بقلم :دكتور عبدالفتاح عبدالباقي
سنقوم باعادة نشر مواقف تاريخه حتي تعلم الاجيال الجديدة حقيقة فكر ال سعود. 20 مليون جنيه إسترلينى المبلغ الذى رُصد لاغتيال عبد الناصر وإفشال الوحدة مع سوريا سوريون وسعوديون وراء المؤامرة ووفقا للتاريخ الرائع والأمين للمناضل القومى والمفكر الحجازى الدكتور فوزى أسعد نقيطى «أحد الضباط الأحرار فى السعودية خلال الستينيات»، فإن وقائع هذه المؤامرة بدأت أوائل عام 1958 وفق الترتيب التالى: اتصل بعض الأفراد السوريين، بتكليف من يوسف ياسين أو تاليران السعودية، «هو شارل تاليران، وزير خارجية فرنسا فى عهد لويس السادس عشر، وكان سيئ الخلق، مرتشيا واسع الحيلة، متحللا من كل قانون أدبى. (الموسوعة الميسرة، ص 483-484). والذى أطلق اسم تاليران على يوسف ياسين هو السفير البريطانى فى جدة بلهام، المتزوج بسيدة سورية علوية»، بالنائب السورى «العلوى» عزيز عياد من أجل البحث عن عناصر فى الجيش السورى، للعمل على منع قيام الوحدة المصرية-السورية، وذلك بضرب طائرة عبد الناصر وإسقاطها، بعد مغادرته دمشق إلى القاهرة. ووصل عبد الناصر إلى دمشق يوم 24 فبراير، وتوجه من المطار إلى بيت شكرى القوتلى، وصحبه معه إلى قصر الضيافة الذى أعد لإقامته، وبدأت جماهير سوريا كلها، تزحف إلى القصر وتحيطه ببحر عارم من البشر، وظهر جمال عبد الناصر على شرفة القصر، يتحدث لأول مرة مع الشعب الذى انتخبه رئيسا له، دون أن يلتقى به مباشرة وجها لوجه، وتكرر ظهوره على الشرفة، وتكررت خطاباته للجماهير فى ذلك اليوم أكثر من عشرين مرة. وفى نهاية يوم حافل بالمشاعر الجياشة، دخل جمال عبد الناصر إلى غرفة النوم المعدة له ليلتقط أنفاسه، متصورا أن أمامه ساعات يستريح فيها قبل أن يبدأ يوما جديدا فى دمشق، خصوصا أنه كان قد عرف أن وفود الأقاليم السورية قد بدأت مسيرات شعبية عارمة تشق طريقها إلى دمشق. وصحبه إلى غرفة نومه المقدم عبد الحميد السراج، رئيس المكتب الثانى، ليقول له إن لديه موضوعا يريد أن يطلعه عليه، وسأله جمال عبد الناصر، وهو يخلع ملابسه، ويستلقى على الفراش: ألا ننتظر حتى الصباح؟ فأجابه السراج: «فخامة الرئيس، أنا أعرف أنك مرهق، ولكنى أريد توجيهك فى الموضوع الذى أريد عرضه عليك، لأنه لا يقبل الانتظار». وسأله عبد الناصر: «هل يضايقك أن أسمعك وأنا مستلقٍ على السرير؟»، ورد السراج: «سيدى إننى أريدك أن تستريح، ولم أكن لأشغلك بهذا الذى سأقوله لولا خطورته». الملك سعود استاء من وحدة مصر وسوريا وسمَّاها «الوحدة الوسخة» الولايات المتحدة اشتركت فى المؤامرة وروزفلت وضع خطتها بحماقة لا متناهية الملك سعود مرة أخرى ثم راح السراج يروى تفاصيل ما لديه، وقال وهو يخرج مجموعة أوراق من جيب سترته الداخلى ويضعها على مائدة صغيرة بجوار السرير، وقد أتى بمقعد جلس عليه قربها: «إن الملك سعود له صهر اسمه أسعد إبراهيم، والملك متزوج من ابنته، التى أنجبت له ابنا هو الأمير خالد، وأسعد إبراهيم هذا اتصل بى عن طريق وسيط، هو النائب عزيز