عاد أردوغان من موتمر برلين إلي بلاده خالي الوفاض بعد فشله في تحقيق أي شيء يذكر من خلال حضوره للمؤتمر الذي كان يعتقد أن تواجده في جلساته ومشاركته فيه سوف يحقق له بعض الاهداف،ومنها أن يعترف العالم بالوجود التركي في ليبيا وتقر بعض الدول المشاركة بالاتفاقية الأمنية التي عقدها الرئيس التركي مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية والتي اتفق فيها الطرفان علي إرسال قوات عسكرية تركية إلي ليبيا لحسم الصراع هناك لصالح المليشيات المسلحة المتطرفة الموالية للسراج،وفي المقابل يسمح فايز السراج بالتواجد البحري في المياه الليبية في البحر المتوسط وتمكين تركيا من الحصول علي كميات النفط اللازمة لتركيا بأسعار مخفضة وفتح الاسواق الليبية أمام الإستثمارات والبضائع التركية دون أية قيود.
إلا أن الأمر جاء عكس التوقعات ووقف الشعب الليبي بكافة طوائفه وتوجهاته ضد التدخل التركي في ليبيا،والذي أعتبره الشعب الليبي أنه يمثل عودة إلي عهود الإستعمار القديم ومحاولة تركية للتدخل في شوون البلاد ونهب ثرواتها البترولية،ودون أن تري تركيا وحكومة السراج حدث تأييد ودعم من جانب القبائل الليبية التي كانت تقف علي الحياد لسنوات ولا تشارك في الصراع الدائر بين الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يؤيده البرلمان وبين المليشيات المسلحة من الدواعش وتنظيم القاعدة والاخوان المسلمين وغيرهم المدعومين من حكومة السراج والذين يسيطرون علي حقول النفط في الجانب الغربي من ليبيا التي تحقق عوائد بالمليارات لحكومة السراج،ويتم دعم المليشيات المسلحة بجزء كبير منها وشراء الأسلحة من تركيا وبمعاونة الحكومة القطرية التي تدعم بدورها تركيا وحكومة السراج والمليشيات المسلحة في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وعلي الجانب الآخر دخلت مصر علي خط الصراع بين الطرفين وأعلنت بقوة أنها لن تسمح للقوات التركية بدخول ليبيا ولن تسمح بالتواجد التركي والمليشيات الموالية لحكومة السراج بتهديد أمنها القومي وظهر التصميم المصري في التأكيد عن نيتها في الوقوف بجانب القوات الليبية في الحرب ضد آية قوات تركية أو أجنبية غازية مهما كلفها الأمر وأدرك الرئيس التركي أن مصر تاخذ الأمر ماخذ الجد وخاصة عندما كشرت مصر علي انيابها وأجرت المناورة الشاملة في البر والبحر والجو والتي اسمتها المناورة قادر.
واعلن الرئيس السيسي أن مصر قادرة علي دخول ليبيا ولن يستطيع أحد إيقافها ،ولكن لا تريد التدخل وتترك حل القضايا الخلافية للشعب الليبي نفسه ولكن مصر لن تقبل باي حال بالتدخل الأجنبي في ليبيا.
فبعد إجراء المناورة العسكرية المصرية قادر بالذخيرة الحية،وكانت تلك المناورة بمثابة تحذير لتركيا أو غيرها ممن يفكرون في دخول ليبيا وقام الرئيس المصري بافتتاح أكبر قاعدة عسكرية في منطقة البحر الأحمر وهي قاعدة برنيس جنوب مصر،لتعلن مصر بذلك أنها الدولة الأقوي عسكريا في المنطقة وأنها قادرة علي ضرب وإبادة آية قوات عسكرية غازية،ومحاصرتها داخل الأراضي الليبية من الشمال والجنوب،حيث لدي مصر قاعدة عسكرية عملاقة في الشمال وهي قاعدة محمد نجيب التي تضم بدورها أحدث الاسلحة العسكرية التي عرفها العالم في العصر الحديث.
وعلي الجانب الآخر تحركت مصر سياسيا لدي الأمم المتحدة ودول العالم الكبري،وكشفت بالادلة عن تحركات الرئيس التركي وقطر وتضامن الدولتين مع الجماعات المسلحة الإرهابية في ليبيا،وخلال الاسبوع السابق علي موتمر برلين جاء إلي القاهرة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح،وهو يعلن للعالم من مصر عدم شرعية حكومة السراج في ليبيا بل يتهم فايز السراج بالخيانة والعمالة لدولة أجنبية ويطالب دول العالم بسحب اعترافها بتلك الحكومة حتي يمكن القبض علي فايز السراج،وتقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمي وتشير كل الدلالات والأحداث أن الجيش الوطني الليبي حقق انتصارات علي الارض وسيطر علي معظم المدن والأراضي الليبية وأصبح علي مشارف دخول العاصمة طرابلس أخر معاقل حكومة السراج بل تم إغلاق الموانيء الليبية أمام صادرات النفط في المناطق الغربية التي تسيطر عليها المليشيات وحكومة السراج وعمل الجيش الوطني علي حرمان تركيا وحكومة السراج من العوائد المالية التي تقدر بمليارات الدولارات.
كما تمكنت قوات خليفة حفتر الوطنية من فرض حظر جوي يمتد من منطقة المايا غرب طرابلس إلى منطقة القره بوللي شرقا، ومن مدينة ترهونة إلى مدينة غريان جنوبا،استثناء مطار معيتيقة من الحظر للحاجة إليه إنسانيا،وحرمت الطائرات المعادية من التحليق فوق العاصمة وجاء موتمر برلين بالمانيا وبجهود مصرية ليطالب العالم بضرورة خروج المليشيات المسلحة من ليبيا والعودة إلي مائدة المفاوضات وعدم السماح لتركيا أو غيرها بدخول ليبيا أو بيع أسلحة لأي من أطراف الصراع هناك علي أن تتولي الأمم المتحدة جمع الأطراف الليبية حول مائدة المفاوضات،وتم تشكيل لجان متابعة دولية من بعض الدول الكبري والهامة للمعاونة في حسم الصراع في ليبيا دون أن يكون من بين هذه الدول تركيا أو قطر علي أن تكون مصر والجزائر من الدول المشاركة في الحل تحت رعاية الأمم المتحدة والدول العظمي.
وخسر الرئيس التركي ومعه حليفته قطر مليارات الدولارات التي تم إنفاقها في ليبيا لتسليح الإرهابيين من الدواعش وغيرهم،وضاعت آمالهم وأحلامهم في عودة الإمبراطورية العثمانية من جديد علي أنقاض الدولة الليبية وغيرها من الدول العربية الأخرى،لانهم تناسوا ولم يفكروا أن الزمن قد تغير وتغيرت معه الشعوب ومصالح الدول والواقع العالمي المعاصر الذي لم يعد ولم يرغب أن يعود لعهود الاستعمار القديم ايا كانت الأسباب أو المبررات.