الأربعاء الموافق 02 - أبريل - 2025م

خـالد جـزر.. يكتب: “الوطني المتآمر”

خـالد جـزر.. يكتب: “الوطني المتآمر”

 

“الوطني المتآمر” شتان بين الكلمة وتوصيفها، بالطبع غير متطابقتين في المعني، وقد يثيرا دهشة القارئ ولن يتخيلهما العقل ان يتقابلا ليكونا عنوانا لمقالا صحفيا، واذا كان هناك مغزي للكلمتين غير مكتمل، فأليكم هذه السطور البسيطة التي اختذلتها، وجمعت بعض الحقائق أمامكم، ولا تتعجب عندما تسأل نفسك كيف لأشخاص بدأو ثوار مؤمنين بشعارات تطالب بالديموقراطية والعدالة والاصلاح، لتكون بعد ذلك نواة لمؤامرة يجني توابعها وطن بأكمله، و يدفع فاتورتها شعب من عرضه، وعزته، وكرامته، تحت مسمي ثورة، لنصبح أمام أوطان نزفت دمًا علي آيادي أبنائها والنتيجة مذلة ومهانة!!

 

بين ليله وضحاها انطلق طوفان الغضب، وتوجهت السهام المسمومة مُحملة بالمخططات والفكر الموجهه  لتسكن في قلوب عدد من البلدان العربية، لتنذف بعدها دمًا بآيادي أبنائها، ولن تستطيع ضمادتهم كتم الجراح، التي تلوثت وطالت الجسد كله، لنكون امام شعوب منهكة، هُدم ماضيها ودمر مستقبلها، بسبب غياب الوعي والفكر، ولا يدرك أبناء الوطن بأن الإصلاح والتغيير له آلياته، التي تعتمد علي الثقافة والمعرفة ودراسة الموقف، للأسف استغل الكائدون الفجوة بين الحاكم وشعبه، ونجحوا ان يرسخون بالاذهان لمخطط طال انتظاره وساعدهم  احتجاجات مشروعة، نشروا من خلالها الافكار الهدّامة عبر منابرهم الاعلامية الممولة نحو الخراب والدمار في صورة ممنهجة، ليعتنق شباب بعض الدول دون أن يشعر مخطط إبليس المنطقة “اسرائيل”، التي نجحت في كتابة سيناريو دمار للدول المحيطة بها، وتبنت الأم الحاضنة “امريكا” مشروع التقسيم تحت مسمي “ثورات الربيع العربي”، مستخدمة جهل البعض، مع إحياء الامال لدي النخبة من أصحاب المطامع والاجندات، وباعوا لهم وهم الزعامة والمطالبة بالديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، واصبح شعار “يسقط النظام”، بمثابة القنبلة الزمنية لهدم المجتمعات العربية.

خدعوك فقالو:

ثورات الربيع العربي كما أسماها الإعلام، بدأت حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية خلال أوخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه وتمت الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وصولا لخمس أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير في مصر، و ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، والثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي، وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي، وكانت أكبرها في سوريا والتي دمرت وهجر اكثر من نصف شعبها، في الحقيقة البدايات كانت سلميَّة للمُطالبة بإنهاء الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية، لترتفع الأصوات، ويرتفع سقف المطالب، واذا كان البعض يري أنها نجحت في تونس بما تحقق في ملف الحريات، إلا أنه وفقا للإحصاءات والأرقام الرسمية، شهدت تونس  على مدار الأعوام المنصرمة ارتفاعا ملحوظا في نسب الدين وتراجعا في إيرادات السياحة، اذا لم يصل المواطن لمبتغاه!!

 

للأسف الواقع يؤكد دمار وصراعات وتناحر، بالاضافة لعمليات الابتزاز الوقحة من امريكا بنشر فزاعة طوفان الربيع العربي بعدد من دول الخليج، واطلاق تنظيم داعش، ومساعدة التنظيمات والجماعات الارهابية، لإثارة الخوف وانعدام الثقة والفتن والفوضي، ولكن صحوة الدولة المصرية وثورة التصحيح التي قادها الشعب في 30 يونيو لتبدأ مرحلة جديدة، ولكن مايزال حتي الان الحراك والمطالبة الفئوية وهو حق مشروع، ولكن استغلال المتربصين من المتخصصين في هدم الدول ينظرون للدولة المصرية علي انها الشوكه في الحلق..

