“البيان” تكشف سيناريو القادم لـ تيران وصنافير ..
هل ستجد مصر معارضة سعودية ضد أحكام القضاء المصرى ؟ وهل يحق للسعودية اللجوء للتحكيم الدولى ؟
“خالد على” على صفحته الفيسبوكية : الدولة تسعى للإيقاع بين البرلمان والقضاء لتمرير الاتفاقية .. و”شريف اسماعيل” (( هيشيل الليلة ))
تقرير / إبراهيم فايد
طال الأمد ونفد الصبر وزاد المترقبون وزادت معهم صيحات الشجب والتنديد والانتقادات وكثرت المطالبات بسرعة الفصل فى قضية اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية التى آلت على إثرها جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية .
تلك الاتفاقية التى أُبْرِمَت فى 8/4/2016 م بين الحكومة المصرية برئاسة السيد “شريف اسماعيل” رئيس مجلس الوزراء ونظيره السعودى “محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود” ولى ولى العهد والنائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ، والتى ورد بها ثلاثة مواد يتضمنوا سبعة بنود كان أهمهم والذى ثار بسببه الملايين غضبًا وحنقًا وضيقًا هو البند الخاص بالتفريط فى جزيرتى تيران وصنافير لتؤول للمملكة العربية السعودية ما استدعى مجموعة من شباب المحامين الوطنيين المصريين لرفع دعاوى قضائية تداولتها المحاكم فيما بين دوائرها المختلفة لمدة ثمانية أشهر واجهت أوراق القضية خلالها العديد من الاستئنافات والاستشكالات ورد المحكمة ورفض تدخل القضاء فى القضية وتداول مستندات أصلية ومزيفة وغير ذلك من الاجراءات البيروقراطية لقضائنا الشامخ المعروف عنه طووووول البال وعدم تضميد جراح المصاب ، والمصاب هنا هو الوطن والشعب المصرى ، ولكن مرَّ الامر بحمد الله وبسلامه وها نحن الآن على أعتاب صدور الحكم النهائى من المحكمة الادارية العليا بعد اطلاعها على تقرير هيئة المفوضين الذى أوصى المحكمة بالحكم بمصرية الجزيرتين وإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية .
وبعد كل هذا الجدل ينظر المصريون للمستقبل .. لاسيَّما فى ظل الظروف السيئة والعلاقات التى تتدهور يومًا بعد يوم ما بين السعودية ومصر .. يتساءل الجميع : ماذا سيحدث بعد الانتهاء من تلك الغُمَّة التى هبطت بظلالها على مصر فزادتها سوادًا على سواد .. ماذا سيحدث بعد استرداد حقنا فى أرضنا ؟؟ أو بمعنى أصح ما السيناريوهات المطروحة عقب الغاء تنفيذ تلك الاتفاقية وعدم تسليم مصر الجزيرتين للمملكة ؟
هل سيمر الأمر مرور الكرام دون إبداء أية اعتراضات من السعودية ؟ أم ستتعاظم الخلافات ونضطر للجوء للتحكيم الدولى ؟ وهل سيعيد التحكيم من جديد أم يستند للحيثيات والإثباتات والدلائل التى استند إليها القضاء المصرى ؟
