Site icon جريدة البيان

تجار الأرز يتغلبون على حكومة “شريف اسماعيل” للسنة الثانية على التوالى !! الحكومة تهدر المال العام باستيرادها للأرز غير مبالية بملايين الأطنان لدى فلاحى مصر !! فى 2013 مصر تصدر مليون طن أرز واليوم تستورد نصف مليون !!

تقرير / إبراهيم فايد

 

كما اعتدناها (( حكومة شريف اسماعيل )) وعلى غرار المثل الشعبي القديم “رجعت ريما لعادتها القديمة” ، نجد حكومتنا الغراء على أعتاب الدخول في أزمة كبرى تمس أسعار الأرز بل بالفعل نقف على مشارفها بعد أن ظهرت بوادر تلك الأزمة وألقت بظلالها على الشارع المصري والمواطن المطحون المغلوب على أمره ؛ حيث بدأت أسعار الأرز ترتفع تدريجيا -كما العام الماضي- وبدأ المواطن يشكو ويئِن ، وكذا أجراس الإنذار بدأت تدق ، واعتلت أصوات النخبة والنشطاء المهتمين لأمر هذا الشعب تنوِّه وتحذر كمحاولة لتنبيه الحكومة الغارقة في غفوتها وغفلتها وسباتها العميق فلربما فاقت مبكرًا قبل أن تفيق على صرخات الشعب كما حدث في 2015 .

لقد تابعنا جميعًا ما عانته مصر العام الماضي من ارتفاع أسعار الأرز بشكل مبالغ فيه حتى وصل في بعض المناطق إلى 10 جنيهات للكيلو بل وتجاوز ذلك فوضعه المواطن على جدول السلع النادرة والنفيسة ، وكان تحليل الحكومة لهذا الأمر هو احتكار التجار للأرز بكميات مهولة وبالتالي أصبح بيديهم قوة التحكم والسيطرة على قوت المصريين والتلاعب باقتصاد مصر ، وكانت الحكومة قد وعدت باتخاذ كافة الاجراءات للحيلولة دون الوقوع في مثل تلك الأزمة مجددًا وأنها سوف تشتري مئات الآلاف من الأطنان لتكفي وتسد احتياجات المواطن ، وها هنا نحن في عام جديد وبعد موسم جديد لجني محصول الأرز وقد بدأت الأزمة تظهر مجددًا نتيجة عناد الحكومة وإصرارها على شراء الأرز من المزارع المطحون طوال العام فقط بـ 2400 جنيه للطن ، رغم أن التجار عرضوا على الفلاحين شراء الطن بـ 3000 جنيه وفي مناطق أخرى بــ 3200 جنيه !!

والبديهي أن المُزارع بعيدًا عن أية وطنية وأية شعارات حماسية -وهذا حقه شرعًا وقانونًا- سيتجه للإتجار مع ما فيه صالحه المادي الذي يعينه وأسرته على مجابهة أعباء الحياة ، والغريب في الأمر أن الدولة استسلمت عند هذا الحد ولم تبحث عن ثغر للخروج من المأزق أو بمعنى أصح قبل الدخول في المأزق -وهو الُمتوقَّع- معللةً ذلك بأنها حاولت مع المزارعين ولكنهم رفضوا !!

ولكن مؤخرًا وفي اجتماع للمهندس “شريف اسماعيل” مع حكومته أقرَّ زيادة الكمية المستوردة من الأرز لتصبح 500 ألف طن ، وعندما بحثنا << البيان >> عن خلفية استيراد مصر للأرز صُعِقْنا حين وجدنا تصريحًا للدكتور “صلاح عبد المؤمن” وزير الزراعة المصري عام 2013 م -أي منذ ثلاثة أعوام فقط- يفيد بأن مصر لديها فائض في إنتاج الأرز لهذا العام ومن المقرر تصدير كمية قد تتخطى الـ (( مليون طن )) !!!

