احمد عناني
بعد نهج تجرع السم بثلاثة أسابيع ظهر الملا روحاني في التلفزيون (في مساء الأحد) ليبرر الاتفاق النووي. ويمكن تلخيص كلامه في مفردتين: مزاعم ووعود.
ووصف روحاني توفير الأمن للنظام وإبعاده عن خطر الحرب بإنجاز رئيسي وهام للغاية تمخض عنه الاتفاق مشيرا إلى أن الاتفاق أزال ظلال «شبه الخطر» أو «شبح الخطر» كاد أن يطال النظام.
ولكن محاولة روحاني من أجل تهدئة المهمومين إذا ما لم تزد من هاجس المهمومين وهمومهم فإنها لن تخفضها دون شك. لأن ما يرغب فيه روحاني من أمن ليس إلا انعدام الأمن! بالنسبة للمهمومين. كما وأن صحيفة وطن امروز (3آب/ أغسطس) ذكرت في افتتاحيتها تقول:
«يعتبر البعض وبكذب مصالحهم مصالح النظام». لأنه من الواضح أن عصابة رفسنجاني ـ روحاني ترى أن توفير الاستقرار والأمن لا يكمن إلا في ظل «التعامل مع العالم» (اقرءوا التذرع بأذيال الغرب وأمريكا) وإذا تم تحقيق ذلك فإنه سوف يكون أكبر انتصار، غير أن ذلك لا يعني إلا تقديم الهيمنة لرفسنجاني بالنسبة للولي الفقيه وعصابته. كما وصفت صحيفة كيهان التابعة للخامنئي هي الأخرى (03/08/2015) حالات وصفها روحاني بالانتصار، بـ «تجاوز الخطوط الحمراء» و«وإلحاق الأضرار بالركيزة الرئيسية لاقتدار النظام» و«إسقاط راية معاداة الاستكبار للجمهورية الإسلامية».
وزعم روحاني خلال هذه المقابلة التلفزيونية مرة أخرى بأنه تسبب في تخفيض نسبة التضخم من فوق 40بالمائة إلى 15بالمائة ويكاد أن يخفضها لتبلغ أقل من 10بالمائة. وحوّل الانكماش إلى انتعاش الاقتصاد كما وجراء رفع العقوبات حال دون خسارة مليارات الدولارات للالتفاف على العقوبات وما شابه ذلك من حالات… ولكن ورغم كل هذه الوعود، وبشأن مطالبات المواطنين الضائقين ذرعا قال بكل وقاحة ينبغي للمواطنين أن «لا يتوقعوا مصالح آنية»! لأنه وبدلا من شراء صندوق من الفاكهة ينبغي أن يتم زرع نبتة. وهكذا خيب روحاني آمال المواطنين. بينما لا دخل لـ10ملايين من المواطنين الإيرانيين على الأقل سوى الدعم الحكومي النقدي البالغ 45ألف تومان شهريا بحسب المسؤولين والمصادر الرئيسية التابعة للنظام كما يبلغ عدد الجياع ممن يحتاجون إلى رغيف خبز والنزر اليسير بضعة أضعاف لهذا الرقم. إذن لن يبقى هؤلاء المواطنين في قيد الحياة ليشاهدوا إثمار بستان الدجل لرئيس الجمهورية للملالي.
ومن جهة أخرى وبينما يحيل روحاني تلبية مطالبات المواطنين الجياع والمساكين إلى مستقبل مجهول، يفرط في تخصيص المبالغ والميزانية للحاجيات الأمنية والعسكرية للنظام حتى في فترة العقوبات ويقول: «فيما يتعلق بالأسلحة الستراتيجية وتعزيز طاقاتنا الدفاعية، ما أنجزته الحكومة خلال العامين المنصرمين يعادل 80بالمائة لما تم إجراؤه خلال الـ10 سنوات الماضية. بمعنى أن ما تم إنجازه خلال العامين المنصرمين يبلغ نسبة 80بالمائة لما أجري خلال الـ10سنوات المنصرمة. حيث أعدت الحكومة الأسلحة بما فيه الكفاية والمعدات والتجهزيات اللازمة كما قامت بتخزينها».
ولكن ودون أن يذكر كان ذلك أمرا جليا أن كل مبلغ يتم تحريره من المصادر والإيداعات المجمدة لا يصرف إلا من أجل توفير الأمن لقوات الحرس والعملاء والميليشيات الخارجية التابعة للنظام وإشباعها وكذلك حفظ ديكتاتور سوريا. كما يتم إيداع نسبة من هذه المبالغ إلى الحسابات المصرفية لرموز النظام وعناصره حيث لن تكون حصة المواطنين سوى الفقر والجوع. ولكن الشعب الإيراني وبحسب ما جربه خلال الـ4 عقود المنصرمة يعرف خير المعرفة بأنه وبالاعتماد على النفس ومن خلال توسيع نطاق الاحتجاجات والانتفاضات والاتحاد مع المقاومة العارمة يتمكن من كنس نظام الولاية المجرم حتى يضع حدا لهذه الحقبة المظلمة والأيام الكالحة السوداء في تأريخ إيران.