 

هل ما حدث في الاصل فعلا ثورات أم هو مخطط؟

لفت نظري تسأل الدكتور “وسيم رشدي السيسي” أستاذ الجراحة، والباحث في تاريخ مصر القديمة، خلال لقاءه عبر أحد البرامج علي قناة “ten” بالفضائية المصرية موجها كلامه للنخبه من المثقفين والاعلاميين واصفا إياهم بالمقصرين، متسائلا: هل نشرتوا ثقافتكم بين جموع الشباب الساخط دون وعي أو معرفة؟ ليصبح مهاجم للسياسات الاصلاحية التي تخوضوها الدولة داخل الكثير من القطاعات اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، بالاضافة لمكافحة الارهاب ومقاومة الفساد، وللاسف غيبت عقول العامة في وجود مثقفي الأمة.. ويعود متساءل هل أطلعتم شبابنا علي المؤامرات التي تحاك بمصر وشعبها؟ ، فقد نجحت المؤامرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وبقيت الشوكة مصر، حدثوهم بما دار داخل الكونجرس الامريكي في احد جلساته السرية، الذي اقر اعتماد خطة استراتيجية منهجية مستقبلية وضعها “برنارد لويس” في مشروعه بتفكيك الوحدة الدستورية لجميع الدول العربية والإسلامية وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، من خلال خرائط، والتي على أساسها يتم التقسيم..

 

وتم تسليم المشروع إلى بريجنسكي مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر والذي قام بدوره بإشعال حرب الخليج الثانية حتى تستطيع الولايات المتحدة تصحيح حدود سايكس بيكو ليكون متسقا مع المصالح الصهيو أمريكية. ووافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية عام 1983 على مشروع برنارد لويس وتم اعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية، وعلي الحكومات الامريكية المتعاقبة الالتزام بتنفيذه، ولمسنا بالفعل الخطوات التي بدأت بتقسيم العراق والسودان والصراعات القائمة بالمنطقة تحت مسمي ثورات..

 

وقد ظهرت مصر فى خريطة الشرق الأوسط الكبير كما حددها لويس مقسمة إلى أربع دويلات، دولة تضم سيناء وشرق الدلتا، تحت النفوذ الإسرائيلى، وثانية مسيحية، عاصمتها الإسكندرية، وتمتد من الفيوم وجنوب بنى سويف حتى جنوب أسيوط، أما الدولة الثالثة فهى الدولة النوبية، فيها تنضم القرى النوبية فى جنوب البلاد إلى مناطق مستقطعة بشمال السودان، لتكون عاصمتها أسوان، إضافة إلى دولة رابعة إسلامية عاصمتها القاهرة.

 

واذا كنا نرى فى ذلك التقسيم إغفالًا لحقيقة تاريخية مهمة، وهى أن مصر خلال مئات السنوات من الاستعمار والحروب، من الدولة الفرعونية وحتى جلاء بريطانيا، لم يكن شعبها يومًا عرضة للتقسيم، ولكني اري المؤسف في السنوات الاخيرة وما وصل اليه الكثير من أبناء الشعب المصري من فُرقة، وانهيار للعادات والتقاليد المجتمعية أمام شائعات تُبث بفوضوية، وتطاول وتراشق لفظي غير مسبوق، حرية الرأى مكفولة أمام الجميع، ولكن علينا ان نتفهم خطورة ما يحاك بالدولة المصرية، وان كان من مطالب يكون طبقا للقانون والدستور دون همجية، أو تخريب او تخوين للمؤسسات، ولنبدأ جميعا بأنفسنا ونعمل علي تطوير أدائنا، ونستوعب مخططات العدو، احترسوا من الاحلام الوردية العشوائية فغيرنا  استيقظ على كوابيس واقعية دمرت دولته وقضت على مستقبله. 

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80782596
تصميم وتطوير