بقلم عزام أبوليلة
مما لا شك فيه إن منطقة الشرق الأوسط بعد عملية طوفان الأقصي في السابع من أكتوبر 2023 لن تكون كما كانت قبلها.. ولعل من أهم توابع هذا الطوفان هو سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر الحالي.. فمع اعتماد نظام بشار على الدعم الإيراني الكبير مع دعم حزب الله اللبناني له كان استمراره في سدة الحكم أمام إصرار المعارضة السورية المسلحة على إسقاطه، ولولا هذا الدعم المفتوح من طهران وحزب الله بجانب التدخل الروسي القوي خاصة بالقوة الجوية لكان سقوط بشار مؤكدا قبل عشر سنوات مضت على الأقل بعد أن سيطرة قوى المعارضة السورية المسلحة على أجزاء كبيرة من البلاد مع الخسائر الضخمة التي لحقت بجيش بشار والانشقاقات التي طالت قوات الجيش، ولقد دانت الأمور بالفعل لنظام بشار الأسد واستطاع مع الإسناد الإيراني وقوات حزب الله والطيران والدعم الروسي أن يبسط سيطرته من جديد على اغلب مساحة سوريا إلا من محافظة إدلب في الشمال المجاورة للحدود التركية، وبعض الجيوب الأخرى، بجانب مناطق الأكراد في الشمال، ولولا استماتت تركيا في بقاء إدلب بعيدا عن سيطرة نظام بشار لحماية واستيعاب ملايين المهجرين واللاجئين الذين فروا باتجاه الشمال من كافة المحافظات السورية بعدما تمت عمليات تغيير ديموجرافي بالقوة للسكان لتغيير تركيبة الشعب السوري، بإحلال الأقلية العلوية في مناطق كثيرة لأهل السنة من السكان، لولا ذلك لسيطر بشار على كافة الأرضي السورية من جديد، وقد تأكد ذلك تماما منذ عام 2020, وباتت فشل الثورة السورية والمعارضة في إسقاط نظام بشار واقعا لا مفر منه.. لكن مع قيام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بعملية طوفان الأقصي، التي زلزلزت إسرائيل داخليا، وأسقطت قوة الردع المطلق لتل أبيب، ومع تدخل حزب الله اللبناني كقوة إسناد للمقاومة الفلسطينية في شمال إسرائيل، وصولاً لتصاعد وتيرة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وعقب عملية تفجيرات البيجر، واغتيال قيادات حزب الله وعلى رأسهم الشيخ حسن الله ثم هاشم صفي الدين ومن قبلهما القيادي العسكري فؤاد شكر، ومع ارتفاع حدة المواجهة العسكرية بين الجانبين وصولا لإطلاق صواريخ الحزب واستباحة كافة مناطق إسرائيل مما كان أشبه بالمحرقة للكيان الصهيوني، حتى اضطرار تل أبيب للقبول كرها بوقف إطلاق النار مع عجزها عن التقدم في الجنوب اللبناني، لكن كل ذلك وبرغم صمود حزب الله أمام القوة العسكرية الغاشمة الإسرائيلية، خرج الحزب من الحرب منهكا خاصة مع خسارته لقياداته الروحية والتاريخية، أيضا مع تبادل الضربات والرد بين إيران وإسرائيل عقب ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق، والتدخل الغربي الأمريكي العسكري المباشر لدعم إسرائيل ضد إيران، وخوف طهران على مشروعها النووي.. كل ذلك منح المعارضة السورية المسلحة فرصة الانقضاض على نظام بشار الأسد مع انشغال روسيا أيضا في حربها مع أوكرانيا، ومع سرعة سقوط حلب التي منحت المعارضة المساحة دفعة للتقدم نحو بقية المحافظات السورية الكبرى، مثل حماة وحمص، مع الضوء الأخضر دوليا بدعم المقاومة لإسقاط بشار الأسد والهدف الرئيسي هو قطع ذراع إيران في المنطقة التي أثبتت عملية طوفان الأقصي أن الدعم الإيراني الكبير وراء تسليح المقاومة الفلسطينية وحزب الله الذراع القوي لطهران في المنطقة.. وما بين تردد طهران وعدم استعدادها الدخول بقوة في هذا الظرف لدعم نظام بشار و بين إنهاك حزب الله اللبناني نتيجة حربه ضد إسرائيل الخارج منها توا، وفتور الدعم الروسي المشغول بحربه في أوكرانيا مع عنصر أهم وهو تراجع دعم الجيش السوري لبشار وهو ما عبر عنه الجانب الروسي بالقول من الصعب أن ندافع عن الرئيس بشار الأسد بينما جيشه يتراجع دعمه له.. ولهذا فان توابع زلزال طوفان الأقصي على المنطقة كانت مزلزلة في تغيير واقع الشرق الأوسط، ولعل سقوط نظام بشار الأسد أحد هذه التوابع الكبيرة ثم خروج إيران من سوريا وانكماش نفوذها للوراء إلى الحدود العراقية.. وما زلنا في المشهد لنرى المزيد من الآثار المزلزلة لعملية طوفان الأقصي..