ولتوضيح الصورة وكشف الغموض والتعرف على الاجراءات والخبايا القانونية التى تُتَّبع دومًا فى مثل تلك الاتفاقيات وليجيب على تلك التساؤلات التى تشغل بال كل مواطن مصرى ، تواصلنا مع د. “أحمد مهران” أستاذ القانون العام وخبير قانوني ومحلل سياسي متخصص في الشئون العربية ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية وحقوق الإنسان والذى أشار إلى أن الأصل فى الفصل بين المنازعات هو اللجوء للقانون ولكن أحيانًا الاعتبارات السياسية يكون لها دورًا كبيرًا أكثر من القانون ، فعلى سبيل المثال نجد أن هيئة قضايا الدولة مازالت لوقتنا هذا تدافع عن حق السعودية فى الجزيرتين ولكن بعد ظهور توتر كبير فى العلاقات المصرية السعودية قد تفتر قوة مطالباتهم ويدافعوا بشكل هش وضعيف يجعل الحكم فى ضد الصالح السعودى ، وهو ما حدث بالفعل فى الجلسة الماضية حين قدَّم محاموا الحكومة خريطة عن طريق الخطأ لتؤكد مصرية الجزيرتين بدلًا من سعوديتها ، هذا بالاضافة إلى أنه لا يوجد لدينا قانون معين يسمى بالقانون الإدارى ليطبقه القضاء الإدارى ، ولكن القضاء الادارى يسمونه دومًا بقضاء الاجتهاد والابتكار والابداع بحيث يخلق المبادئ القانونية التى تتناسب مع مختلف الظروف السياسية والنفسية والاجتماعية التى تحقق المصلحة بما لا يضر بمبادئ القانون والعدالة ولهذا قد تختلف أحكام القضاء الادارى من دائرة لأخرى ومن قاضى لآخر ، ولهذا قد تؤثر التوترات السياسية بشكل كبير وهذا لا يعنى أن القضاء المصرى مسيس أبدًا فقضائنا ثابت لم يحيد عن رأيه ومنذ الوهلة الأولى واضح جدًا ميوله لمصرية الجزيرتين منذ صدور حكم أول درجة من المستشار “يحيى الدكرورى” وما تعاقب عليها من أحكام فى هذه القضية ، ولكن قد تتغير المواقف القانونية بناءً على تغير المواقف السياسية ، موضحًا أن المفاوضات والتشاورات المصرية السعودية مازالت قائمة سرًا واستُدِلَّ على ذلك مصادفةً حين تعطَّلت طائرة فى مطار القاهرة كانت تقل وفدًا سعوديًا أتى لمصر لإتمام بعض التشاورات .
أما بالنسبة لإمكانية اللجوء للتحكيم الدولى فقد أكد “مهران” عدم إمكانية ذلك حيث أن التحكيم الدولى لا يتم اللجوء له إلا اذا كان هناك شرطًا فى بنود الاتفاقية يضمن اللجوء للتحكيم الدولى فى حالة حدوث نزاع بين الطرفين ، وفى الغالب تكون بين الشركات التجارية التى بينها استثمارات كبرى وتمثل كل منهما دولة ما ويتم مسبقًا تحديد المُحَكِّمين وكيف يتم تنفيذ أحكامهم ومتى يتم اللجوء لهم ، لكن اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية لم تتضمن أى شرط يسمح باللجوء للتحكيم الدولى ، كما أن السعودية لا تملك أية دلائل قوية تسمح لها باللجوء للتحكيم الدولى إذا ما كان هناك شرطًا بذلك .
أما عن صدور حكم يقضى بإلغاء الاتفاقية فهذا كما أوضح “مهران” سيترتب عليه أن تقدم مصر اعتذارًا للجانب السعودى وتوضح أن الشعب المصرى صاحب السلطات وأن الحكومة والبرلمان يعبران عن إرادته ، وأن الشعب المصرى تمسك بتلك الجزيرتين ولم يوافق على إتمام تنفيذ تلك الاتفاقية وفى هذه الحالة لا تملك السعودية أية عقوبات تفرضها على مصر لأنه لا توجد بالقانون الدولى أية مواد ملزمة للدول بسبب مخالفتها لأحكام معاهدة ما لأنه لا يوجد من هو فوق الدول ليوجهها .
