العقد…. (كم عقد حول رقبتك)
يحكى جي دي موباسان الكاتب الفرنسي قصة ” مداد لوزايل” هي إمرأة فقيرة جميلة كانت تحلم بالغنى والثروة ولكنها تزوجت من رجل من عامة الشعب, دخله قليل, وكانت لها صديقة غنية وتزوجت بالطبع من رجل من نفس طبقتها…
جاء زوج ” لوزايل” في يوم وأخبرها أنهما مدعوان لحفل مديره في العمل … فأخبرته أنها ليس لديها ثياب مناسبة … فأشترى لها ثوب .. ثم اخبرته أنها ليس لديها مجوهرات ترتديها ….. فاقترح عليها زوجها أن تقترض مجوهرات من صديقتها الغنية … وبالفعل ذهبت لصديقتها وأقترضت منها عقداً غاليا… وبعد انتهاء الحفل اكتشفت مدام (لوزايل) ضياع العقد … لم تدر مدام لوزايل وزوجها ماذا يفعلان .. فلم يكن منهما إلا أن طافا بالأصدقاء والتجار واقترضوا مبلغا من المال ليشتروا شبيها لهذا العقد. ونتيجة هذا القرض الضخم ظلت مدام (لوزايل) وزوجها يعملان لعشر سنوات .. تنازلت فيهم عن اعتزازها وحفاظها على جمالها وعملت بكل المهن .. وفي يوم قابلت صديقتها القديمة, وكانت لم ترها من سنوات… سألتها صديقتها الغنية:- كيف حالك؟وماذا حدث لك لقد تغيرت؟ وأصبحت أكبر من عمرك الحقيقي.
أجابتها مدام (لوزايل) هذا لأنني منذ عشر سنوات أُكفر عن خطأ غير المقصود في حقك؟ اندهشت الصديقة: وسألتها لماذا؟!! أخبرتها مدام (لوزايل) :- أن عقدها الاصلي ضاع منها في الحفل … فأضطررت لشراء شبيه له بألاف. حزنت صديقتها الغنية وقالت لها يا لك من مسكينة .. عقدي لم يكن أصلياً وثمنه لا يتجاوز 500 فرنك.
توقفت طويلاً أمام هذه القصة.. كم عقد نلفه حول رقبتنا … كم عقدة ذنب نعيش ونتعذب بها… أعرف شخصيات تؤنب نفسها على كل صغيرة وكبيرة … شخصيات تبحث دائما عن رضا الاخرين ولو على حساب نفسها وشخصيات تمارس جلد للذات وكأنها تستمع به.. وتعيش تحمل داخلها عقدة ذنب ربما لم يكن ذنبها وحدها أو ربما لم يكن بذنب أصلاً… وقد يكون صاحبة الحق الذي نشعر بالذنب في حقه.. لا يعلم شيء عما نعانيه. كلنا بشر .. نخطئ ونصيب.. نخطئ لنتعلم لا لنندم ونتعذب. العفو من شيم الكرام .. كلام حقيقي ولكن كيف يمكننا أن تعفو عن الناس ونحن لا نستطيع العفو عن أنفسنا أولاً …. نجلد أنفسنا …. وإذا ما أخطأ الغير جلدناهم أيضاً…. تصالحوا مع انفسكم … أحبوها.. اعذروها .. بالبلدي طبطبوا على قلوبكم علشان ترتاحوا وتعرفوا تريحوا غيركم.
التعليقات