 

وفي هذا الصدد تحدَّثنا إلى المهندس (( محمدي البدري )) مدير عام التدريب بوزارة الزراعة ، والأمين العام لاتحاد المزارعين العرب ، وعضو مجلس أمناء نقابة الزراعيين فكان له ذلك التصريح والذي أوضح فيه بالتفصيل سوءات الحكومة والحلول التي كان من الواجب الأخذ بها حيث يقول :-

” أولا : قرار رئيس الوزراء المهندس “شريف إسماعيل بزيادة الاستيراد فى الوقت الحالي مرفوض جملة وتفصيلا وليس اللجواء للاستيراد هو الحل بل هو مسكن موضعي ولا تسعى إليه إلا الحكومات الفاشلة وهناك حلولا أخري يجب أن تسعى الحكومة لتحقيقها مثل البدء فوراً في تنفيذ الزراعة التعاقدية وتحديد الأسعار بالنسبة للمزارعين قبل زراعة المحصول وتحديد القيمة الشرائية التي تحافظ على مكاسب الفلاح في بيعه لمحصوله وايضًا طرح المحصول للمواطن بسعر مناسب وتحديد الجهة التى ستقوم بعملية التعاقد والشراء مع الفلاحين قبل الزراعة لاسيما أن تلك المشكلة متكررة كل عام ولا تحدث في الأرز فقط بل في المحاصيل الاستراتيجية الاخري كالقمح والذرة ، ثانيا : العمل على استنباط تقاوي عالية الجودة لزيادة الإنتاجية ، ثالثا : تفعيل دور المرشد الزراعي وعمل زيارات حقلية وورش عمل بصفة مستمرة لدعم الفلاح من قِبَل الدولة في المحاصيل الاستراتيجية لضمان زيادة المساحات المنزرعة وزيادة الإنتاجية لأنها الحل الوحيد للسيطرة على الارتفاع الجنوني للولار ” .

 

وفي السياق ذاته كان لنا حوار مع أ. (( محمد عبد المجيد هندي )) رئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين و عضو الهيئة العليا بحزب الحق المصري -مسؤول العمل والعمال- الذى صرَّح بأن :-

زراعة الأرز أصبحت لا تعود بالنفع على الفلاح الصغير الذي يقوم على استئجار الارض مقابل 6 آلاف جنية للفدان لزراعتها ، كما أن غياب الارشاد الزراعي والانتماء الوطني ساعد كثيراً على تدمير الزراعة المصرية ؛ ففي ظل ارتفاع درجات الحرارة العالية جدا التي ارتفعت أعلى بكثير من المعتاد خلال فصل الصيف حيث بلغت في دلتا النيل 42 درجة مئوية خلال شهر أغسطس وبقيت أعلى من المتوسط من منتصف يوليو حتى سبتمبر وبلغ متوسط درجات الحرارة الإجمالية حوالي 3.5 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي من منتصف يوليو حتى سبتمبر بينما ظلت درجات الحرارة أعلى بكثير من أدنى مستوياته العادية في الفترة من يوليو حتى سبتمبر فوق 32 درجة مئوية ، وعادةً ما يتم حصاد الأرز من أواخر أغسطس حتى منتصف سبتمبر، ولكن ارتفاع درجات الحرارة هذا العام دمر محاصيل الارز لعدم وجود ارشاد زراعي من قبل الدولة لدعم الفلاح بارشادات تحمية من مخاطر الطبيعة ، ولذا لابد من سياسة جديدة لانقاذ الزراعة لتعود مرة اخرى كما كانت عليه في الستينيات ، وأشار “هندي” إلى أن هناك الكثير من وجوه الشر لا تريد لمصر الخير ؛ فالكل يعمل على اسقاط الرئيس “عبد الفتاح السيسى” ولا يريد له النجاح حيث نجد عصابات مافيا الاستيراد والتصدير تغرى فلاحى مصر بسعر أعلى مما تعرضة الحكومة على الفلاح ليستمر سعر الارز مرتفع على المستهلك لخلق عداوة بين الشعب والرئيس السيسي ، فلابد حقًا من وجود قانون ينظم الزراعة والدعم وتوريد المحاصيل الزراعية تحت رقابة مشددة من الجيش المصري العامل على حماية الوطن والشعب في وقت يتكالب علينا عصابات الداخل والخارج لهدم مصر ” .

أما دكتور (( حسام فوده )) رئيس المجلس المصري لحقوق العمال والفلاحين والمرأة ، ومستشار وزير النقل السابق ، ونائب وزير الاسكان السابق ، فكان له رأى مخالف حيث :-

أكَّد على حسن تصرف الحكومة في هذا الموقف وأيَّد ذلك باعتباره السبيل الوحيد لئلا تقع الدولة تحت سيطرة التجار المحتكرين كما حدث من ذي قبل ، واعتبر أن هذا التصرف طبيعي جدًا مثله تمامًا مثلما يحدث عندما تستورد الدولة لحوم ومواشي للتوفيق بين أسعار اللحوم ومنعًا لاحتكار التجار لها ، مؤكدًا أن الأرز المستورد قد يصل لمصر بسعر زهيد مقابل ما يطلبه فلاحوا مصر وما يعرضه التجار ، واختتم حديثه بالإشارة لأهمية الاستفادة من الاخطاء السابقه و تلافيها بحيث تتم عملية الاستيراد قبل الوقوع في الازمة وإتاحة أسعار تنافسية حتي نجبر التجار الجشعين و المحتكرين على الالتزام بسعر المستورد المنخفض التكاليف وحتى يتم أيضًا شراء الارز من الفلاحين دون تدخل التجار مع إمكانية وضع سعر تشجيعي للفلاح ولو يدعم حتي يتم الاكتفاء الذاتي من الارز للجميع ” .

