الجمعة الموافق 10 - يناير - 2025م

على الجانب الآخر| هل ينتصر حب آل كنعان أم حرب آل عبران ؟؟

على الجانب الآخر| هل ينتصر حب آل كنعان أم حرب آل عبران ؟؟

بقلم – إبراهيم فايد

 

بأسلوب شيق وسرد مبسط وأحداث قوية متتالية بتتابع مرن وجارف فى الوقت ذاته -كسيل عارمٍ يبطش بكل ما يعوق طريق سريانه وهو الذى بالماء الرقيق الرقراق تكونَ- تستعرض الكاتبة الروائية الشابة المتألقة دومًا “إنجى مطاوع” عملها المتميز الذى ناقشت فيه القضية الفلسطينية وتناولت أحداث الصراع الفلسطيصهيونى بشئ من التفصيل والتبسيط كذلك مع إبراز مدى الخلاف بين الطرفين ووجهتى النظر من خلال سرد قصة حب واقعية بين شاب فلسطينى وفتاة اسرائيلية صهيونية من عائلة تعشق العنصرية واستحقار العرب واستعبادهم ولا ترى فيهم إلا خدمًا سخرهم الرب لليهود، وتوضح الرواية بعض الخطوط العريضة لنظرة كل طرف للآخر ليس فى الوقت الراهن فحسب، بل على مر العصور.. وهو الكتاب الذى لاقى استحسان الجميع باسمه الجذاب الغامض قليلًا .

 

رواية ((على الجانب الآخر)).. هو كتاب من تأليف “مطاوع” ومراجعة وتنقيح ودعم “محمد جهاد اسماعيل” المتخصص فى الفلسفة والباحث فى علوم الحضارات والأديان المقارنة والأنثروبولوجيا، وتم نشره وتوزيعه بالتعاون مع دار الوليد، والكتاب عبارة عن ( عمل أدبى روائى قصصى تاريخى دينى جغرافى وطنى وثائقى …. دع القوس مفتوحًا وضع ما شئت وما شاءت أقدار المثقفين أن ترتوى، فتلك الرواية بحق استطاعت أن تجسد أجمل وأرقى وأنبل غايات الأدب العربى الأصيل الذى يناقش قضايا الأمة بحق مستعينًا بكل ما أوتى من فقه الواقع المعاصر .. فقه الحوار والاقناع والتناظر والاستنباط والاستقصاء والنقاش الهادف البناء ليعود ذلك على قُرَّاءِهِ بسعة الإدراك وتوطيد الثوابت وترسيخها وتوكيدها، وكذا نقد وتفنيد الشبهات والشائعات والاسرائيليات الحمقاء التى اقتحمت عالمنا واستطاع كلاب الصهاينة أن يؤسسوا لها منبرًا فى شتى بقاع العالم.. منبرًا من أكاذيب على أساسات من بطش وقهر.. منبرًا تحوطه أعمدة الظلم والجور، وسرايا القتل وسفك الدماء والاحتلال والاعتقال وهدم المنازل وسحق الأسر بكامل نسائها وأطفالها وشيوخها قبل شبابها كى يكسروا في الفلسطينيين وحدة الصف ولُحْمَتِه ومتانته.. لكن هيهات هيهات لهم أحفاد القردة والخنازير، لم ولن يتمكنوا أبدًا من تضئيل وتهوين ولاء الطفل البريء الضعيف بحجره أمام دبابة حديدية مجنزرة ومجهزة بأحدث وأعتى تقنيات السلاح الفتَّاك فى القرن الحادى والعشرين.. لم ولن يتمكنوا أبدًا من ردع شاب مسلم يعلم أن الجنة فى تلقى رصاصات الغدر بصدره من بنادق المغتصب.. لم ولن يتمكنوا من فرض الخوف والرعب فى قلوب أبناء بيت المقدس وهم من ورد فى حقهم حديث رسولنا الكريم الذى تتناقله الألسنة وتذكره العقول وتتلذذ به القلوب إلى أن تقوم الساعة؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: “بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ .

