Site icon جريدة البيان

تأشيرات النواب والمحافظين أضاعت هيبة المدارس وهدمت التعليم

 

بقلم : أسامة درويش ..

ساهمت تأشيرات أعضاء مجلس النواب والمحافظين بكافة محافظات الجمهورية لإلحاق الطلاب بمدارس بعينها وبمراحل رياض الأطفال المختلفة فى ضياع هيبة المدارس المصرية وهدم التعليم وانهياره بشكل كبير بما يعود بالسلب على كافة طوائف المجتمع نظرا لكثرة الاستثناءات غير المستحقة واختراق القوانين اللازمة وزيادة كثافات المدارس بهذه التأشيرات بما جعل المدارس أشبه بالجمعيات الاستهلاكية والمعارض التى تقدم عروضا مخفضة لينهال عليها الجميع فى وقت محدد من العام حتى وصل الأمر ببعض المدارس إلى استقبال ما يزيد عن 700 تأشيرة لقبول طلاب فى حين أنها لا تتسع لأكثر من 300 طفل فقط والبعض الآخر استقبل 300 تأشيرة فى الوقت الذى تبلغ كثافتها 45 فقط  .

ويتغافل أولياء الأمور لقلة وعيهم عن الصالح العام للعملية التعليمية بالمدارس مفضلين مصالحهم الشخصية لإلحاق أبنائهم بالمدارس التى يرغبون فيها مهما بلغت كثافة الفصول لقناعتهم الشخصية بأن واجبهم نحو أبنائهم هو تسجيل أسمائهم فقط بالمدارس ولكن التعليم نفسه يكون خارج المدرسة عن طريق مراكز الدروس الخصوصية ليجد المجتمع فى النهاية كثافة بفصول المدارس الحكومية تعدت 100 طالب وفى المدارس الرسمية للغات تعدت 60 طالبا لتقترب هى الأخرى من كثافة المدارس الحكومية رغم ارتفاع مصروفاتها لنجد أنفسنا فى نهاية الأمر أمام نواب ومحافظين يخترقون القانون بأنفسهم وبكامل إرادتهم رغم أنهم من المفترض أن يكونوا الحراس الأوائل على تلك القوانين ورعايتها وذلك إرضاء لأولياء الأمور وتحسين صورتهم داخل المجتمع بهذه التأشيرات التى تضر التعليم المصرى وتضربه فى مقتل أكثر مما تنفع أولياء الأمور الذين لا يبغون غير مصلحة أبنائهم الشخصية سيرا مع الموجه والتيار الجارف لاختراق قوانين المجتمع حتى إننا قد نشاهد فى القريب العاجل تأشيرات للجنين فى بطن أمه بالمدرسة التى يرغب اللحاق بها عند موعد دخوله للمدرسة ! .

ونجد فى نهاية المطاف مدارس مكتظه بالطلاب وفصول لا تسع كل هذا الكم من التلاميذ ومديري مدارس متكوفي الأيدى لا يستطيعون مواجهة ذلك التيار الجارف من التأشيرات العليا والسيادية , وإن اعترض أحد مديري المدارس على أى تأشيره فسيكون مصيره ترك كرسيه لغيره ممن يقبل بها ويسير مع التيار ليسلم المديرون فى نهاية الأمر أمرهم لله تاركين الملك للمالك رافعين شعار ” اربط الحمار مطرح ما صحبه عايز ” ليصطدم المجتمع بأثره فى نهاية الأمر بمدارس لا تصلح للتعليم وببيئة تعليمية غير آدميه ويبدأ أولياء الأمور الذين فضلوا مصالحهم الشخصية فى بداية الأمر بالحصول على تأشيرات لأبنائهم برفض الوضع المدرسى والشكوى من كثافة الفصول وسوء التعليم بالمدارس , ويقف معلمو الفصول موقف الحائر المندهش مما يرون فى كل حصة أمام هذا الكم الهائل من الطلاب الذين لا يتوقفون عن المشاحنات والشغب داخل الفصل سائلين أنفسهم ” هل سيستوعب كل هؤلاء الأطفال ما يتم شرحه فى وقت الحصة الذى لا يتعدى النصف ساعة ؟ وما الوقت الذى سيأخذونه من الحصة كى يتم تهدئتهم أولا قبل الشرح؟ لتنتهى الحصص المدرسية والمحصلة للجميع صفر كبير قد حصل عليه جميع المرتبطين بالعملية التعليمية من طالب وولى أمر ومعلم ومدير مدرسة ومدير إدارة ووكيل وزارة ومحافظين ووزير تعليم بل ورئيس جمهورية ليكون المنتج النهائى لنا جميعا طالب لم يتعلم شيئا داخل المدرسة , ثم يلهث هؤلاء الطلاب وأولياء أمورهم نتيجة هذا الفشل وراء الدروس الخصوصية أملا فى التعويض والتحصيل الذى لم يتمكنوا منه داخل تلك المدارس التى قضوا عليها بأيديهم ويدفعون الغالى والرخيص فى سبيل الحصول على المعلومة ليتأكد الجميع أن المدارس المصرية لم تعد سوى سجل مدنى جديد لتسجيل أسماء الطلاب فقط الذين حصلوا على تأشيرات وهم فى مقتبل عمرهم بالمخالفة للقوانين ليعيش المجتمع حياة تعليمية بائسة وتحتل مصر فى نهاية المطاف المراكز المتأخرة بين الدول المهتمة بالتعليم فى العالم , ويخسر الجميع ,

والسؤال الملح والضرورى الذى يطرح نفسه أمامنا جميعا : هل سيظل ذلك الوضع المخزى بتلك التأشيرات والمخالفات كما هو إلى أن نلقى الله جميعا أم أن الظلام له وقت لينتهى ؟ وهل سيفيق نواب الشعب والمحافظون قبل تفاقم الكارثه أكثر من ذلك ويتوقفون عن اختراق القوانين التعليمية بتأشيراتهم المزعجة لكافة مدارس مصر ويدركون أنهم يضرون المجتمع أكثر مما ينفعونه ؟ أم أننا سنظل ننادى وننادى دون أن يسمع أحد أو يتدخل مسؤول لوقف تلك المهزلة التعليمية الصارخة التى جعلت مدارس مصر جمعيات استهلاكية لا يملك بضاعتها سوى النواب والمحافظين فقط .

 

 

Exit mobile version