الأحد الموافق 27 - أبريل - 2025م

رخصة الإنجاب تثير قلق الرجال وتعيد الجدل حول معايير تنظيم النسل

رخصة الإنجاب تثير قلق الرجال وتعيد الجدل حول معايير تنظيم النسل

كتبت : بوسي جاد الكريم

 

أثار مقترح برلماني الجدل مجددا يضاف إلي أرشيف الجدل الذي صاحب مجلس الشعب منذ بدء دورته الأعجب في تاريخنا البرلماني ، وقد اقترح صاحبه أن يتم فرض قانون بتنظيم النسل الإجباري علي الرجال بتعقيمهم بعد إنجاب الطفل الثاني !! السطور التالية تكشف المزيد وبالتفصيل ، علميا وشرعا ، كما سنري؛ صرح الدكتور صلاح هاشم – استاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم – أنه في البداية يجب ان نعترف أن الزيادة السكانية في مصر ، تعتبر كارثية ، خاصة أن هذه الزيادة لا تتناسب مع معدلات النمو الاقتصادي التي لا تلاحق معدلات الزيادة في السكان ، إلي جانب الازمات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه السكان وهي كثيرة ومعقدة ، وهو ما يؤدي الي عدم الاستقرار ويؤثر علي معدلات النمو . بالتالي كان علي الدولة اعتماد استراتيجيات وخطط تحد من الزيادة السكانية ، أو أن يصبح أمام مصر طريقين لتحقيق هذا الهدف ، إما مزيد من رفع معدلات النمو الاقتصادي أو تركيز جهود الحد من زيادة السكان . وللأسف مصر علي مدي عقود السبعينات والثمانينات حاولت رفع معدلات النمو للتناسب مع معدلات النمو السكاني .. ولكن يبدو أن هذه السياسات فشلت في تحقيق هذا الهدف . بالتالي لم يبق أمام مصر الآن إلا الحل البديل وهو الحد من معدلات النمو السكاني . وقد تم طرح العديد من الحلول أثناء انعقاد مؤتمر السكان العالمي عام 1993 ، الذي عقد في مصر ، ولكن معظم الحلول لم تناسب الشريعة الإلهية ، وتصدي الأزهر الشريف للأفكار الخارجة عن الدين . • التحدي الكبير وأصبحت مصر أمام التحدي الكبير وهو رفع معدلات النمو الاقتصادي ، لكنها فشلت وكان التقرير الأخير للجهاز المركزي للتنمية العامة والإحصاء صادما لأن المعدلات السكانية زادت أكثر مما هو متوقع بنسبة تقارب 3 % ، ما يجعلها أكبر عاشر دولة من حيث معدلات النمو السكاني ، والدولة رقم 130 في معدلات التنمية البشرية . إلي جانب خروجها عالميا من حيث المستوي التعليمي إلي جانب تدهور الحالة الصحية لقطاعات عريضة من المجتمع . وبدأت الأزمة تطل برأسها من جديد مع تقرير السكان الذي أصدره الجهاز المركزي للتنمية و الاحصاء أخيرا ، و طرح حلولا غير تقليدية وهي الضغط من أجل الحد من النمو وهناك من طرح ” رخصة الانجاب ” .. إلي جانب بدائل أخري مثل ما ورد ذكرها في علم السكان و يطلق عليها ” تحديد النسل ” ، وهو يختلف عن تنظيم الأسرة ، وهو مختلف عليه شرعا ، و قد أعلن الأزهر الشريف أن الدين يحرم ” التحديد ” لكن يوافق علي ” التنظيم ” . وفكرة الرخصة تقوم علي أن من ينجب أكثر من طفلين يتعرض للعقوبة وذلك من خلال وسائل منع الحمل بالنسبة للرجال ، عن طريق الكي أو الحقن ، وهو حل يأتي علي حساب الرجال مقارنة بالنساء ، وهو ما فجر غضبا واسع النطاق ودعوات لعدم الالتزام بهذا الاقتراح إذا تم إقراره كقانون . ما يعني أن الحل الأخير والأقرب للصواب ، هو حرمان من ينجب أكثر من طفلين من دعم الدولة ، مثل مجانية التعليم والتأمين الصحي والدعم السلعي ، وأعتقد أن هذا هو الحل المقبول من جانب الدولة المصرية . وواصل بقوله : والمشكلة تتمثل ايضا في أسلوب إدارة العنصر البشري ، حيث لاتزال الدولة غير قادرة علي تحويل السكان الي قوي منتجة ، في ظل انخفاض معدلات التصدير (بمعدل 2 %) مقابل الاستيراد ، ما يعني ضعف الاستثمار في الموارد البشرية ، وهو عامل أساسي في تنمية الاقتصاد القومي .