وحول تلك الأزمة تحاورنا مع بعض فلاحي مصر لاستعراض آرائهم ومواقفهم بوضوح من تلك الأزمة ..

يقول (( خالد مطاوع )) :

” احنا نفسنا الشعب كله ياكل من تعبنا وشقانا ونخفف على المواطن وبننتج كميات كبيرة جدا تكفي مصر ويفيض لكن الدولة ككل عام تعرض علينا مبالغ ضئيلة وتبخسنا حقوقنا وبالتالي نضطر لبيع محصولنا للتجار الذين يتجهون فورًا لتخزينه واشعال أزمة في الأسواق ليبيعونه بأسعار مرتفعة للغاية أضعاف مضاعفة مما استلموه منا والحكومة تعلم ذلك جيدًا ولكن لا تتخذ أي خطوة لحل الأزمة ” .

ويقول (( أحمد نور الدين )) :

” الحكومة عرضت علينا كفلاحين مبلغ 2400 جنيه للطن وهذا لا يكفي تعب ومجهود شهور وسماد ومبيدات ومياه الرى وأجرة عمال فى الأرض وديون نقترضها من بنك الائتمان لحين جمع المحصول وفي الوقت نفسه نجد تجار يعرضون 3000 جنيه للطن وفي مناطق وصل إلى 3200 جنيه مع توفير وتيسير عملية الاستلام ونقل الأرز من الغيط ، وراحتنا بشكل كامل ، وفلوسهم جاهزة ” .

أما (( مصطفى الدمرداش )) الذي أجاب بغضب :

” الدولة في وادي والفلاح في وادي ، قالوا انتخبوا برلمان يجيب للبسطاء حقوقهم ونزلنا انتخبنا ومازالت نفس المشكلة منذ عشرات السنين الحكومة تستغل الفلاح والان الحكومة غاضبة من ان الفلاح امتنع عن بيع محصوله لها وباعه لمن يقدره ، ليس هذا وفقط بل ان مسئولي الزراعة يسعون لتشويه صورة الفلاح في الفضائيات باعتباره يتخلى عن مصر ويبيع محصوله للتجار ، رغم اننا امتنعنا عن البيع للتجار لأسابيع عديدة ننتظر أي تقدير من الدولة بمبلغ يوفينا حقنا ولكن لم نتلقى أي رد سوى مبلغ 2400 جنيه لطن الأرز ، هل ده يرضي ربنا ؟!! ” .

 

كارثة كبرى تقبل عليها مصر بكل طاقتها قد تكون ثورة للجياع كما توقَّع الكثيرون في ظل غلاء الأسعار الذي لحق بمعظم المنتجات والسلع الغذائية التي يحتاجها المصريون يوميًا؛ نتيجة ارتفاع سعر الدولار بشكل مبالغ فيه، وما تبعه من زيادة في الجمارك، وزيادة في الضرائب، وإقرار ضريبة القيمة المضافة، ومؤخرًا أزمة السكر، والآن تلوح في الأفق أزمة الأرز !!
ووسط كل هذا اختارت الحكومة ألا تضع حلولًا مع الفلاح المصري الوطني المسالم -المضمون إنتاجه- بعيدًا عن أي احتمالات لأمراض مسرطنة قد تأتي مع ما نستورده، وذهبت لتهدر عشرات الملايين في أرز مستورد قد يكون أغلى ثمنًا من الأرز البلدي وإن لم يكن أفضل منه جودةً ولكنه بالتأكيد سيزداد سعره نظرًا للشحن الخارجي والنقل الداخلي والتوزيع على المؤسسات والجمعيات وإضافة الدعم عليه و……. إلخ !!

أسئلة تحتاج لعاقل من داخل وزارة “شريف اسماعيل” ليجيب عليها إجابات شافية لغليل صدور المصريين إن وُجِدَت تلك الإجابة أو وُجِدَ ذاك العاقل .

Exit mobile version