وثائقي لجانب من حياة الكاتب نفسه يعرضه على لسان الشخصية الرئيسية وهذا ما يقترحه الناقد ستيفن كنغ خيث يقول؛ “يمثل الأدب وسيلةً لإيصال صوت الأفراد الذين تأثروا بالحرب ولإبراز أهمية التضحيات التي قدموها، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في تسليط الضوء على هذا الجانب الإنساني للحرب.”

 

٨- الجانب السياسي: تعرض القصة ان المعاناة التي يعيشها الافراد بعد الحرب انما هي نتيجة لقضايا سياسية ابعد ما يكون الافراد اهتماما بها او ساعين لها وهذا يأتي مصداقاً لما اتى به الكاتب ايريك هوبسبوم حيث يقول؛ “يمكن للأدب أن يساهم في فهم الصراعات السياسية والاجتماعية التي أدت إلى الحرب، ويمكن تللأدباء أن يساعدوا في تسليط الضوء على هذه القضايا وتعريف القارئ بأهميتها.”

 

باختصار، تتناول هذه القصة القصيرة تأثير الحرب على الفرد والمجتمع، وتعكس مدى الألم والاحتياج النفسي الذي يمكن أن ينتج عنها.

و تتميز اللغة في هذه القصة بالبساطة والوضوح، حيث تستخدم العبارات القصيرة والبسيطة والتي تعبر بشكل مباشر عن المشاعر والأفكار.

كما تستخدم اللغة في هذه القصة التشبيهات والاستعارات التي تعكس حالة الحنين والاشتياق، مثل “كان محمود نجم أحدهم” و “امسكني بيديه الحانيتين”.

وتستخدم اللغة أيضًا التكرار بشكل متقن، حيث يتكرر في النص السؤال عن محمود وموقعه، مما يعكس حالة القلق والتوتر التي يشعر بها الشخص الذي يتحدث.

وبشكل عام، تتميز اللغة في هذه القصة بالموضوعية وعدم الانحياز، وتعبر عن حالة المجتمع الذي يعاني من تأثيرات الحرب والصراعات.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن اللغة في هذه القصة تعكس حالة الحزن والألم بشكل واضح، وذلك من خلال تصوير الشخص الذي يتحدث وهو يتذكر ويحاول الاتصال بأصدقائه الذين فقدوا في الحرب. ويتم استخدام اللغة في هذه القصة بشكل متقن في توصيل هذه الرسالة، حيث يتم استخدام الأسلوب الروائي القصير والمفصل، مما يجعل النص سهل الفهم والتأمل. ويتم استخدام اللغة بشكل متقن في توصيل المشاعر والأحاسيس النفسية، وذلك من خلال استخدام الكلمات والعبارات البسيطة والعميقة في نفس الوقت، مما يساعد على إيصال رسالة النص بشكل فعال.

وهذا ما عاشه واكده الكاتب المستشرق ادوارد سعيد الذي يخبرنا

بانه “يمكن للأدب أن يساعد في فهم الحرب وتأثيراتها على النفس والمجتمع، ويمكن للأدباء أن يساعدوا في إبراز هذه التجارب والمشاعر بطريقة تشعر القارئ بالتأثير الذي تركته الحرب.”

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80983804
تصميم وتطوير