• التجربة الصينية قضية السكان من وجهتها التنموية أصبحت مثار جدل عميق عالميا ، ولكن هناك دول حسمت الجدل بقرارات صارمة من أجل حفظ التوازن بين النمو الاقتصادي وبين النمو السكاني . حيث أدركت الدولة الصينية أن السكان قوة دافعة لكن في حدود التوازن مع قوي الانتاج والتنمية ، فأصدرت قرارها التاريخي منذ عقود بحظر إنجاب أكثر من طفل واحد لكل أسرة . وأخيرا وفي عام 2015 وبعد تحقيق الريادة العالمية وأهداف التنمية المستدامة ، قررت الدولة تخفيف إجراءاتها المسيطرة علي معدلات الانجاب ، وأعلنت إباحة إنجاب طفلين لكل أسرة بدلا من طفل وحيد . والمعروف أن الزيادة السكانية للصين تتصدر بها قائمة الدول العالمية من حيث عدد السكان بـ1.36 مليار نسمة ، وقد استبدلت الصين سياستها القديمة بسياسة أخرى تسمح للزوجين بإنجاب ما لا يزيد عن طفلين لتحقيق نمو سكاني متوازن، ومواجهة تزايد نسبة الشيخوخة وتلك الأسباب لا تنفصل عن الدوافع الاقتصادية ذات الأولوية القصوي لأي دولة تسعي لبناء مستقبلها. • بين التنظيم والتحديد هناك فرق وفي محاولة لفهم الفارق بين تحديد النسل و تنظيم الأسرة ، من منظور شرعي ، نبدأ أولا بفهم معني ” تحديد النسل ” و هو أمر مختلف تماما عن تنظيم النسل فتحديد النسل هو منع الحمل نهائيا .. وتحديد عدد مرات الإنجاب . وحكم تحديد النسل شرعا بحسب علماء الدين ، أن تحديد النسل لا يجوز شرعا ، لأن النسل من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية ، فإكثار النسل و تكثير الأمة التي تعبد الله وحده ، وتتبع شريعته، تمثل أولوية قصوي في هذا الصدد . وعسي أن يعطي الرجل والمرأة ذرية صالحة تشفع لهم يوم القيامة، و يدعون لهم في الدنيا، و ينفعون الأمة في دينها ودنياها. بالتالي تحديد النسل حرام ، إلا إذا كان هناك ضرر على الأم، كمرض يصيبها في رحمها، أو أي مرض آخر يمكن أن يسبب لها الضرر ، وذلك وفق ما يقرره الطبيب المختص . وبالتالي لا مانع من وقف التناسل لمرحلة محددة لسباب قهرية كالمرض أو كثرة الأولاد الذين يشق على الأم والأب تربيتهم. أما مبدأ ” تنظيم النسل ” فيعني المباعدة بين فترات الحمل و الإنجاب بين المولود والآخر، من ثلاثة سنوات أو أربعة سنوات أو خمسة سنوات. والتنظيم يختلف عن تحديد النسل الذي يستهدف منع الحمل مطلقا . بالتالي يعتبر تنظيم النسل أمر متفق عليه بين علماء الشريعة وبين علماء الشئون الطبية وأيضا المسئولين عن إدارة شئون البلاد اقتصاديا كما يدعم قدرة الأسرة على تربية الأولاد . وقد بدأت الدولة تحاول الأخذ بأفضل الخطط و تحديد أهم المحاور المستهدفة و أفضل الطرق للتوعية، وحث الأسر على تنظيم النسل، حيث بدأت التوعية من المدارس والقرى وعن طريق الإعلانات وغيرها لتوعية النساء على تنظيم النسل. و تنظيم النسل يجوز شرعا بحسب علماء الدين وفي مقدمتهم علماء ” الأزهر الشريف “، مع شروط محددة ، مثل إذا كانت صحة الأم مهددة و معرضة للخطر ، حيث لا تستطيع أن تنجب على فترات أو لمنح الأسرة فرصة أفضل لتربية أكثر رقيا لأطفالها . فتنظيم النسل يقدم للأم فرصة أكبر لإعطاء الطفل الرضيع حقه في الرضاعة و التربية، كما أن تنظيم النسل يعطي الأم و الأب الحق و التربية الحسنة لأولادهم، لأن فترات الحمل المتتابعة مرهقة للأم و مرهقة في عملية تربية الأولاد، و من أهم حقوق الإنسان في مرحلة الطفولة هو الحق في التربية الطيبة والمناسبة خلقيا وتعليميا ومعيشيا .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81318109
تصميم وتطوير