Site icon جريدة البيان

عماد عنان يكتب: سوزان القليني.. شكرًا من أعماق قلبي

قبل أسبوع من الأن ماكان لي أن أكتب هذا المقال، فشهادتي في حقها مجروحة بكل المقاييس، كونها المشرفة على رسالة الماجستير الخاصة بي، لكني اليوم وقد تحررت من قيود المداهنة والتملق بغية المصلحة المشتركة بيننا بصفتي طالبًا في زمرة باحثيها، ارتأيت أن أخط بقلمي تلك الكلمات.
ربما لم يحالفني الحظ في التتلمذ على يديها إبان فترة الجامعة، حيث كنت في إعلام القاهرة بينما كانت في جامعة عين شمس، لكن اسمها لم يفارق مسامعي منذ أن التحقت بسوق العمل الإعلامي، وبين أروقة العمل الأكاديمي المختلفة على منصات البحث والدراسة كثيرًا ما طالعت أبحاثها قراءة ودراسة.
ظل الإسم محفورًا في الذاكرة حتى قبل خمسة أعوام، حين التحقت بدبلومة الإعلام بمعهد البحوث العربية، وهناك التقيتها لأول مرة وجها لوجه، شدني بداية الأمر مظهرها المنمق، إذ تجمع بين الأناقة والبساطة، مغرورة حد التواضع، وتواضعها يعانق السماء تكبرا، ابتسامتها لا تفارق محياها، فتذيب جليد القلق والترقب بينها وبين كل من يقابلها.
جذبني أسلوبها الأكاديمي الشيق، وبساطتها في الشرح والطرح، فكانت كالسهل الممتنع، وكانت موادها المُدرًسة الأقرب لقلبي قبل عقلي، هالني هذا النموذج الذي اجتمع فيه الهيبة والوقار والاتزان والحكمة، فكان اختياري لها مشرفة على رسالتي قرارًا لا أملك رفاهية التفكير فيه.
منذ الوهلة الأولى وجدت يدا ممتدة، قلبا متسع، أعين قادرة على الاحتواء، وعقل متسع لكافة الأراء، وعلى عكس الكثيرين من رهابنة العمل الأكاديمي في مصر، ذللت هي أمامي كل الصعاب، حتى في خطة البحث المقدمة، اعتمدتها قبل إنهائها تقديرًا ومراعاة منها لظروف ألمت بي وقتها.
أربع سنوات كاملة، قضيتها تحت إشرافها، كانت الناصح الأمين، الأستاذة القادرة على احتضان طلابها بحب واحتواء فتفجر بداخلهم ينابيع الحماس وتشعل نيران التحدي، ورغم مغازلة شيطان الكسل واليأس لي أكثر من مرة – لأحداث تعرضت لها- في الانسحاب من استكمال الرسالة، كانت قوة الدفع التي تثبتني وتمسك بتلابيب إرادتي أن أكمل المشوار أيا كانت التحديات.
وبعد سنوات من إرهاقي لها، بحثيًا في المقام الأول، شرفت بالمثول أمامها يوم حفل مناقشة البحث، وفي خضم مشغولياتها الجمًة، والضغوط الواقعة عليها، حرصت هي أن تكون في أوج أناقتها كما عهدتها، ورغم حالة القلق التي انتابتني للحظات قبيل البدء في فعاليات المناقشة إلا أن ابتسامتها المعهودة حين وقعت عيني عليها وهي تقول “مبروك مقدما” كانت بمثابة البلسم الذي أزال كافة رواسب القلق.
ربما تعجز الكلمات عن وصفها، إنسانيًا قبل أن يكون أكاديميًا، لكنها وبكل أمانة وتجريد عن أي دوافع كتابية، فهي نموذج مشرف للمرأة المصرية، قدوة يُستلهم منها العمل الدؤوب والهمًة العالية، أتنبأ لها بموقع هام في هذا البلد، إن كان لدى القائمين عليه نية حقيقية في الارتقاء والتطوير عبر اختيار أهل الخبرة لا أهل الثقة..
وأختم كلامي برسالة شكر واحترام وتقدير، للأستاذة الدكتورة سوزان القليني، العميد الأسبق لكلية الأداب جامعة عين شمس، وأستاذة الإعلام المخضرمة، رسالة امتنان من إبن قبل أن يكون باحثًا، واسأل الله أن يجعل ما بذلتيه في سبيلي وسبيل المئات من الباحثين نهرًا يروي سيرتك الطيبة ومنارة علم تقودك للجنة إن شاء الله..

Exit mobile version