«مصر تُشجع الاستثمار لكنها لا تتهاون في الرقابة»
بقلم /خالد جزر
أثارت واقعة إغلاق معظم فروع سلسلة “بلبن” في مصر جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج التوك شو، وانقسمت الآراء بين متعاطفين يرون أن القرار تعسفي يهدد صناعة وطنية ناجحة، وبين من طالبوا بتطبيق القانون ومراعاة المعايير الصحية والضوابط المنظمة للسوق. ولكن وسط هذه الضجة، علينا أن نعود إلى أصل القضية ونتأملها بعين العقل لا العاطفة.
صحة المواطن.. مسؤولية دولة
من حق أي جهة رقابية أن تتدخل لتقويم الأوضاع وضبط المخالفات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بصحة المواطن المصري، التي تمثل أولوية للدولة، وتتحمل أعباءها في مبادرات صحية قومية كبرى للحد من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وضغط الدم، وغيرها. وهنا يُطرح السؤال المنطقي: هل هناك رقابة دقيقة على مكونات المنتجات الغذائية المقدمة في الأسواق، خصوصًا التي تستهدف فئة الشباب والأطفال؟
ابتكار بدون دراسة؟
منتجات مثل التي تقدمها “بلبن” تحتوي على نسب عالية من السكريات والدهون، وهو ما قد يشكل خطورة على الصحة العامة، فهل تمت مراجعة هذه المكونات من قبل الجهات المختصة؟ وهل هناك دراسات حقيقية أجريت على الأصناف الجديدة قبل طرحها، أم أن الأمر يُدار بعشوائية تحت شعار “التجديد والابتكار”؟
خرق الذوق العام والمهنية الإعلانية
ولا يقتصر الأمر على الجوانب الصحية فحسب، بل يتعداه إلى الخروج عن الذوق العام في تسمية بعض المنتجات، وهو ما لاقى استياءً واسعًا من قطاعات مجتمعية متعددة. كذلك، فإن أسلوب الشركة في الإعلان – والذي اعتمد على السخرية من المنافسين – يُعد خروجًا عن قواعد المنافسة المهنية، ويثير تساؤلات حول وجود ميثاق شرف إعلاني يضبط هذه التجاوزات.
الرئيس يستجيب.. والدولة تتحرك بحكمة
وسط كل هذه الملابسات، أعلنت إدارة “بلبن” اليوم عن شكرها للرئيس عبد الفتاح السيسي على استجابته ولقاء الجهات المعنية بها، في إشارة إلى أن الدولة لا تعادي القطاع الخاص ولا تحارب المستثمرين، بل تسعى إلى فتح المجال أمامهم وتذليل العقبات، شريطة الالتزام بالمعايير التي تضمن حقوق المستهلك وسلامته.
رسائل واضحة من الدولة للمستثمرين
ما حدث يؤكد أن الدولة تتعامل بمنتهى الاتزان: فهي تشجع الاستثمار، لكنها لا تتهاون في الرقابة. تحفز الابتكار، لكنها لا تقبل التلاعب بصحة الناس أو خدش قيم المجتمع..ان رسالة الدولة واضحة لا لبس فيها: “اعمل.. وابدع.. ونافس، ولكن تحت مظلة القانون، وفي إطار يحترم صحة المواطن وكرامته”.
