Site icon جريدة البيان

عماد عنان يكتب: معركة سعودية إيرانية حول زيادة إنتاج النفط.. لمن تكون الغلبة؟

أثار تبني روسيا والسعودية مقترح لزيادة الإنتاج من النفط حالة من الجدل داخل منظمة “أوبك”، بينما تعترض 4 دولة أعضاء (إيران – الجزائر – فنزويلا – العراق) على هذا المقترح الثنائي الذي يتعارض مع سياسة خفض الإنتاج المتفق عليها قبل عامين، ما أحدث حالة من الانقسام داخل المنظمة.

 

 

المقترح الروسي السعودي الذي يهدف إلى زيادة نفط أوبك من 500 ألف إلي 1.5 مليون برميل في اليوم اعتبارًا من الأول من يوليو/تموز جاء استجابة لضغوط أمريكية مارسها الرئيس دونالد ترامب لزيادة سقف الإنتاج بدعوى تعويض صادرات إيران وفنزويلا من النفط بسبب عقوباتهما.

 

 

وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال إن موسكو والرياض اتفقتا على التعاون في سوق النفط، لافتًا إلى أن هذه الشراكة الثنائية تمكنهم من التدخل في سوق النفط كما يرونه مناسبًا، وتابع “الآن بإمكان السعودية وروسيا زيادة إنتاجهما من النفط، لأن الدولتين تنتجان أقل من طاقتهما”.

 

 

وكانت منظمة أوبك قد وافقت في اجتماعها الرسمي في 30 من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 في فيينا للمرة الأولى منذ عام 2008 على خفض الإنتاج من خلال المساعدة على رفع الأسعار عن طريق خفض الفائض من إمدادات النفط في الأسواق، ثم انضمت روسيا و9 منتجين آخرين إلى هذا الاتفاق في أواخر عام 2016، وبموجب الاتفاقية تعهدت الدول الموقعة بتخفيض الإنتاج بما مجموعه 1.8 مليون برميل في اليوم، أي نحو 2% من إجمالي إنتاج النفط العالمي، ومن المقرر أن تسري هذه الاتفاقية حتى نهاية العام الحاليّ.

 

 

 

الجمعة المقبلة من المقرر أن تجتمع المنظمة لدراسة المقترح السعودي والروسي، بعد فشل اجتماع الأمس التمهيدي بين منتجي الخليج، رغم اعتراض عدد من الدول عليه، وهو ما يدفع للتساؤل بشأن مدى نجاح الضغوط الممارسة لا سيما من موسكو لإجبار طهران على الموافقة على هذا الاقتراح.

 

 

 

تباين خليجي

 

لم يلق المقترح الروسي السعودي القبول من معظم أعضاء أوبك، حتى من بين الخليجيين أنفسهم، ففي النقاشات التي أجريت مساء أمس الثلاثاء، نقلت “رويترز” عن مصدرين مطلعين قولهما إن منتجي النفط الخليجيين لم يتفقوا خلال المحادثات بشأن الحاجة إلى أي زيادة في إنتاج الخام.

 

 

كما نقلت وكالة أنباء الكويت (كونا) الرسمية عن وزير النفط بخيت الرشيدي قوله إنه لا توجد حتى الآن تصورات محددة بشأن رفع أو تخفيض سقف الإنتاج، مضيفًا أن الدول الأعضاء في أوبك والمنتجين المستقلين لن يتحدثوا في فيينا عن مستويات الأسعار.
وعلق على ذلك قائلًا “أوبك والدول المنتجة للنفط من خارج أوبك لا تتحدث عن مستويات الأسعار، وإنما عن معدلات الإنتاج وما يحقق الاستقرار في السوق ويمنع تقلبات الأسعار”.

 

 

طهران ترفض

في الوقت الذي نقلت فيه وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن مصدرين القول إن إيران تريد أن تبحث نطاق التعديلات المحتملة على إنتاج النفط في إطار اتفاق عالمي مع روسيا، وطهران ربما تشارك في لجنة متابعة وزارية مشتركة بين أوبك ومنتجين من خارجها، قال ممثل إيران في الهيئة التنفيذية لمنظمة أوبك إن طهران وبدعم من العراق وفنزويلا سترفض أي مقترح من السعودية وروسيا لزيادة الإنتاج.

