“خالد جزر” يكتب: “طفل البلكونة”.. يكشف العقول الفارغة والمواضيع التافهة
ما شهدناه بعد عرض محتوي فيديو الذي عرف إعلاميا بـ “طفل البلكونة” والذي يوضح ويؤكد بأن الولد لم يصيبه أذى، قد يكون المشهد به شيء من القسوة، وكان من المحتمل أن يكون له جوانب و ابعاد إجتماعية تجاهلها الكثيرون، ومع ذلك قامت الدنيا، وارتفع عويل المتشدقين بحقوق الطفل، وما شابه ذلك لتصبح مادة دسمه للحديث والنقاش تصدرت السوشيال ميديا، وشاشات برامج التوك شو طوال ليلة أمس، واذا كنت لا أؤيد الأم ولا ابحث لها عن مبرر لفعلتها، ولكن عرض المشهد بهذا الاهتمام يكشف الكثير من العقول الفارغة، والإصرار على تسليط الضوء علي مواضيع تافهة إذا ما قارنتها بغيرها..
ليأتي قرار النيابة العامة صادمًا للمتحمسين بأخذ تعهد علي الأم بعدم التعرض لابنها، وكذلك عمل مراقبة مجتمعية من قبل وزارة التضامن تقدم شهريًا عن الطفل وحالته، وتسليم الطفل إلى والده، ومنه لأحضان أمه من جديد. .
ولكن هذه الحادثة جعلتني اتوقف واسأل نفسي، لماذا إذًا كل هذه التحركات الأمنية والتشكيلات والتحريات المكثفة التي اشتركت فيها الكثير من الأجهزة، بالرغم بأن ليس هناك ثمة اصابة تُذكر للطفل كما هو واضح من مشاهدة الفيديو، واذا كان الأمر حقوق طفل، إذًا من يأتي بحقوق كبار السن الذين نراهم بالطرقات، ونسمع بأن دار كذا وجمعية فلان تتكفل بهذا وذاك.. هل بحث المجتمع وناقشت وسائل الميديا من المتسبب؟ ..
وهل هناك من عاق بهم، سواء لأسباب مادية أو معنوية؟ ، ولماذا لم تُشكل فرق البحث كما حدث مع “طفل البلكونة” لمعرفة الذي أوصلهم لهذه الدرجة، والشكل الذي نراهم عليه من هول مناظرهم، وكأنهم ليسو من جنس البشر، يعيشون بذاكرة ممسوحه، من الممكن انهم فضلوا أن لا يتذكروا شيئًا من حياتهم السابقة، نرى من هو في سن الأب والأم والجد الكل تخلي عنهم ليحتضنهم الشارع وارصفته، حتى يحالفهم الحظ ليقع أحدهم بين آيادي تأبي ذلك، ولكن بعد أن انهكتهم الأيام التي مرت عليهم وكأنها مئات السنين يتسولون القيمات..
هل وجدنا الحماس من المنظمات الحقوقية بالمطالبة بمحاسبة المقصرين مع هؤلاء، ولماذا لم تطالب الشاشات عبر برامجها ضرورة الإسراع بالقانون الذي يرعى حقوق هؤلاء، ويجرم التخلي عن مسن له عائلة أيا كان مستواها الاجتماعي، هل تم تفعيل خط ساخن يتواصل من خلاله المسنين الذين يجلسون بمفردهم، ينتظرون زيارة عطف من ابن أو حفيد، أين قانون حقوق المسنين الذي نراه حبيس الأدراج، والذى سبق نقاشه بلجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، على الرغم من نص المادة 83 من الدستور المصري، التي أقرت حق المسن فى الحصول على العلاج على نفقة الدولة متى تطلب الأمر ذلك، وحقه فى الحصول على معاش له او للمكلف برعايته، وذلك فيما يخص المسن المعوز، ولكن ننتظر تفعيل قوانين تحمي وتُجرم الاستهانة في حقوقهم من جانب أسرهم، واذا كانت الدولة تحركت مؤخرًا لترعي من لا مآوي له بمبادرة “حياة كريمة” التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، والمجتمع المدني مثل “دار بسمة لإيواء المشردين”، ولكني أري أن هؤلاء هم من يستحقون اهتمام وفتح نقاش مجتمعي وطرح بتسليط ضوء اعلامي لكل حالة ثبت تجاهلها من جانب الأهل لتسكن الشوارع وتُهان آدميتها، مثلما اهتمو و تناولو حالة “طفل البلكونة” الذي لم يخرج عن حضن أمه!!