Site icon جريدة البيان

عمـــــــاد عنــان يكـــتب ….انتفاضـــة الكيـــل بمكياليــــن

 

لا ينكر أحد ممن تربى فوق تراب هذا الوطن وكبر تحت سماءه أن ما قام به مالك وشادي من سخرية ببعض جنود الشرطة خلال الاحتفال بذكرى ثورة 25يناير بميدان التحرير سلوك أقل ما يقال عنه أنه ” قليل الأدب” يعبر عن سوء خلق من قام به، والجميع بلا استثناء يرفضه شكلا ومضمونا مهما كانت مبررات من قام به.

 

 

لكن في نفس الوقت دعونا نقف على الجانب الأخر لعلنا نشاهد الواقعة من دائرة أوسع نسبيا..أليس من المثير للجدل ويفرض العديد من التساؤلات التي تبحث عن إجابة هذه الانتفاضة الشعواء والاوركسترا العجيبة التي عزفت ليل نهار على قيمة الأدب والأخلاق وضرورة احترام رجل الشرطة ..

 

 

وما إلى غير ذلك من الدروس الحميدة في الأخلاق السديدة، والتي قدمها أباطرة الفكر الدعوي من إعلاميينا الأجلاء إلى الحد الذي علّق فيه الداعية الكبير سيد علي على هذه الواقعة بقوله : لولا الشرطة كان زمانك لقيت الواقي الذكري بجوار امك “..

 

قلنا مرارا وتكرارا – وحتى لا يتفوه المتنطعون – أن م احدث غير مقبول، لكن بالرغم من الإجراءات التي تم اتخاذها لمعاقبة مالك وشادي فضلا عن البلاغات المقدمة ضدهما في محاولة لتقليم أظافرهما على جرأتهما على رجال الشرطة إلا أن المجتمع بجميع طوائفه قد شحذ طاقاته الأخلاقية لمعاقبة الشابين حتى سمعنا تصريحات الداعية وفاء عامر وهي تتهمهما بأنهما ” غير متربيين” وأنهما ” عديمي الأخلاق” ولابد من عقابهما، بل طالب أحد الإعلاميين بالرجم عقابا على ما اقترفاه.

 

كل هذا جميل ومقبول في ظل انتفاضة الأخلاق التي خرجت من عروق فنانينا وإعلاميينا وسياسيينا..لكن هناك سؤال واحد فقط أتمنى لو أجابني أحد عليه: لماذا لم نرى هذه الانتفاضة المحمودة ضد انتهاكات بعض رجال الشرطة للمواطنين؟

 

أليس هناك انتهاكات تخدش الحياء تمارس داخل أقسام الشرطة وخارجها؟ لماذا لم ينتفض أحد لتقييد ضابط مرور بالإسكندرية لأحد السائقين بسيارته الأجرة وبات مثار سخرية من كل المارة؟ لماذا لم ينتفض أحد لاغتصاب الفتيات هنا وهناك؟

 

لماذا لم ينتفض أحد لمقتل العشرات داخل الأقسام وهو ما أثبتته تقارير حقوق الإنسان؟ لماذا لم نجد هذه الانتفاضة ضد التجاوز المتفشي من بعض رجال الأمن في الكمائن واللجان؟ أم أن هؤلاء لا يجوز الانتفاضة عليهم بحكم مناصبهم؟..

 

لا نقول أن جهاز الشرطة بأكمله به هذه التجاوزات، لكن القليل منهم قد يسيء للمجموع، فلماذا لم نسمع عن محاكمات ضد مرتكبي هذه التجاوزات؟ لماذا لم نرى المحامي سمير صبري ينتفض كعادته لرفع قضية ضد أحدهم؟

 

لماذا لم نجد الإبراشي أو سيد علي أو غيرهم يستضيفون ضحايا التعذيب ويتقدمون ببلاغات على الهواء مباشرة؟ لماذا لم يطالب أحد من هؤلاء باعتذار رسمي من المتجاوزين؟…

الإنسانية يا سادة لا تتجزأ..والضمير الحي دوما يقظ..أما الضمير الذي ينتفض لشخص ويغض الطرف عن آخر فليس بضمير وصاحبه ليس بإنسان….

Exit mobile version