Site icon جريدة البيان

عندما طلب مني صديقي الصحفي الملحد ( سبحة ) من السيدة نفيسة

 

بقلم عاطف عبد الفتاح

لم تنته حكاياتي مع الملحدين.. فقد عاشرتهم سنين طويلة كثيرا ما صارعوني و لكنني دائما ما كنت اصرعهم بالحجة و البرهان حتي تحولت إلي رعب دائم في حياة الكثيرين منهم .. وفي هذا المقال اسرد لكم حوار شائك مع متبجح يفتح الله على يديه

هذا الحوار كان مع زميل علماني (ملحد، وهو صحفي مميز).. كانت البداية بخناقة في رمضان لما أخبروني أنه قال: من أراد أن يصوم فليختبئ. أنا أشرب سجاير وآكل براحتي.. هذه حرية شخصية.

فذهبت إليه، وصحت به: أليس الصيام حرية شخصية؟! الله أعطاك الحرية في الإيمان والكفر، فتأدَّبْ؛ يمكن ربنا ينوّر طريقك، ويقول لك تعالَ، فتروح.
وعلى غير عادة الملحدين، رأيته يُحني رأسه، ويكسر طرفه، وكان ردُّ فعله أنه امتنع عن التدخين في نهار رمضان، وهو ما أدهشَني.
سريعًا ما بدأت علاقتنا تتطور عندما زرت السيدة نفيسة، وأحضرتُ سبحة، ووجدتُه يُلِحُّ على أن يمسكها وأنا أرفض، وأقول له: أنت ملحد.
وبنهاية اليوم، لم أجد السبحة، فعرفتُ أنه سرقَها (هكذا باللفظ)، واستأذن مبكرًا. وفي اليوم التالي دار بيننا هذا الحوار، وكان بتلقائية.. أكد لي في بدايته أنه لن يجادل، ولكن سيعرض الأمر على عقله؛ ليقبله، أو لا.
قلت: الأهم القلب، وليس العقل؛ لأن الإيمان قلبي وليس قناعة.
قال: بل العقل الأهم.
قلت: عمومًا لو وجدت أي تناقض مع العقل، فاعلم أنه ليس دينًا من الله خالق العقل.
سألني: لماذا خلق الله الشر؟
قلت: الله لم يخلق الشر، ولكننا نحن من نصنعه. السكينة مثلاً نحن من نقتل بها.
فعاد، وسأل: لماذا تلزمني أن أؤمن بغيبيات لا أراها لأقتنع بها؟
أجبته: من قال إنك ملزم.. الله قال في كتابه الكريم “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”. الملزم هو المؤمن فقط، وأنت اخترت الإلحاد.
قال: هل من المنطق أن أصدق بأشياء لا أدركها؟
قلت له: كم يصل إدراك الإنسان للأشياء؟ هل توصَّلَ مثلاً إلى معرفة الروح التي هي أساس حياته؟! هناك فرق بين خرافة أو أسطورة، وبين ثقة ويقين يثبتهما العلم بعد ذلك.
وتابعتُ: أما لماذا يجب أن يصدق المؤمن بالغيبيات؛ فلأن هذا هو الإيمان.. التصديق المطلق بما لا تراه ولا تعرفه؛ ثقة فيما أخبرنا به. أما لو آمنتَ بما تراه فقط، فهذا علم به لا إيمان.
قال: وإن لم أصدق، هل سينقص في ملك الله فرد من المليارات؟
قلت: هذه هي النقطة الأهم.. أن الإيمان لك وليس لله. فلو أن إلهًا تحقَّقَ له نفع أو ضرر من بشر، فهو ليس بإله.
تَفحَّصَني بقلق، وقال: أرجو ألا تتضايق من أسئلتي، ولكني أريد أن أقتنع وأفهم.
قلت: لا أفق في التفكير.. فالله يأمر الإنسان بأن يستخدم عقلك إلى آخر طاقته.
سأل: بما أن كل شيء مُقدَّر، لماذا يعذبنا الله على الخطأ، ويرمينا في جهنم؟
قلت: أولاً الله لم يخلقنا ليعذبنا.. الله نفخ في الإنسان من روحه. متخيل؟ هذا التكريم لم ينلُه مخلوق إلا الإنسان؛ لتعرف مدى ارتباطنا بالله ومدى حبه لنا، كما أن الله اختار لأول إنسان الجنة سكنًا له، وجعل ملائكته خدامًا له بعد أن أسجدَهم تكريمًا له. ثانيًا هل الله يرغمك على فعل الحرام؟ هو أوضح لك الصواب والخطأ، ثم تركك تفعل ما شئت، وأخبرك أنه سيحاسبك.. وحتى جعل للحساب نظامًا، بل أنظمة: الحد الأدنى للحسنة عشرة أضعاف، وتصل إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف لا حصر لها، والسيئة بسيئة واحدة إن فعلتَها، وإن لم تفعلها، كُتِبَت حسنة. وبعد كل ذلك من تاب إلى الله لو بقلبه فقط، تُمحَى السيئات، ويتحوَّل رصيدها إلى حسنات. هل رأيتَ معاملة مثل هذه؟!
قال: لا.
سكت برهة، ثم قال: لماذا لا يكلمنا الله، وجعل بيننا وبينه واسطة؟
قلت بحماسة: هل تريد أن يكلم الله مليارات البشر؟ وكلما وُلِدَ إنسان يكلمه، ويظل يكلمه ويكلمنا طوال الليل والنهار، ويجري حوارات مع كل البشر؟!! هل هذا منطق؟!
سكت، فأكملتُ: ومع ذلك فإن الله فعل هذا.. تخيل.
حملق بي في ذهول: كيف؟!!!
قلت: حاول أن تفتح كتابه الكريم، وتقرأه، ستجده يكلم جميع البشر وعلى مر العصور في كل شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا، ويوضح له ماذا يفعل. فكِّرْ في كل شيء حرَّمه الله، ستجد وراءه مصيبة تدمر الإنسان. أنت مثلاً بأمانة ما رأيك فيما يفعله الخمر بكم غير اللحظات التافهة التي تحس فيها بسعادة وهمية؟ موضوع الزنا عندكم هل تشعر معه بأنك إنسان سَوِيٌّ ومستقر؟
رد وهو يتنهَّد: لا.
قلت: شيء آخر بمناسبة الحديث مع الله.. هو لا يتكلم ونحن نسمع فقط، بل من حق أي إنسان في أي وقت أن يكلم الله، ويسمعه.. في الصلاة.. في الدعاء.. أو يكلمه كلامًا عاديًّا ومباشرًا.
قال: يعني أنا لو دعوت الله أن يجعلني متدينًا وأنا مصرٌّ على الإلحاد، هل سيرغمني على هذا؟
قلت: إن صدقتَ، فإن دعاءك سيهتزُّ له عرش الرحمن.. “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ”.
وكان هذا الحديث ختام حواري مع زميلي، الذي بدأت معرفتي به بخناقة، ودون أن يخبرني رغم توطُّد علاقتنا، عرفتُ أن الله فتح على يديه في معقل الملحدين. حقًّا “ما محبة إلا بعد عداوة”.

اقرأ أيضًا:
حكاياتي مع الملحدين.. من خلق الله؟
حكاياتي مع الملحدين.. أينشتاين الإلحاد (2)
حكاياتي مع الملحدين.. أهم سمات التنويريين والتحويريين (1)

Exit mobile version