عبد الشافى مقلد
يشهد شهر رمضان المبارك احتفالات العرب عامة والمسلمين خاصة، بعدد من المعارك والحروب والتى كان الانتصار حليفا للحق فيها، بإحراز البطولات التى غيرت وجه التاريخ عبر عصوره المختلفة.. تحتفل مصر هذه الأيام بذكرى انتصار حرب أكتوبر والذى وافق العاشر من الشهر المبارك؛ ويعد من أبرز البطولات التى تحققت بالإضافة إلى انتصارات أخرى نذكرها فى هذا التقرير..
ففى شهر رمضان وقعت معركة بدر وفتحت مكة والأندلس.. وشهد الشهر الكريم معارك حاسمة مثل حطين وعين جالوت وصولا إلى النصر العظيم، وعبور الممر الملاحى لقناة السويس، وتحطيم خط بارليف المنيع لتبدأ رحلة تحرير كل شبر من أراضى سيناء الغالية.
ففي العام الثانى من هجرة الرسول الكريم وقعت معركة بدر أولى المعارك، والتى وقعت في ١٧ رمضان.. فقاد النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة من أصحابه لاعتراض قافلة لقريش يقودها أبوسفيان بن حرب، إلا أن القافلة اتخذت طريقا آخر، مما دفع كبار قريش إلى الخروج والتصميم على ملاقاة المسلمين في معركة مباشرة، ظنا منهم أنها ستكون نزهة عسكرية، ليحقق أول نصر عسكرى للمسلمين.
وتأتى أبرز المعارك في التاريخ الحديث وهى نصر يوم العاشر من رمضان 1393 هجرية، الموافق السادس من أكتوبر 1973، حيث تمسك الجيش المصري بعهده، واقتحمت القوات خط بارليف ودمرت نقاط الدفاع الإسرائيلية شرق القناة، وعلى الجبهة السورية وصلت قوات الجيش السورى إلى مدينة القنيطرة، وكان نصر العاشر من رمضان بداية النهاية لزوال الاحتلال الإسرائيلى من كامل التراب المصرى بعد مفاوضات طويلة حيث استعادت مصر أرضها كاملة من دولة الاحتلال.
فتح مكة
في العام الثامن للهجرة النبوية نجحت الجيوش الإسلامية في فتح مكة، وذلك في ٢٠ رمضان بجيش قوته ١٠ آلاف مقاتل ردا على نقض قبيلة قريش لصلح الحديبية واعتدائها على قبيلة خزاعة حلفاء المسلمين، ليتحول فتح مكة إلى نقطة تحول في انطلاق سيطرة المسلمين على الجزيرة العربية بالكامل.
معركة البويب – بلاد فارس
وفي العام ١٣ من الهجرة، نشبت معركة كبيرة في شهر رمضان، بين القوات الإسلامية وعلى رأسها المثنى بن حارثة، والقوات الفارسية الساسانية وعلى رأسها مهران بن باذان قائد الجيش الإمبراطورى الفارسى، وذلك في الحيرة، وانتصر المسلمون في المعركة.
فتح الأندلس
في العام ٩٢ هجريا نجح المسلمون في فتح الأندلس في ٢٨ رمضان، بعدما نجحت الجيوش الإسلامية بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير في أن تقرع أبواب أوروبا عن طريق الأندلس (أسبانيا والبرتغال حاليا)، فعبر طارق بجيشه المضيق الذى عرف باسمه ليلاقى جيوش القوط ويهزمها في معركة وادى لكة والتى فتحت الباب أمام المسلمين لفتح شبه الجزيرة الأندلسية.
وظلت الحضارة الإسلامية في الأندلس متوهجة لمدة ٨ قرون، وكانت أحد أهم معابر الحضارة بين المسلمين وأوروبا، وانتهت الحضارة الإسلامية في الأندلس بسقوط مملكة غرناطة في ٢ يناير ١٤٩٢ميلادية، على يد الملكين فرناندو وزوجته إيزابيلا.
معركة بلاط الشهداء
وفي العام ١١٤هجريا، وعلى بعد كيلومترات قليلة من باريس، وقعت معركة كبرى في شهر رمضان، بين جيش المسلمين بقيادة عبدالرحمن الغافقى ضد جيوش أوروبا بقيادة شارل مارتل في معركة بلاط الشهداء أو كما تسمى في الغرب بمعركة بواتيه، ودارت مناوشات عديدة بين الجيشين كان الانتصار حليفا للمسلمين فيها، إلا أن المعركة لم تحسم لطرف من الأطراف، وفى وسط القتال استشهد قائد المسلمين عبدالرحمن الغافقى، مما أدى لانسحاب الجيش الإسلامى من المعركة، وكانت هذه آخر محاولات المسلمين لفتح فرنسا.
فتح عمورية الروم
وشهد العام ٢٢٣ بعد الهجرة النبوية، وفى شهر رمضان أيضا، معركة كبرى، حيث قاد الخليفة العباسى المعتصم جيشا كبيرا لفتح عمورية من أشهر بلاد دولة الروم بعد أن استنجدت به امرأة بقولتها المشهورة “وامعتصماه”، وكانت عمورية من أصعب وأمنع المدن الحصينة لدى الروم.