 

 

حسين كاظم بورأردبيلي وفي مقابلة مع موقع “بلومبيرغ نيوز” الأمريكي نقلتها وكالة “إرنا” الإيرانية، قال إن 3 من الأعضاء المؤسسين لمنظمة أوبك سيقفون بوجه هذا الاقتراح، في إشارة منه إلى العراق وفنزويلا بجانب الجزائر، لافتًا إلى أن اعتماد الاقتراح سيتطلب موافقة المنظمة، محذرًا أنه إذا كانت السعودية وروسيا تريدان زيادة الإنتاج بمفردهما، فإن اتفاقية التعاون بين دول المنظمة ستنهار.

 

بدوره عزا وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنكنه الأزمة التي تشهدها أسواق النفط في العالم إلى أبعاد سياسية وليست اقتصادية كما يحلو للبعض أن يصورها، متهمًا ترامب بالوقوف خلف هذه الأزمات، قائلًا إن معظم المشاكل الراهنة في أسواق النفط ناجمة عن التوترات السياسية التي يثيرها الرئيس الأمريكي على الصعيد الدولي، مضيفًا “ترامب وفي سياق تطوير شركة “شيل أويل” يوافق على زيادة أسعار النفط، لكنه يشن هجومًا على منظمة أوبك ليتهرب من ضغط الرأي العام إثر زيادة الأسعار خاصة عقب انسحابه من الاتفاق النووي”.

 

 

زنكنة أكد في أكثر من تصريح له أن أوبك ليست منظمة أمريكية، ولا ينبغي استخدام النفط كسلاح أو أداة سياسية ضد دول أخرى، مشيرًا خلال مقابلة له مع عدد من الصحفيين في فيينا أن أي قرار في أوبك يتطلب إجماعًا بين أعضائه، مضيفًا: “لا أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق في هذا الاجتماع، النقطة التي أود ذكرها هي أن منظمة أوبك منظمة مستقلة وليست منظمة أمريكية”.

 

 

وتابع: “أوبك ليست جزءًا من وزارة الطاقة الأمريكية، وليست منظمة تأخذ الأوامر من ترامب وتنفذها، هذه نقطة مهمة جدًا، يعتقد ترامب أنه يستطيع أن يأمر أوبك، ويخلق مشاكل لسوق النفط بفرض عقوبات على عضوين مهمين في المنظمة ومنتجين مهمين للنفط، والآن يريد من أوبك ويتوقع أن تغير المنظمة الأمور، لا أعتقد أن هذا عادل”.

 

 

 

وأشار أيضًا “المهم بالنسبة لنا وبعض الأعضاء الآخرين في أوبك أن تكون سوق النفط غير سياسية”، مضيفًا أن سوق النفط تصب في مصلحة المستهلكين والمنتجين إذا كان مبنيًا على مبدأ العرض والطلب، النفط ليس سلاحًا وأداة سياسية للاستخدام ضد البلدان الأخرى، سواء المنتجين أم المستهلكين”.

 

 

يذكر أنه في مايو 2017 أعلنت طهران زيادة حجم الإنتاج النفطي لها إلى 4 ملايين و700 ألف برميل في اليوم، في إطار سياستها الجديدة المستندة إلى عدم الاعتماد على جنوب شرق آسيا في صادراتها النفطية، بل تسعى إلى تنويع جهات التصدير لتشمل إفريقيا وأوروبا.

 

ومن ثم فإن الدفع بزيادة الإنتاج من النفط لا شك أنه سيلحق أضرارًا بالغة بالاقتصاد الإيراني الذي يعاني من أزمات جراء العقوبات المفروضة عليه، وفي المقابل لا يجوز تمامًا استبعاد احتمال وجود حوافز سياسية وراء نية السعوديين زيادة الإنتاج، لكن الاعتبارات الاقتصادية لها دور أكبر بكثير في هذا السياق.

 

الرياض بحاجة إلى الحفاظ على استقرار سوق النفط من أجل مصالح المملكة الاقتصادية، إذ إن خطر تضخم سوق النفط بسبب أسعاره المرتفعة قد يؤدي إلى تراجع الطلب، وفي ظل هذه الظروف لن تقتصر مخاوف السعودية على إيران فقط، فالتداعيات الناجمة عن تراجع الأسعار هبوطًا لا تقل خطورة عن ارتفاعها صعودًا بشكل مفاجئ.

 

ومن ثم فمن المرجح أن تستخدم طهران الفيتو الرباعي في مواجهة المقترح السعودي الروسي خلال اجتماع الجمعة القادمة في فيينا، وإن كانت التقديرات تشير إلى تنسيق إيراني روسي محتمل – وهو ما ألمح إليه بعض الخبراء – لبحث مسألة زيادة الإنتاج بصورة تدريجية بما يحافظ على مصالح جميع أعضاء المنظمة.

Exit mobile version