وعن المشروعات التى كان من المقرر تنفيذهما بين مصر والسعودية عبر الجزيرتين فقد أشار مهران إلى أنه ليس ثمة ما يمنع من اقامة مشروعات استثمارية صناعية زراعية تجارية خدمية انتاجية أيا كانت نوع تلك المشروعات مادامت فى صالح الدولتين بل إن هناك إمكانية تعاون مشترك فى بسط الأمن على المضايق والمياه الاقليمية المشتركة وهاتين الجزيرتين ، فمصر والسعودية شقيقتان قبل كل شئ ، بل ان القانون يتيح للسعودية أن تستفيد من الأرض كحق انتفاع قد يمتد لمدة 99 سنة لإقامة مشروعات تستفيد منها الدولتين والشعبين .
وفى هذا الصدد كان << خالد على >> -مرشح رئاسى سابق وهو من أول وأبرز المحامين فى تلك القضية والذى فجرها وتقدم ببلاغات للنائب العام ولجأ للقضاء وطالب بإلغاء الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود- قد كتب على صفحته فى موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك أن الدولة قد تسعى للإيقاع بين القضاء والبرلمان وافتعال الخلافات بينهما حول من هو صاحب القرار النهائى فى تمرير أو الغاء اتفاقية ترسيم الحدود بيين مصر والسعودية وذلك عقب طلب “مصطفى بكرى” النائب البرلمانى أن يلجأ البرلمان للمحكمة الدستورية العليا للفصل فيمن هو منوط به مناقشة بنود تلك الاتفاقية .. القضاء أم مجلس النواب ، وأوضح “خالد على” أن رئيس الوزراء هو من سيتحمل أعباء تلك الاتفاقية فى النهاية على حد قوله كما عبَّر فى منشوره على فيسبوك ” وطبعاً اللى هيشيل الليلة كلها كما هو متعارف عليه هو شريف اسماعيل رئيس الوزراء ” ، فيما اختتم كلماته ببعض الشعارات التى تدعوا المصريين للاصطفاف سويًا والدفاع عن أرضهم فكتب يقول : دافعوا عن أرضكم – مجدوا انتصاراتكم وقدرتكم على المقاومة – افضحوا بياعي الأرض – تيران وصنافير مصرية – الحكم ١٦ يناير ٢٠١٧ .
فى ظل تلك الأزمة التى ورطَّتنا فيها حكومة “شريف اسماعيل” لا أجد أن أقول إلا “حسبنا الله ونعم الوكيل هو مولانا فنعم المولى ونعم النصير” ، فقد كنا فى معزل عن كل تلك البلايا ولم تكن مصر بحاجة أبدًا للمرور بمثل تلك التجربة الغير مبررة ، فلتلك اللحظة لم أجد سببًا منطقيًا واحدًا دفع حكومتنا الطيبة المباركة لإبرام مثل تلك الاتفاقية ؟!! وليس هذا فحسب بل دافعت عنها باستماتة ؟ ما زاد من استغراب المصريين وتعجبهم ، أليس هؤلاء مواطنين مصريين فى الأساس قبل أن يذوقوا حُلْوَ المناصب وزهوة بريقها ؟ هل كانوا بالفعل فى حاجة قوية لكل ذاك الجدل على مدار ثمانية أشهر تاركين عجلة القضاء تدور وجهد المحامين وعناء هيئة قضايا الدولة وتلك الأموال التى أُهْدِرَت فى سبيل الصمود لكل تلك الفترة ومحاولة جمع اثباتات وأدلة واهية من شتَّى أطراف العالم ؟ ألم يؤثر فيهم رفض القضاء للاتفاقية أكثر من مرة بمراحله ودوائره المختلفة حتى قدَّموا استئنافات ورفضوا تدخل القضاء لأكثر من مرة بل وظهرت اتهامات لفريق المحامين الوطنيين تتهمهم بالوقوف مع جهات أخرى ضد الدولة -باعتبار الدولة تتمثل فى سيادة قادة مجلس الوزراء وقادتهم وكل من تعاون معهم ولا تتمثل فى الـ 100 مليون مصرى بالداخل والخارج الرافض لتلك الاتفاقية بل واللاعن لها ولمبرمها- !!