معركة حطين
وفي ٢٦ من شهر رمضان عام ٥٨٣هـ وقعت معركة حطين بين الجيوش العربية بقيادة صلاح الدين الأيوبى، وانتهت بنصر ساحق لرفاق صلاح الدين وكانت المعركة مفتاح استرجاع بيت المقدس دما بقى في أيدى المحتلين نحو مائة عام كما حرر كثيرًا من الأراضى التى سيطر عليها الفرنجة.
معركة المنصورة
وفى شهر رمضان سنة ٦٤٧ هجرية، وقعت معركة المنصورة حيث تصدت مصر للحملة الصليبية بقيادة “لويس التاسع” ملك فرنسا الذى قاد الحملة الصليبية السابعة ضد مصر، حيث استولى على دمياط، ثم توجّه إلى المنصورة، حيث قاد العربان والمشايخ والفلاحون معارك طاحنة لوقف الغزو الفرنسى لمصر، وانتهت المعركة بأن أسر المسلمون من الصليبيين مائة ألف وقتلوا عشرة آلاف، وأُسر الملك لويس التاسع، وسجن بدار ابن لقمان بالمنصورة، ثم افتُدى الملك بدفع (٤٠ ألف دينار)، وأٌطلق سراحه.
معركة عين جالوت
وفي رمضان عام ٦٥٨ هجرية هاجم المغول بلاد المسلمين فاحتلوا بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم آخر الخلفاء العباسيين في بغداد عام ٦٥٦ هجرية، ودمروا مكتبات بغداد، واستمر زحف المغول حتى وصلوا إلى بلاد الشام، لكن جيش مصر بقيادة سيف الدين قطز والقائد بيبرس البندقدارى، الذين قادوا معركة عين جالوت في ٢٥ رمضان سنة ٦٥٨ هجرية، وقضوا على خطر المغول نهائيا.
فتح قبرص
وفى عهد المماليك وبالتحديد في شهر رمضان سنة ٨٢٩ هجرية، فتحت جيوش المماليك قبرص، وهى جزيرة جبلية بها سلسلتان من الجبال. يشتغل أهلها بالزراعة وأرضها خصبة جدًا، وكانت تابعة للإمبراطورية الرومانية.
وتعليقا على ذكرى انتصار أكتوبر الذى نشهده هذه الأيام.. قال اللواء محمود منصور، وكيل جهاز المخابرات الحربية الأسبق وأحد أبطال حرب ٧٣:” في حرب رمضان التى كان لى شرف الاشتراك فيها مع جنود مصر العظماء وأتيحت لى الفرصة لأن أشاهد كيف كان صيام رمضان يلتقى بمشاعر المقاتلين ويأخذهم إلى سماوات عالية نفسيا ليستشعروا من خلالها أنهم جند الله المنصورون برحمة منه، ثم شاهدت اقتحامهم وتقبلهم لكلمة اتبعنى أثناء عبورهم قناة السويس في الساعة الثانية بإيمان كامل كما لو كانت كلمة الموت محيت من مفاهيمهم، فلم يفكر أحد في الاحتمال المؤكد من حروب سابقة على مر حروب الإنسانية، ونزلوا إلى مياه القنال في القوارب للعبور “في لا زمن” بينما المقدر من التدريب والدراسات العسكرية أن ٢٠٠ متر عرض قناة السويس تحتاج إلى أربع دقائق من التجديف على الأقل.
تابع:” بينما الواقع الذى حدث يوم العاشر من رمضان ٧٣ أن القوارب بدون تجديف المغادرة الشاطئ القريب “الغربي” وصلت إلى الشاطئ البعيد “الشرقي” في لمحة من الزمن لا تكاد تصل إلى دقيقة، ثم تبدأ بعدها بدقائق معركة في وضح النهار، المقاتلون المصريون يواجهون أحدث الدبابات الغربية، وكانت الأسلحة الخفيفة البسيطة المتوفرة لدينا تنتهك أجساد الدبابات المصنوعة من الصلب.
وأضاف أنه لا شك أن اختيار توقيت الحرب خلال شهر رمضان كان اختيارا له مغزى كبير، حينما لامس متخذو القرار في مصر المشاعر الروحية للجندى وهى جزء كبير جدا لكفاءته القتالية، فالمقاتل الذى يستشعر أنه في حماية ورحمة من الله يزداد قوة ويزداد إصرارا وتمسكا بحقه وهذا الذى حدث بالفعل.
واردف لا شك أن الحالة الإيمانية المرتبطة بالصيام وما يترتب عليها من إحساس بالقرب من رحمة الله دفعت الجنود المقاتلين المصريين بأن ينفذوا مهامهم القتالية وهم على ثقة عالية بأنهم منصورون بإذن الله.
ومن جانبه، قال اللواء محمد الجمل، أحد أبطال النصر، ستظل حرب السادس من أكتوبر درسا للتاريخ العسكرى والانسانى، فى تضافر الجهود العسكرية والدعم المعنوى الشعبى وإيمان الشعب بجيشهم فى قدرته على القتال والانتصار وهو ما تحقق فى شهر رمضان المبارك.
أضاف “الجمل” أن شهر رمضان بعباداته وتجلياته وخصوصيته كان له دورا فى تقوية عزيمة وعقيدة الابطال المحاربين الذين عقدوا النية على تحقيق النصر المبين.. متوجها بالتهنئة إلى القوات المسلحة الباسلة والشعب المصري العظيم.
التعليقات