 

استطاعت الكاتبة فى روايتها تلك أن تبرز حقيقة الوضع فى فلسطين المحتلة وكيف تسير العلاقات بين الجانبين الفلسطينى والمحتل الاسرائيلى الغاشم، وإبراز مدى هشاشة العلاقات والخوف والترقب بين الطرفين على المستويين -النظامى والشعبى- كما أوضحت الرواية كذلك بعض أسرار وتفاصيل العمل العسكرى الصهيونى ومكوناته وتقسيماته وخططه فى استعمار الأراضى العربية، وعلى الجانب الآخر عرض سبل المقاومة والأعمال الفدائية الفردية والجماعية لعناصر وحركات ومواطنين فلسطينيين .. وكذا تفصيل لبعض الشعائر والعبادات والطقوس الدينية اليهودية الأصولية كما وردت بالتوراة والنصوص اليهودية وبصحف إبراهيم وموسى.. وأيضًا تلك الطقوس والأكاذيب المصطنعة التى ما أنزل الله بها من سلطان والتى ابتدعها الصهاينة ونسبوها زورًا لله وأنبياءه المرسلين لبنى اسرائيل واستخدموها فى حشو أذهان براعمهم وتنشأتهم على الخبث والخداع وسفك الدماء باسم الدين والوطن والوعود المقدسة بتملك الأرض وسيادة العالم كما اعتادوا اللغو به فى كل محفل يجمعهم -قاتلهم الله- كما نجد الرواية قد استعرضت معلومات تفصيلية حول عرب 48  والمناطق التى يقطنونها وفرق المعاملة بينهم وبين العرب فى الضفة وقطاع غزة، ومما تميزت به الرواية كذلك هو وصف مفصل لبعض تلك المناطق الأثرية والطبيعية فى فلسطين وكذا فى المناطق المحتلة بالاضافة لمعلومات عامة وثقافية شيقة حول الأطعمة والعادات والتقاليد والأبنية والشوارع والملبس والعبادات والمعاملات مع مراعاة اقحام بعض الحبكة الدرامية المربكة كلحظات الخوف والترقب والقتل والقنص وخطط المقاومة وأساليب التجسس والاستجوابات وما إلى ذلك مما يحدث على أرض الواقع فى وطنٍ ليس منا ببعيد .. إنه الوطن الفلسطينى.. الوطن الذى يسكن القلوب أكثر مما تسكنه هى.. الوطن الذى اختير كأقدم وطن سكنه الإنسان منذ قديم الأزل -أريحا-.. الوطن الذى احتوى بين جنباته أبهى وأروع المقدسات لمختلف الديانات السماوية فأصبح مهدًا لها ومحطًا لأنظار العالمين .

 

فى نهاية مقالى هذا أختتمه بخالص أمنياتى للأشقاء الفلسطينين بتحقيق حلم الاستقرار الذى نعلم جيدًا أنه لم ولن يتحقق –للأسف- إلى أن تقترب أحداث وعلامات الساعة، وحينها سيشهد بنو اسرائيل فى موقعهم هذا أهوال أفعالهم المقيتة تلك كما ورد بحديث رسولنا الكريم حين قال : “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه يهودي: تعال يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله!” ، وفي لفظ مسلم : “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرق؛فإنه من شجر اليهود”.. لكن الأمل يحدونا لدوام الاستبشار وتمنى الاستقرار والسلم والسلامة والأمن والتقدم والارتقاء بأوضاع اخواننا هناك.

وإنى لأستغل تلك الفرصة لأتقدم للكاتبة بأسمى وأنقى معانى الشكر والتقدير على هذا العمل الأدبى المتميز، وللفيلسوف القدير “محمد جهاد اسماعيل”، وخالص تمنياتى لهما بدوام الازدهار والتوفيق والسداد مع مستقبل طيب مشرق -بإذن الله تعالى-.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79065413
تصميم وتطوير