السبت الموافق 08 - فبراير - 2025م

تصفية “القومية للأسمنت”.. تساؤلات مشروعة

تصفية “القومية للأسمنت”.. تساؤلات مشروعة

بقلم: د هدي الملاح

حتي نستطيع تحقيق الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية فلا بد أن يكون لدينا اقتصاد قوي يستفيد منه جميع فئات المجتمع لأن الاقتصاد الضعيف لا يستفيد منه إلا القلة ويترتب عليه فرص نمو ضعيفة و توزيع غير عادل .
ولكي يكون هناك اقتصاد قوي يستفيد منه الجميع فلابد من وجود سياسات مالية ونقدية والأهم من ذلك تنسيق تلك السياسات من أجل الوصول إلي توازن اقتصادي واستقرار اقتصادي واستخدام أليات تساعدنا علي رفع معدلات النمو خصوصا مع الارتفاع المتزايد للنمو السكاني كي نستطيع تحقيق الاستقرار الاقتصادي .
ولعلي أتساءل هل من المعقول أن يتم إعلان تصفية الشركة القومية للأسمنت وتشريد الألاف من العاملين والموظفين بها والقائمين عليها و الذين يمثلون عدد ليس بقليل من القوي العاملة ؟
فكان لا بد من أولويات الاصلاح الاقتصادي تشغيل الطاقات المتعطلة وما تحتاجه من دعم .
ولذلك كان يجب تقديم دعم للشركة القومية للأسمنت والوقوف بجوارها بكل ما تحتاجه من وقود وطاقة لتشغيل الأفران, وإعادة هيكلتها إداريا وفنيا وماليا وتمويليا .
حتي يكون لدينا اقتصاد قوي ويستفيد منه الجميع ويحقق الاستقرار الاقتصادي فلابد أن يكون الاقتصاد متوازن, وهذا لن يحدث إلا بتشغيل المشروعات المتعطلة بجوار المشروعات التنموية الجديدة لرفع معدلات النمو .
يجب العمل علي تشغيل القطاعات والمصانع المتوقفة والعمل علي تشغيلها لأنها لا تحتاج أراضي جديدة ولا رأس مال ضخم ولا تحتاج إلي معدات جديدة, بل تحتاج إلي تطوير, فليس من المعقول أن أترك كل هذه القطاعات تموت وأقوم بعمل مشروعات جديدة تكلفني مئات المليارات ونحن في هذه الكبوة الاقتصادية
ولذلك لا بد من مراجعة السياسات التي يتم تطبيقها, سواء المالية أو النقدية والأهم من ذلك التنسيق بين هذه السياسات وأن نختار منها ما يلائم وضعنا الاقتصادي, لانقاذ الشركات وخاصة الشركة القومية للأسمنت والتي تعتبر صرح ليس بقليل من صروح الصناعة المصرية .
فكان يجب أن تكون هناك سياسة لاستخدام الدعم ويتم توزيعه علي مستحقيه من المؤسسات والشركات المتعطلة والمزارعين, والتركيز علي زيادة المبالغ المخصصة للحماية الاجتماعية للفقراء ومحدودي الدخل والحفاظ علي الطبقة الوسطي التي تآكلت وأصبحت لا تستطيع مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار و أسعار الوقود وأن تكون هناك استراتيجية للدولة ورسم خطة للتنمية تتلائم مع الظروف الاقتصادية التي نعيشها حتي تستطيع أن تنجح في رفع معدل النمو والتنمية وإعادة توزيع الدخول
فلن تتحسن عملتنا الوطنية ولم يتحسن الجنيه المصري ويرجع لأمجاده كما كان من قبل إلا بالانتاج وترشيد الإنفاق الحكومي و تعميق الصناعة والاعتماد علي الذات, والتخلص من التبعية, وليس بمجرد تجميع لمكونات السلع المستوردة أجزاؤها من الخارج
فمن الصعب علينا أن نشاهد تصفية الشركة القومية للأسمنت و التي كانت أساس قوي لنهضة الصناعة المصرية والرائدة في صناعة الأسمنت من حيث النوع والجودة, والتي كانت تدخل لمصر الكثير من العملات الصعبة من خلال عملية التصدير مما يساعد علي توازن ميزان المدفوعات بأن نكون من المتفرجين علي انهيار هذا الصرح الكبير , وفي المقابل يتم انفاق المليارات علي القطار الكهربائي والانفاق علي الطرق البعيدة عن العمران وهذا الانفاق لا يؤدي إلي رفع معدلات النمو بل سيؤدي بنا إلي مزيد من الديون .

*باحثة دكتوراه في فلسفة الاقتصاد، ورئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الفاربي

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79663399
تصميم وتطوير