بقلم / نجوى أبو العزم
قال تعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
نرى كثيرا مؤخرا فى عناوين الأخبار أبن يتعدى على والده بالضرب بألة حادة وآخر يقتل والدته ، وأحدثهم أخ لقى مصرعه على يد أخيه الأكبر بسبب خلاف القتيل مع أبيه وهناك من تجرد من كل مشاعر الإنسانية وألقى بأمه على الطريق لضيقه من تصرفاتها معه وإن دل هذا على شيء فإن مجتمعنا وصل إلى معايير متدنية أخلاقيا ، لم يعد هناك وجود للقيم الرفيعة التى تربينا عليها من الطاعة والإصغاء إلى تعاليمهم القيمة كذوى خبرة فى الحياة.
ما لا يستطيع أحد إنكاره أيضا أن كل أب وأم بنوا حياتهم بالكامل فى ضوء إسعاد أبنائهم وجعلهم فى مستوى معيشي أفضل مما عاشوه هم فى حياتهم.
قد لا يستطيع البعض أن يحقق ذلك رغم جهود كثيرة مبذولة وملموسة نظرا لظروف الحياة الإجتماعية الحالية ،والبعض بكل سهولة يحقق خطوة جيدة للأمام، ولكن الأبناء رغم ذلك يتغاضوا عن رؤية ذلك ويعتبروه من واجبات الآباء تجاههم ، ليس ذلك فحسب بل تصل الأمور أحيانا لإتهامهم بعدم بذل العطاء أو الإهتمام و أنهم سبب فى عدم وجودهم بمستوى مادى معين كغيرهم.
وتعددت المشاهد اللاخلاقية أيضا فترى من يسب والديه ويغض بصر عقله عن ما قدموه إليه ، أو التعدى عليهم بالضرب إرضاءا لزوجته ، المشاهد كثيرة وجميعها لوجه عملة واحدة وهى إنكار أفضالهم ووجودهم وعدم الإعتراف بما بذلوه من عطاء وجهد ومشقة على مر السنين.
نتحرك جانبا لنرى جانب أخر فالأسرة الحديثة تزيح هم التربية عن عاتقها وتلقى بالمسؤلية لدور الرعاية “حضانات الاطفال” الغير المؤهلة لتنمية السلوكيات داخل نفوس الطفل،كذلك خلاف الوالدين ومشاكل الأسرة وعدم اللجوء للعقل فى حل الأمور بهدوء وتروى ، ومحاولة كل طرف جذب الطفل له فيصبح المنزل كساحة حرب ، وهنا يلجأ الطفل للخارج ومن هنا تتوغل التعاليم السلوكية السيئة شيئا فشيئا إليه .
بالإضافة لأنه لم يعد هناك تجمع للأسرة لتناول الأحاديث التى من شأنها توقر العلاقة بين الأجيال وتبنى عقول واعية ، فحاليا يجلسون مع بعض ماديا وعقولهم مع قطعة معدنية لا تتعدى السنتميترات تأخذهم لعوالم لاندرى بها شيئا.
وغياب الوعى الإعلامى كذلك كان له أثر كبير فى تلك الصورة التى يظهر بها مجتمعنا الآن ، بل مايقدمه حاليا يساعد على تشويه صورته اكثر فأكثر ، وإن ظل الوضع على ماهو عليه ، فبعد سنوات قليلة سنكون أمام أجيال لا نفع منهم ،سنكون أمة تحتاج إبادة .
نحن كمجتمع عربى إسلامى مصرى نحتاج لإعادة نظر تجاه ما إفتقدناه للقيم والتعاليم والسلوكيات الدينية المنهجية السليمة التى تربينا عليها ، وعرفنا منها معالم الشخصية السليمة نفسيا وسلوكيا تعرف ماعليها من واجبات ومالها من حقوق تجاه البنية التحتية للمجتمع ألا وهى الأسرة السليمة.