كتب: حسن حمدان
أشاد المحاسب هيثم تركي خبير الحوكمة المعتمد من مؤسسة التمويل الدولي ومجموعة البنك الدولي؛ بجهود الدولة المصرية لمكافحة الفساد، مثمنا احتفال محافظة البحر الأحمر باليوم العالمي لمكافحة الفساد.
وأشار تركي، إلى أن الفساد أصبح مشكلة على مستوى العالم، ومن الشواهد على ذلك تلك المؤتمرات والفعاليات التي كان محورها القضاء على هذا الفساد. غير أن الآراء اختلفت حول: من يتحمل ـ في نهاية المطاف ـ مسئولية هذا الفساد؟.. وكيف يمكن محاصرته والحد منه؟.. ومن سيتولى قيادة عملية التطهير؟
من الواضح أنه لا توجد إجابات بسيطة فيما يتعلق بالتعامل مع الفساد، بأوجهه المتعددة وأجزائه الكثيرة المتغيرة.. في بعض الأحوال يكون مجتمع الأعمال مصدرًا للفساد، وفي أحيان أخرى يكون هو الضحية.
وأوضح تركي، أن الحكومة تحارب الرشوة وتسعى بصورة دائمة لإنشاء مؤسسات للنزاهة والشفافية، لافتا إلى أن الفساد يؤدى لتقويض ثقة الشعب في الحكومات، وفى شرعية كل من مؤسسات القطاعين العام والخاص، ولذا فالفساد ضريبة آثارها مدمرة على الاقتصاد القومي، خاصة حين تستطيع الأسواق العالمية الحرة أن تغير اتجاه الاستثمارات وتدفق رؤوس الأموال نتيجة فقدان الثقة في بعض الأسواق، بسبب تفشي الفساد المؤسسي.
وأكد هيثم تركي، أن الفساد يؤثر على جميع أنواع وأحجام شركات الأعمال ـ بدءً من الشركات العالمية، حتى المشروعات الصغيرة والمتوسطة و متناهية الصغر، والتعاونيات ـ بدرجات متفاوتة طبقا لقدرة كل منها على التعامل مع آثاره. وللفساد القدرة على تدمير الشركات، وتدمير أموال المودعين بالبنوك وحاملي الأسهم بالشركات ـ الذين يعتمدون في حياتهم على عوائد تلك الاستثمارات ـ مما يترتب عليه انهيار سمعة القطاع الخاص وتجريده من جميع الصفات الإنسانية، رغم كونه يمثل القوى الإيجابية للنمو الاقتصادي والتنمية في الدول النامية.
تابع: على شاشات التليفزيون وفي عناوين الصحف، تطالعنا بشكل يومي فضائح الفساد في الشركات ـ من قضايا صغيرة للفساد الفردي، إلى انهيارات بمليارات الدولارات ـ مما يصدم ضمير المجتمع. هذه التغطية الهجومية من قبل وسائل الإعلام تشكل الصورة السلبية للقطاع الخاص عند عامة الناس. ومن المثير أن هذا الهجوم يأتي في وقت ربما يكون هو الأفضل من أي وقت آخر، حيث يتزايد الاهتمام بوضع قواعد لمبادئ وقيم أخلاقيات العمل، والشفافية، والمساءلة، استعدادًا لانطلاق قطاع خاص يعمل بمقتضى تلك القواعد والمعايير.
أضاف خبير الحوكمة أنه يمكن للقطاع الخاص أن يكون جبهة مهمة في وضع الحلول لمشكلة الفساد، وأن تتولى الشركات المصرية هذه المهمة، وأن تؤديها بطرق عديدة؛ بعضها بالمشاركة من خلال جمعيات الأعمال ـ أو أي نشاط جماعي آخر ـ من أجل إصلاح مناخ مجتمع الأعمال كي يصبح أكثر شفافية، والبعض الآخر بالدفع في اتجاه تبني المستويات الأخلاقية والممارسات العادلة في التعامل مع المجتمع.
وأشار إلى أن الحلول التي يتبناها القطاع الخاص ليست ذات طبيعة سطحية فقط، وكثير من الشركات شرعت بالفعل في النظر بعمق بحثا عن سبل تضمن عدم استدراجها إلى مناخ الفساد، وعلى سبيل المثال، فإحدى القضايا التي تواجه الشركات الناشئة، تتمثل في كيفية التأكد من أن قيادة الشركة تتابع مكافحة تسرب الرشوة عبر الشركة، بد ًءا من أعضاء مجلس الإدارة، حتى أصغر موظف في أحد مكاتب الشركة الكائنة في دولة تبعد آلاف الأميال عن مقر الشركة الأم.
وشدد هيثم تركي، على أن وضع أسس قوية لحوكمة الشركات هو أحد الطرق لمجابهة هذه المعضلةـ وهو أمر آخذ في الازدياد، ليس فقط كأداة لزيادة الكفاءة وتحسين فرص إتاحة رأس المال وتأمين الحفاظ عليه، بل أيضا كأداة فعالة لمكافحة الفساد؛ وبشكل بسيط، فعلى مستوى التعاملات اليومية، تسهم ممارسات الحوكمة في صعوبة إعطاء الرشوة وكذلك إخفائها، وعلى مستوى صنع القرار، تسهم الحوكمة في تعزيز الشفافية والمساءلة، بحيث يتضح بشكل جلي كيف تتم صناعة القرار، ولماذا.
وقال خبير الحوكمة، إن السلوك الأخلاقي للشركات نادرًا ما يعترف به كحجر الزاوية في الحوكمة الرشيدة للشركات، إلا أن الأخلاق ـ وبطرق عديدة ـ تشكل أساس سلوك مجتمع الأعمال، سواء كان ذلك على مستوى مجلس الإدارة، أو الموظفين، وبغض النظر عن موقع الشركة الجغرافي أو حجمها أو نوعية نشاطها، فالخلفية الأخلاقية في إجراءات صنع القرار يمكن ملاحظتها ليس فقط في شركة كبرى بينما في جميع مرافق الدولة المصرية وفيما يتسق مع رؤية التنمية المستدامة ٢٠٣٠ التي وضعتها القيادة السياسية.
التعليقات