عياد، وعرض على مبلغ مئة مليون جنيه إسترلينى، إذا قمت بانقلاب يحول دون قيام الوحدة بين مصر وسوريا قبل إعلان نتيجة الاستفتاء، وكان العرض أن يدفعوا لنا عشرين مليون جنيه إسترلينى مقدما، على أن يُدفع الباقى بعد نجاح الانقلاب، لكى يساعد على إصلاح الأحوال ومعى هنا كل الوثائق والمستندات». ونهض جمال عبد الناصر من فراشه، وأخذ مقعدا فى مواجهة السراج، وطلب إليه أن يبدأ القصة من أولها، وأن يطلعه على وثائقها، ومستنداتها، وراح يسمع، ولنصف ساعة كان السراج يتكلم دون مقاطعة، ثم سلم الرئيس جمال عبد الناصر، الذى كان يستمع مبهوتا مجموعتين من الوثائق: مجموعة لصور الشيكات، وأذونات الدفع المتعلقة بها، ومجموعة من إشارات تحركات الطائرات الملكية السعودية الخاصة التى وضعت تحت تصرف أسعد إبراهيم، والتى كانت تنتقل ذاهبة من دمشق إلى الرياض، عملية سحب الشيكات كنت أريد أن أتأكد أن قيمتها سوف تنتقل إلى حوزتنا فعلا، وكنت فى بيتى مساء ليلة أول من أمس أفكر فى الموضوع، ثم تذكرت أن جارى فى الدور الأسفل من البيت هو مدير البنك العربى فى دمشق «وهو البنك الذى تمت عن طريق فرعه فى الرياض عملية سحب الشيكات على بنك ميدلاند فى لندن»، ونزلت إليه وكانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وأيقظته من النوم، وقلت له إن لدى شيكات، وأنا أخشى أن يتدخل أحد لوقف دفع قيمتها، ولذلك فأنا أريد إتمامها الآن وأخذته إلى فرع البنك العربى المحدود فى دمشق، ومعى بعض الضباط، وهكذا فى أول ساعة من الصباح كانت عملية سحب المبلغ من بنك ميدلاند برقيا، وإيداعه باسمى فى حساب سويسرا قد تمت. . ولم يتردد عبد الناصر، هذه المرة، فى إعلان تفاصيل المؤامرة ويرويها للجماهير المحتشدة أمام قصر الضيافة، ولم تصل الحقيقة إلى هذه الجماهير وحدها، وإنما وصلت فى نفس الوقت إلى كل أطراف الأمة العربية، بما فيها السعودية. وبعد ذلك عقد السراج مؤتمرا صحفيا ومعه جهاز تسجيل، وقال للصحفيين مداعبا: «راح أسمعكم طقطوقة لأم كلثوم». «بعد أن أعلن الاتفاق على إقامة الوحدة بين مصر وسوريا، طلب النائب عزيز عياد أن يقابلنى، وقابلته، وقال لى إن صهر الملك سعود، وهو أسعد إبراهيم يريد أن يقابلنى، وأحلته إلى ضابط الشعبة الثانية، لكى يستطلع ما عنده، وطلبت أنا معلومات عنه، وعرفت منها أنه والد زوجة الملك، المعروفة بـ(أم خالد)، وأنه -أسعد- أصبح بعد ذلك من أصحاب الملايين، «ثم رأيته بعد ذلك، وجلست معه لكى أعرف بنفسى ما عنده، وراح يتكلم فى أمور عامة، ثم خلص إلى أن الملك سعود متضايق من الوحدة وسماها (الوحدة الوسخة)، وقال: أنتم ضباط الجيش مشهورون بوطنيتكم وكيف تسلمون أموركم إلى شخص عسكرى، وبكرة سوريا تزول من الوجود، وهذا (استعمار مصرى)، وأن الملك سعود يقسم برحمة أبوه الملك عبد العزيز (أن هذه الوحدة يجب أن لا تتم بشكل من الأشكال، وأنه على استعداد تام لوضع جميع الإمكانيات المادية والمعنوية لنجاح الحركة واعترافات دولية أيضا)، وحينما قلت له: ونح
التعليقات