الإثنين الموافق 07 - أبريل - 2025م

عماد عنان يكتب: هل آن الآوان أن يخرج التطبيع البحريني الإسرائيلي للعلن؟

عماد عنان يكتب: هل آن الآوان أن يخرج التطبيع البحريني الإسرائيلي للعلن؟

في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلنت مملكة البحرين أنّ وفداً إسرائيلياً سيشارك في اجتماع لجنة التراث العالمي الذي تنظمه منظمة “اليونيسكو”، وتستضيفه المنامة خلال الفترة من 24 يونيو/حزيران الجاري، إلى 4 يوليو/تموز المقبل، برعاية عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة حسبما أوضحت هيئة الثقافة والآثار.
منير بوشناقي، مستشار التراث العالمي بهيئة البحرين للثقافة والآثار (حكومية)، برر حضور الوفد الإسرائيلي بأن “هذا اجتماع دولي، ومنظمة اليونيسكو هي التي تنظمه، ومملكة البحرين هي مستضيف للاجتماع فقط”، مضيفًا أنّ “أي دولة في الأمم المتحدة لها الحق في المشاركة في هذه الاجتماعات”.

 

 

وبشأن العدد المتوقع للوفد الإسرائيلي المشارك، أوضح بوشناقي، في تصريحات له لصحيفة “أخبار الخليج” البحرينية، أنه” لم يتحدد عدد أعضائه حتى الآن ولكن هناك وفد سيأتي كما حدث في بقية الاجتماعات الأخرى، وفي المقابل هناك وفد فلسطيني سيشارك أيضا في الاجتماعات”.

 

 

 

ورغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية تربط البحرين بدولة الاحتلال إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها المنامة بشكل علني عن استضافة وفد إسرائيلي.. فهل تسير المملكة على أعتاب الجارة السعودية وتطرق أبواب التطبيع العلني مع الكيان الصيهوني بعد عقود طويلة من التأرجح على سلالم التقارب السري؟ وماذا عن موقف الشعب البحريني من هذه التحركات؟

 

 

 

إرهاصات مبكرة

 

هرولة البحرين نحو التطبيع مع إسرائيل ليس وليد اليوم، فالبداية ترجع إلى عام 1994حين زار يوسي ساريد وزير البيئة الإسرائيلي المنامة على رأس وفد كبير، تحت ذريعة المشاركة في مؤتمر يتناول قضايا البيئة، وأثارت تلك الزيارة حينها جدلا كبيرا في الشارع العربي والبحريني على حد سواء.

 

 

وبعدها بست سنوات تقريبًا وفي عام 2000عقد في دافوس لقاء بين ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة والرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس، أثمر فيما بعد عن قرار المنامة إغلاق مكتب مقاطعة إسرائيل في البحرين، لتبدأ بعدها رحلة التطبيع بشكل ودي وإن لم تخرج للعلن بصورة رسمية.

 

 

في 2008 التقى ملك البحرين شخصياً مع بيريز وتسيبي ليفني، التي كانت وزيرة الخارجية يومذاك، على هامش مؤتمر «الحوار بين الأديان» في نيويورك، فيما أعلن الحاخام أبراهام كوبر رئيس «مركز إيلي فيزنتال» الأمريكي، أنه التقى بالملك وسمع منه تأكيدات صريحة حول حق مواطني البحرين بزيارة إسرائيل.

 

 

في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، زار وفد من إحدى الجمعيات البحرينية يضم 24 شخصاً، دولة الاحتلال، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها وفد بحريني الأراضي المحتلة بشكل علني بشكل علني للمرة الأولى، في حين قالت الجمعية البحرينية إنّ وفدها الذي زار إسرائيل “لا يمثل أي جهة رسمية”.

 

 

في 10 مايو/أيار الماضي، دافع وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها عبر تدمير “مصادر الخطر”، وفي تغريدة له عبر حسابه الرسمي على “تويتر” بعد ساعات من إعلان تل أبيب استهداف خمسين موقعاً تابعًا للقوات الإيرانية في سورية، كتب يقول ” طالما ان ايران اخلّت بالوضع القائم في المنطقة و استباحت الدول بقواتها و صواريخها ، فإنه يحق لأي دولة في المنطقة و منها اسرائيل ان تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر”

 

 

وفي الشهر ذاته، كشفت اللجنة الأولمبية الفلسطينية عن مشاركة دراجين بحرينيين في ماراثون أُقيم بإسرائيل، معتبرة إياها “سابقة تنطوي على درجة عالية من الخطورة تصل حد الخيانة العظمى لنضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته”.

 

 

دعم ملكي ومعارضة شعبية

 

“الملك حمد آل خليفة كلف ولده الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، قائد الحرس الملكي ورئيس المجلس الأعلى للرياضة في البحرين، بالمسؤولية عن دفع التطبيع مع تل أبيب قدماً”.. بهذه الكلمات دافع المعلق البارز في صحيفة “يسرائيل هيوم” اليمينية الإسرائيلية، المقربة من ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ إلداد باك، عن الدعم الملكي البحريني للتقارب مع تل أبيب، وإن كان يواجه بمعارضة جماهيرية كبيرة.

