بقلم: دكتور عبدالفتاح عبدالباقي
بعد اتهامه رسميا في قضية تنظيم “ثورة مصر” الشهيرة في نهاية الثمانينيات مع ضابط المخابرات السابق محمود نور الدين الذى عمل دبلوماسيا
ووقتها غادر خالد القاهرة بأسرته إلى لندن، ثم إلى يوغوسلافيا التي احتضنته وفاءً لذكرى والده، وحصل بعدها على حكم بالبراءة. كان خالد عبد الناصر من أبرز القيادات التي أسست تنظيم “ثورة مصر” مع ضابط المخابرات المصري “محمود نور الدين” ومعه بن عمه الراحل الدكتور الطبيب جمال شوقى عبدالناصر وآخرين في منتصف الثمانينيات، وهو التنظيم الذي نجح في اغتيال ثلاثة من أعضاء الموساد متخفين كمسئولين بالسفارة الصهيونية بالقاهرة، إلى جانب دبلوماسي أمريكي رابع عضو السى اى ايه وقد سافر خالد إلى يوغوسلافيا قبل تفككها واستمر بها ثلاث سنوات نظرا للعلاقة التي كانت تربط زعيمها تيتو بالرئيس عبد الناصر، وبعدها عاد خالد إلى القاهرة ليقدم إلى المحاكمة، ولكنه حصل على البراءة من هذه القضية بعد أن رفض محمود نور الدين ورفاقه الاعتراف بأن خالد كان أحد مؤسسي هذا التنظيم تخرج من هندسة القاهرة عام 71بعد وفاة الزعيم حصل على ماجستيرعام 74 ودكتوراه بتفوق عام 79 منجامعة كامبريدج البريطانية الشهيرة في هندسة الطرق والنقل عمل الراحل مدرسا ثم أستاذ لهندسة النقل والاقتصاد بجامعة القاهرة،
طيب القلب مقاتل تأكد تبرعه بـ”600 جنيه” لصالح المعتقلين من أعضاء جماعة “الإخوان المسلمين”.. وقد أثار التبرع الذي تسلمه الصحفي “محمد إحسان عبد القدوس” دهشة قيادات الجماعة، فيما قال المرشد العام وقتها “محمد مهدي عاكف” إن “خالد” يتمتع بصفات طيبة، ودوره في “العمل الوطنى” يجعل تصرفه هذا طبيعيا، وكان “عبد القدوس” قد التقى “خالد عبد الناصر” وتساءل الدكتور خالد عن الإخوان “هل هم بتوع دين وبس..ولا دنيا كمان؟” أجاب محمد عبد القدوس: نحن جماعة شاملة ولا يمكن للمسلمين تقديم صورة جميلة للإسلام إلا بتفوقهم في الدنيا! كان رد خالد عبد الناصر: ده كلام جميل في هذه الحالة ممكن نتكلم، أنا عايز أقرب منكم وأفهمكم مع العلم أنكم إذا حاولتم تجنيدى فلن تفلحوا! ضحك عبد القدوس وقال: كفاية نكون أصدقاء! وبعد ذلك أخرج خالد من جيبه مبلغ “600 جنيه” وقدمها إلى محمد عبد القدوس كتبرع لسجناء الإخوان المسلمين..
في حوار مطول له مع جريدة البيان الإماراتية قبل وفاته بسنين
قال خالد عبد الناصر: أبي علمني حب الغلابة إلى حد التعصب وامي علمتني القناعة، و روي حكاية تقول “بعد وفاة الوالد، أصدر مجلس الشعب قانوناً ببقاء منزل منشية البكري، وكابينة المعمورة بالإسكندرية مدى الحياة، ونحن من جانبنا كأبناء عبدالناصر تعاملنا مع الموضوع، على أن المنزل والكابينة للوالدة، على أساس أن كل واحد منا سوف يشق طريقه، ويكون له في النهاية مسكنه الخاص.
ومن أهم الأشياء التي أثرت فينا كأسرة وأثلجت صدورنا، وأحيي فيها مصر شعبا وحكومة، أن أحدا لم يترك أمي بعد رحيل الأب في حاجة إلى شيء. كانت أمي من طراز السيدات اللاتي يعشن على القليل، كانت راضية بالقليل. أحب ما عندها بيتها، كانت تقول دائماً على منشية البكري: ده بيتي، نعم هو بيت الحكومة، لكن تعبيرها كان يحمل دلالة الارتباط بالبيت الذي عاشت فيه منذ البداية، وشاهدت فيه كل شيء، كل شيء، الزواج، الأمومة، السياسة، النضال، رؤساء دول العالم وزوجاتهم، كل شيء، تاريخ بالنسبة لها مليء بالأفراح والأحزان والذكريات.
أذكر أن شقيقتي “منى” كانت تلح عليها بالذهاب إليها في لندن حيث تقيم، وكانت ترفض باصرار غريب. ومرة وحيدة نجحت في اقناعها بالذهاب معها إلى إسبانيا، وبعد أربعة أيام بالضبط بكت وأصرت على العودة إلى مصر عامة، والبيت في منشية البكري خاصة. كانت تقول دائماً: الشعب كرمني ولم يتركني لأحد.
كان معاشها 500 جنيه ويصل طبقاً للقانون الذي صدر من مجلس الأمة إلى مخصصات رئاسة الجمهورية ليصل المبلغ إلى 950 جنيها. كان المبلغ بالنسبة لها كافيا بالإضافة إلى البيت والكابينة، رغم كل هذا وفجأة وبلا مقدمات خرج يوسف إدريس على صفحات الأهرام بمقالة يقول فيها إن أسرة عبدالناصر تعيش في المعمورة في 500 فدان.. ثمن المتر 2000 جنيه ولو تم بيع هذه الأرض فسوف يصل سعرها إلى 100 مليار جنيه. وبالتالي يمكن سداد ديون مصر؟؟؟ اخطأ يوسف إدريس أولا حين قال ان البيت مساحته 500 فدان وفي الحقيقة أن مساحته خمسة أفدنة وأخطأ في حساباته حين قال أن ثمنها يصل إلى 100 مليار جنيه. كانت الحسبة بالإضافة إلى خطأها أقرب إلى الكوميديا وكان الأفضل أو الأكرم له أن يقول: (بلاش تصيف) هذه السيدة وكان من جانبها أن قالت: (يا جماعة إذا كانت الأرض دي هتسدد ديون مصر خدوها) وأرسلت خطابا إلى صحيفة الأهرام ردا على ذلك تعلن تنازلها عن الكابينة والأرض التابعة لها. وقالت في الخطاب: (كل ما أنتظره هو اليوم الذي أقابل فيه ربي.. وأدفن إلى جوار جمال عبدالناصر الذي أعطى حياته كلها لمصر) لهذا لم أسامح يوسف ادريس وعادت الكابينة ولم تسدد ديون مصر، ورغم ذلك لم تفقد رأيها في أن الشعب المصري الذي أحب جمال عبد الناصر لم يتركها في احتياج لأحد أبدا.
عن والده عبد الناصر قال: كان يحب الناس، كان يقول لي: شعبنا واعي وطيب. ويستاهل نعمل له كل حاجة طيبة.. شعب قاسى من أيام الاستعمار، يبقى لازم يطمئن على غده، كان مؤمنا بالشعب ايمانا كاملا، لا تصدق أن هناك حبا من طرف واحد.. هو أحب الشعب وأخلص له، فأحبه الشعب وأخلص له وأنا الآن لا أريد سوي الستر لي ولأبنائي، وكل ما أملكه يهون في سبيل مصر والأمة العربية.
التعليقات