✍️ دكتور رضا عبد السلام
تابعت بهدوء تام ما يتم، وما يُرَوَج له في موضوع استقالات الأطباء، في وقت الوطن بأسره في أمس الحاجة لخدماتهم.
هل هناك قصور في القطاع الطبي؟! هل يحظى الأطباء بما يستحقونه من دعم مادي وأدبي ورعاية صحية تليق بهم وبخدماتهم ورسالتهم ومعاناتهم؟!
السؤال وماذا عن المُعَلِم؟! وماذا عن أستاذ الجامعة؟! وماذا عن الفلاح والعامل؟! وماذا عن موظف المحليات الذي يتقاضى راتب 1800 جنيه في حين أن بين يديه وبيده قرار هدم أو الترخيص لبرح قيمته 40 مليون جنيه؟!…..الخ.
وفي المقابل ماذا عن المغني والراقصة ولاعب الكره ومقدمي البرامج الهابطة، ومن يدغدغون مشاعر الناس طوال الليل يطالبونهم بالصبر في حين أنهم يتقاضون الملابين شهريا؟!
بالقطع ودون ذرة شك أننا نعيش في مجتمع هّرمه مقلوب، وكان مقصودا لعشرات السنين هدم وقلب هذا الهرم، ولهذا لم يعد العلم ولا أهله قدوة أو قيمة…نعم…حقيقة لاينكرها الا منتفع أو مغيب.
مثلا، ماجدوى دراسة الطب لسنوات وبعدها يتم التعيين في وحدة قروية في أقصى قرى مصر براتب 2000 جنيه، في حين يحصل بيكا او شاكوش او غيرهم من فياضة المجتمع على أعلى الدخل والاهتمام…الخ.
لقد انقلب هرم المجتمع تماما، وكان هذا مقصودا ومدبرا، ولهذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه…هذا كلام الانتماء للوطن في رأيي المتواضع.
كل ما عرضت له أعلاه كوم، ومبادرة عدد من الأطباء بتقديم استقالاتهم كوم تاني.
قطعا الطبيب يعاني، وقطعا هناك قصور ولا يمكن تجاهله او ترك المقصر دون محاسبة، ولكن قطعا أيضا، قمة الخيانة أن يترك الجندي سلاحة وهو على خط النار وجها لوجه مع العدو.
يعلم الأصفياء، وأصحاب النفوس السوية، أنني أكتب ما يمليه عليا ضميري الوطني، ولا يعنيني أحد او شيء…ولو كان يعنيني شيء ما اعترضت على ما اعترضت عليه وأنا محافظ…تمام ياحضرات؟!
ومن هذا المنطلق، أرى أن هناك جانبين أو سبيين لاشتعال هذا الحريق، في وقت غير مناسب بالمرة:
السبب الأول وهو القصور وضعف الإمكانات، وما ترتب على ذلك من زيادة حالات الوفاة بين الأطباء مقارنة بنظرائهم في باقي الدول (نسبة وتناسب)، وبالتالي هناك سبب أو بنزين تسبب في اشتعال الحريق وتمدده.
الثاني، وهو الأهم، أن هناك من يسعى لصب الزيت على النار، واستغلال الفرصة الذهبية للنيل من الوطن في أصعب لحظاته، وهذه خيانة واضحة، وإلا فماذا تكون الخيانة؟!
بالقطع يوجد بين الأطباء من يغذون الحريق، ويريدون هدمها رأسا على عقب، وها قد أتت الفرصة على طبق ذهبي؟! هل يستطيع عاقل إنكار تغلغل هؤلاء بكل مؤسساتنا؟! حقيقة لا ينكرها إلا صاحب هوى! وبالتالي وفروا مبررا لمن يسعون للنيل من الفريسة (الوطن!) في أصعب لحظاته.
إذا، رب ضارة نافعة….نعم…
ليتها (بل ينبغي) تكون الفرصة لتصحيح الكثير من الأوضاع الخاطئة المتوارثة، وعلى رأسها ضبط الهرم الاجتماعي لينال الأطباء وغيرهم من المجتهدين ما يستحقونه من رعاية بكافة صورها…وبالتالي تتقدم مصر…وهذا لن يتم بين عشية وضحاها ولكن علينا أن نبدأ بقوة.
وفي نفس الوقت مطلوب وعلى الفور فتح تحقيق عاجل (إطار زمني محدد) يتولاه ويرعاه معالي النائب العام مباشرة، للوقوف على أسباب تصاعد الازمة، ورفع تقرير أمين وشفاف للسيد رئيس الجمهورية، وتطير فيه الرؤوس دون شفقة او رحمة…فهذا ليس وقت الهزل…نعم نحن في حالة حرب…يحاسب من يحاسب حتى لو كانت وزيرة الصحة…فلا أحد فوق المحاسبة.
أما أن يتبارى عدد من الأطباء استنادا إلى المعطيات التي أشرت لها أعلاه لتقديم استقالاتهم في هذا الظرف، فهذا ليس وقت الانسحاب، والانسحاب وقت حاجة الوطن لهم هو خيانة للوطن، ولشرف المهنة العظيمة، وللمواطن الذي وثق بهم.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
التعليقات