بقلم : عصام عبد الحميد

نستدعى دائماً “عزيزة” بطلة رواية الحرام للكاتب الكبير يوسف إدريس الرواية التى كتبها فى خمسينيات القرن الماضى، سيظل وجه الفنانة الكبيرة فاتن حمامه يحمل عمق القهر الذى عانت وتعانى منه المرأة الريفية العاملة بيدها فى الزراعة وإستقر إسمهن الواقعى وهو “عاملات التراحيل”، ورغم مرور أكثر من نصف قرن على كتابة رواية “الحرام” فما زالت عاملات التراحيل تعشن أوضاعاً متدنيه ومتردية وتزداد سوءاً أو إذلالاً فى ظل تخلى الدولة عن القيام بدورها تجاه مواطنيها وفى ظل غيبة الحماية القانونية وفى ظل موروث إجتماعى وثقافى يتعامل مع المرأة عموماً بصفتها كائناً أدنى من الرجل ويتضاعف القهر الإجتماعى مع المرأة الريفية الفقيرة.. فتعيش تحت خط القهر الإجتماعى الذى يلقى بها إلى سوق العمل بلا أدنى حقوق .
سوق عمل لايقدم لها ولأسرتها أكثر من لقمة عيش لاتسد الرمق ومعها المرضى وحوادث الطرق والإذلال فى رحله يومية تتعرض فيها للإهانة والتحرش وربما الإغتصاب من أجل لقمة عيش يتحكم فيها بل ويشارك فيها مقاول الأنفار .
أكتب هذا المقال لكى أوضح مدى ماتعيشه المرأة الريفية من ظلم حيث تبين أن حرمان النساء من الميراث فى صعيد مصر وريفها ليس فقط حرماناً من حق شرعى وقانونى بل إنه ينعكس سلباً وتمييزاً على حقها فى ملكية الأرض الزراعية وهو الأمر الذى يحرمها من حقها فى الحصول على مستلزمات الإنتاج الزراعى من الدولة ممثلة فى بنك التنمية والإئتمان الزراعى الذى يشترط وجود حيازة لملكية الأرض كشرط أساسى لصرف هذه المستلزمات وهنا يبرز وجه آخر للتمييز المدعوم بالإرث الإجتماعى من العادات والتقاليد الذى لم تواجهه الدولة بقانون رادع يجرم حرمان النساء من الحق فى ملكية الأرض بحرمانهن من توريثها لهن.
ومع وجود التمييز الإقتصادى والإجتماعى ضد النساء الريفيات فبالضرورة سينتج عنه تمييز سياسى تمثل فى تهميش النساء عموماً، حيث أن تمثيل المرأة المصرية فى مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية والنقابات المحلية كان تمثيل متدن فهل تشهد الفترة القادمة عند قدوم الإستحقاق الثالث لثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 بتمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً يضمن لهن وضع مؤثر فى القرار السياسى فى المرحلة القادمة لدعم قضايا النوع ومناهضة التمييز؟! .