 

 

الصحفي الإسرائيلي الذي زار المنامة في إبريل الماضي، وفي تقرير مطول نشرته الصحيفة، قال إن من “ضمن الخطوات التي سيقدم عليها لتعزيز التطبيع مع تل أبيب، إرسال ناصر فريقا رياضيا من المنامة للمشاركة في سباق “جيرو داتليا” لسباق الدراجات الذي سينظم في إسرائيل”، مشيرا إلى أن الأمير قام بـ”تجنيد لاعبين أجانب” للمشاركة في السباق باسم البحرين في السباق، كما ذكر أنّ الملك أرسل ناصر قبل عامين إلى “متحف التسامح”، التابع لمركز “شمعون فيزنتال” اليهودي في لوس أنجليس، مشيراً إلى أن ناصر وقف أثناء إنشاد النشيد الوطني الإسرائيلي “هتكفاً”.

 

 

وكانت وثائق “ويكليكس” قد كشفت النقاب عن أن العاهل البحريني “تباهى”، في لقاء جمعه بالسفير الأميركي في فبراير/شباط 2005 بالمنامة، بأن هناك علاقة عمل قوية تربط البحرين بجهاز المخابرات والمهام الخاصة الإسرائيلي “الموساد”، وأنه يدرس توسيع نطاق العلاقات مع إسرائيل إلى مجالات أخرى، وهو ما حرص باك على استدعاءه في تقريره المنشور.
وأوضح أن الملك أقدم على خطوة مثلت “بادرة حسن نية” تجاه إسرائيل والمنظمات اليهودية الأميركية، عندما أمر بتعيين اليهودية هدى نونو، سفيرة للبحرين في واشنطن، لافتاً إلى أن الملك عزل نونو من منصبها في أعقاب توجيهها انتقادات حادة لمظاهر سلوك الأمير ناصر في الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن وسائل الإعلام البحرينية التابعة للنظام تتبنى خطاباً معتدلاً إزاء إسرائيل “وتكثر من اقتباس وسائل الإعلام الإسرائيلية”.

 

 

وفي المقابل كشف الصحفي العبري عن رفض شعبي كبير تجاه الهرولة نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، حيث نقل عن نخب بحرينية مثقفة قولها إنّ “موقف العائلة المالكة من إسرائيل يتناقض تماماً مع موقف غالبية الشعب البحريني”. وأضاف: “لقد قالت إحدى الشخصيات الكبيرة في المنامة إنها تفضل أن تموت أمها على أن ترسلها للعلاج في إسرائيل”.

 

 

كما شدد على أنه من خلال المقابلات التي أجراها داخل البحرين، فإن أكثر ما يوحد الشيعة والسنة في البلاد هو “الكراهية العمياء لإسرائيل”، لافتاً إلى أنه حتى “القلائل الذين يبدون انفتاحاً إزاء اليهود يظهرون عداءً واضحاً تجاه إسرائيل”، ناقلا عن أحد أفراد العائلة المالكة قوله إنّ “العداء الكبير الذي يكنّه البحرينيون لإسرائيل تجعله يؤمن بأن فرص تحقيق التطبيع معها غير واقعية”.

 

 

“هذه هي البحرين”

 

تعد جمعية “هذه هي البحرين” رأس حربة التطبيع في المملكة، وحاملة لواء الدفاع عن تحسين العلاقات مع تل أبيب بدعوى السلام والتعايش بين الثقافات، وهو ما أهلها لأن تصبح في أقل من عام الجمعية الأولى في البحرين التي استطاعت أن تخطف الأضواء الإعلامية – داخليا وخارجيًا.

 

 

الجمعية التي أعلن تأسيسها في مايو/آيار 2017 ، من خلال حفل رسمي بفندق “فور سيزونز” برعاية ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وبحضور مسؤولين حكوميين بارزين في مقدمتهم وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل بن محمد علي حميدان ، تحظى برعاية رسمية وتعنى بإشاعة ثقافة السلام والتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة، قدمت نفسها للمجتمع البحريني والإسرائيلي على حد سواء، بعد زيارة علنية قام بها وفد منها إلى تل أبيب في ديسمبر/كانون الأول 2017.

 

 

العديد من الأنشطة اللافتة تقوم بها الجمعية، غير أن أبرزها على الإطلاق زيارة وفد منها يضم 24 فردا إلى إسرائيل وتجوله في القدس القديمة وبشكل علني للمرة الأولى، وهو ما لاقى ترحيبًا غير مسبوق في وسائل الإعلام العبرية، وبحسب تقرير أعدته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي فإن الزيارة، التي استمرت أربعة أيام، هدفها تحقيق رسالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة حول التسامح والتعايش والحوار بين الديانات المختلفة.

 

 

الملفت للنظر والمثير للتساؤل في ذات الوقت أن الزيارة جاءت في الوقت الذي تستمر فيه حالة الغضب الشعبي العربي والفلسطيني على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل، ورغم تنديد الخارجية البحرينية بهذا القرار إلا أن ذلك لم يمنع الوفد البحريني من الوصول إلى دولة الاحتلال في زيارة علنية.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80869718
تصميم وتطوير