إيمان البدوى
تداولت صحف عالمية وعربية ومحلية “غرق غواصة نووية هندية بـ3 مليار دولار لبسبب نسيان الباب مفتوح”، وبعض الصحف أعلنت إن الحكومة الهندية تجري تحقيقاً موسعاً فى حادث غرق الغواصة.
ماهي الحقيقة ؟
الخبر انتشر الأيام الماضية بعدما نشرت مجلة “ذا ناشونال إنتريست” The National Interestتقرير عنه، وبعده نقلت عنه مواقع وصحف عربية ومصرية مثلSky News Arabia سكاي نيوز عربية و اليوم السابع
الا أنإن خبر “ذا ناشونال إنتريست” كان مضلل وغير دقيق لعدة أسباب:
– بداية من العنوان، عنوان الخبر “كيف تغرق غواصة بـ3 مليار دولار: لتناسي إغلاق الباب”،
– حيث إن الغواصة النووية الهندية “INS Arihant” خرجت عن الخدمة من 10 شهور نتيجة نسيان باب مفتوح ما أدى إلى اندفاع المياه داخل مقصورة الدفع الفرعية، وتم وقف الغواصة عن العمل “لإجراء إصلاحات وتنظيف إلى جانب أعمال الإصلاح الأخرى، إذ كان لا بد من استبدال العديد من الأنابيب”. بمعني أن الغواصة لم تغرق والـ3 مليار دولار لم يذهبوا هباءا في المياه، الغواصة تعرضت لمشكلة وخرجت عن العمل فقط.
– الخطأ الأكبر الذي وقعت فيها “ذا ناشونال إنتريست” والذي نقله عنها باقي المواقع دون تدقيق، هو إنها قالت إن حديثها مستمد من تقرير لموقع “ذا هندو”
مع اضافة لينك لتقرير موقع “ذا هندو”،The Hindu وهو خبر تم نشره في 8 يناير 2018، من سنة و5 شهور وليس من عدة أيام كما نشرت “ناشونال إنتريست” في تقريرها!
** المفاجئة الأكبر إن الغواصة عادت للعمل من جديد وفي شهر نوفمبر 2018، أعلن رئيس وزراء الهند إن الغواصة INS Arihant أكملت أول دورية ردع كاملة لها، واعتبر ده إنجاز مهم للأمة الهندية في عملية الردع النووي. لكن المشكلة إن الخبر اللي نشرته “ذا ناشونال إنتريست” ومن وراها مواقع عربية ومصرية لم تعلن من قريب أو بعيد سيرة إن الغواصة عادت للخدمة
**يذكر إن “INS Arihant” هي أول غواصة تعمل بالطاقة النووية في الهند، وهي قادرة على حمل وإطلاق صواريخ باليستية ونووية. تم بناء الغواصة بالكامل في الهند بمساعدة من مصممين روس.
#متصدقش
جديرا بالذكر أنه أثناء الحرب الهندية الباكستانية 1971 ؛ أمريكا أرسلت حاملة طائرات حربية تعمل بالطاقة النووية لاخافة الهند وعليه، قام الإتحاد السوفيتي بارسال غواصة تحمل صواريخ باليستية نووية للعند
إنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند وقتها استغلت هذه الفرصة لإثبات أهمية القوة النووية، وأصدرت قرار بإنشاء أول مركز بحثي نووي في الهند سنة 1972 بعد مشوار طويل بدأه أبوها نهرو- أول رئيس وزراء هندي بعد الإستقلال عن انجلترا – في التخطيط والترتيب من بعد الحرب العالمية التانية لتصنيع طاقة وأسلحة نووية في الهند،
وبالفعل تتوالى الإنجازات النووية من وقتها، مثلاً عملية “بوذا المبتسم” Smiling Buddha سنة 1974 التي تم اختبار أول قنبلة نووية هندية فيها ، وسنة 2004 تبدأ عملية إنزال أول غواصة نووية لكي تبدأ رحلة تجارب طويلة قبل ما يتم اطلاقها بشكل رسمي.
بعد سنوات طويلة وتحديداً في 2016 تظهر للنور الغواصة النووية الهندية بالكامل دي INS Arihant ومن بعدها أكثر من ا غواصة ت، وتفرح الهند وتحتفل بفخرها وإنتاجها وتقلق جيرانها مثل الصين وباكستان من القوة الجديدة .
وتأتي الجريدة الأشهر في الهند The Hindu تخرج علينا بخبر عجيب جداً في يناير 2018 عن إن الغواصة Arihant اللي اتبنت بتكلفة 600 مليون دولار (التلاتة بليون اللي في الخبر اللي بيلف الفيسبوك من إمبارح تكلفة المشروع كله = أربع غواصات) باظت السنة اللي فاتت
وقد فند خبراء في مجال الغواصات في صحف ومنصات إعلامية هذا الأمر بالتفصيل التقني الممل،؛ إن هيكل الغواصة تحديداً مبنية على طراز روسي مكون من قطعتين مثل الصَدَفَة يغلقوا على بعض، ولا يوجد أي باب أو منفذ للغواصة غير الدخول والخروج وإن الغواصة تعمل بمفاعل نووي صغير أي لا تحتاج للشحن
أما من الناحية الصحفية فهو خبر ساذج جداً لأنه غير معتمد على مصدر وخصوصاً إنه في نوفمبر 2018 لما أتمت الغواصة أول جولة طويلة ليها تحت سطح البحر نفس الجريدة The Hindu كتبت خبر عنها يحكي تفاصيل رحلتها دون التعرض من قريب أو بعيد للحادثة المزعومة دي.
ولا يوجد سبب واضح لهذه الاشاعة لكن هناك تكهنات كثيرةجداًمن ألطفها هو الخوف من استفزاز جيران الهند الأقوياء مثل الصين (رغم وجود اتفاقيات واضحة بين الدولتين زي No First use .
وقد تكون الصين هي المتسببة في الإشاعة من أجل ضرب البرنامج النووي الهندي المحلي في مقتل، أو إن أمريكا السبب في الاشاعةحتي لا تضر ب تجارتها (الشرعية والغير شرعية) للأسلحة النووية عندما تنتج الدول أسلحتها بنفسها
التعليقات