بعد اتهامه بإهدار المال العام .. كيف سيفرض البرلمان رقابته على حكومة الغد وهو متهم الأمس ؟؟
البرلمان يكمل مسيرته اللاإصلاحية ويقر التعديل الوزارى بما فيه من شبهات فساد !!
قبول الوزارة بالكامل أو رفضها بالكامل .. تشدق بالدستور وجهل بالديمقراطية
——-
العميد “راغب سمير” : قمة العبثية فى قبول التعديل الوزارى كاملًا أو رفضه كاملًا، ومن الأيسر رفض قبول الوزير عن سحب الثقة منه
العميد “راغب سمير” : بعض نواب الأغلبية انتقدوا الحكومة فى الفضائيات ولم يحركوا ساكنًا تحت القبة رغم انتماءهم للأغلبية
تقرير – إبراهيم فايد
إهدار المال العام تحت قبة البرلمان .. كانت وما زالت تلك القضية -التى لم يمر عليها سوى بضع أيام- شاغلةً ومُغضبةً للرأى العام المصرى الذى هاج وماج وثار على مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها للتنديد بسياسات مجلس النواب الذى من المفترض أنه يعبر عن الشعب ومتطلباته وأحواله بكل طوائفه الفقيرة والبسيطة، ولكن فوجئ الجميع بإعلان البرلمان لمصروفاته خلال الـ 6 أشهر المنصرمة فكانت المبالغ مهولة صادمة للجميع؛ حيث تجاوزت الـ 771 مليون جنيه !!، والأدهى من تلك الأرقام الخيالية هو ماهية صرفها وعلى أى شئ تحديدًا والحقيقة أن البرلمان كان قد أنفق تلك الأموال من خلال قسمين كما أعلنهما مؤخرًا فى بيانه والذى كان كالتالى ..
1. رواتب النواب ..
صرف مجلس النواب الحالي الذي بدأ أعماله في يناير 2016، على رواتب الأعضاء في 6 أشهر 16 مليون جنيه بواقع 5 آلاف جنيه لكل نائب، فضلا عن 80 مليون 145 ألف بدل حضور الجلسات العامة واللجان النوعية، كما رصدت الموازنة نفقات مبيت الأعضاء المغتربين بواقع 23 ألف جنيه لكل نائب في 6 أشهر، فضلا عن 4 ملايين 913 ألف جنيه مقابل الانتقالات العامة وبدلات السفر واشتراكات السكة الحديد والأتوبيس وغيرها.
2. عمال البرلمان ..
ورد في الحساب الختامي للموازنة العامة للمجلس، صرف 437 مليون 155 ألف و161 جنيها رواتب وبدلات وعلاوات لما يقرب من 3 آلاف عامل في المجلس، كما ورد أيضًا فى الحساب ذاته أنه تمن إنفاق 8 ملايين و659 ألف جنيه نفقات تنفيذ الأحكام القضائية !!
ولكن هنا تظهر فى الأفق قضية أخرى تشغل الجميع ألا وهى كيف سيراقب هذا البرلمان المعوق .. تلك الحكومة المتجبرة المتبلطجة ؟! .. هل سيجرؤ على الوقوف أمام أطماعها وفسادها وهو ذاته الذى كان بالأمس متهمًا فى إهدار الأموال والتبديد والإسراف والتبذير بداعٍ وبلا داع ؟! .. وكيف للشعب أن يثق فى برلمان تجّبَّر رئيسه وتوعَّد بأقسى وأقصى العقوبات لكل من يناقش ميزانيته مجددًا ؟! .. أين المصداقية وأين الشفافية وأين وعود الانتخابات وأين اللافتات والشعارات والرشاوى الانتخابية وطلبات المواطنين أوامر ونحن منكم وأنتم منا ووو ؟؟!!!
بغض النظر عما سبق والذى كان متوقعًا من الأساس بل وعهده الشعب على مر عصور طويلة ولكن دعونا نتحدث حول آلية الرقابة التى ينوى البرلمان اتباعها مع الحكومة الجديدة والتى أشيع الفساد والتخبط عن أحد وزرائها بالأدلة والمستندات وهذا من قبل الاعتراف بها ورغم ذلك أقرها البرلمان !!
كثرت علامات التعجب والاستفهام واحتلت الحيرة والدهشة صدورنا وعقولنا مما آلت له أحوال مصر، وفى محاولة للتعرف أكثر على المشهد السياسى والبرلمانى المصرى، وكيف ستبدو العلاقة مستقبلًا ما بين البرلمان والحكومة بعد تعديلها، وهل سيتمكن البرلمان من فرض سيطرته ورقابته على الحكومة أم لا، وما المتوقع فى هذا الصدد عامةً بشكل من التفصيل .. سنستعرض معًا ذاك التحليل للعميد “سمير راغب” الخبير السياسى والاستراتيجى ورئيس المؤسسة العربية للتنمية و الدراسات الاستراتيجية والذى انتقد بشدة ذاك التراخى النيابى والخلل البرلمانى المتمثل فى إقرار البرلمان للتعديل الوزارى الجديد رغم ما يشوبه من سلبيات وما يدور حوله من شبهات فساد تلحق ببعض الوزراء الجدد، كما أشار “راغب” إلى أن البرلمان منذ بدايته لم يهتم بتاتًا بالعملية الرقابية على الحكومة قدر اهتمامه بلوائحه الداخلية ومكافآته وتحسين أوضاع نوابه !! وما يزيد حدة الأزمة أن أعضاء البرلمان أنفسهم لطالما خرجوا على القنوات الفضائية وبرامج الـ Talk Show ينتقدوا بعض تصرفات الحكومة بل ومنهم من انتقد المرشحين فى التعديل الوزارى الجديد، ورغم انتماءاتهم لكتل الأغلبية إلا أنهم لم يتخذوا مواقف جادة تحت القبة كما نراهم على الفضائيات !! ولذلك فإن هذا البرلمان غير مفعل ولا يستخدم صلاحياته فى معاقبة المسئولين وسحب الثقة منهم وإحالتهم للجان المختصة كما أسندها له الدستور وانتخبه على أساسها الشعب، ولكن بوجه عام هذا يعتبر درسًا للشعب كى يختار بعناية من يمثلونه فى أية انتخابات قادمة لمدة خمس سنوات كاملة .
وأردف “راغب” قائلًا : ليس من الديمقراطية قبول التعديل الوزارى الذى يختاره رئيس الوزراء كاملًا أو رفضه كاملًا، فتلك قمة العبثية .. ومادامت من ضمن صلاحيات البرلمان سحب الثقة من أى وزير فإنه من باب أولى أن يمنع أى شخص فاسد من أن يتقلد منصب الوزير وهذا على الأقل أيسر كثيرًا قبل أن يصبح هذا الشخص وزيرًا ويتملك سلطات ونفوذ قد يستخدمها فى الحيلولة دون سحب الثقة منه .
واختتم العميد “سمير راغب” حديثه مؤكدًا عدم وجود شفافية ومصداقية داخل البرلمان لاسيما بعد قرار عدم إذاعة البث المباشر للجلسات حتى الجلسات الهامة منها كالتصويت على التعديل الوزارى وغيره من الموضوعات التى طُرِحَت على البرلمان، كما أوضح أن هناك خللًا بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية لاسيما أنه لا يوجد لدينا ثلث معطل فى البرلمان يمكنه الوقوف أمام الحكومة ومنع إقرار قوانين ما ولكن الجزء البسيط المعارض داخل البرلمان لديه فقط صلاحيات نيابية أولية للغاية كتقديم الاستجوابات وما إلى ذلك .
لا شك أن الضمير هو سيد الرقابة .. وبعدما نُشِرَ مؤخرًا من مصروفات البرلمان وما تم تسريبه أيضًا من بعض النواب عن كم الإهدار الذى يتم تحت القبة فى لجانه المختلفة، وبعد اقرار التعديل الجديد رغم التنويهات والتحذيرات ودلائل الفساد التى استعرضها الإعلام بشتى وسائله، ليس لنا كشعب إلى الصبر والاحتساب لعل وعسى يخرج الله من أصلابهم من يتبع الدستور ويصدق الوعود ويخلص لهذا الوطن وشعب مصر العظيم .
التعليقات