Site icon جريدة البيان

انفجارات لبنان.. وصل صداها إلى قبرص

انفجارات غامضة في ⁧‫المرفأ اللبناني‬⁩.. وصل صداها إلى قبرص

عبدالعزيز محسن

زلزال أمني هز لبنان، في حين ينتظر هذا البلد المثقل بأزماته الاقتصادية والسياسية حكم المحكمة الدولية الخاصة في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه.

مشهد مساء أمس أعاد ذاكرة اللبنانيين 15 عاماً إلى الوراء، بعد أن رصدت فيديوهات سلسلة انفجارات ضخمة هزت منطقة المرفأ في قلب العاصمة بيروت، وأسفرت عن أضرار جسيمة في المناطق المحيطة إضافة الى سقوط 70 قتيلاً و3700 جريح على أقل تقدير. وحسب اللقطات التي انتشرت على مواقع التواصل، هز انفجار منطقة قريبة من المرفأ قبل أن يعقبه انفجار ضخم هز بيروت وضواحيها وصولاً إلى الجبل، وسمعت أصداؤه في المناطق البعيد عن العاصمة وصولا إلى قبرص. كما تسبب الانفجار باصابات وأضرار كبيرة في المنازل والسيارات على الاوتوسترادات وفي مناطق كثيرة تبعد عشرات الكيلومترات عن مكان الانفجار، كما لحق ضرر كبير في مبنى صحيفة النهار ومحيطها وصولا الى الأشرفية والدورة في حين أمست شركة كهرباء لبنان مدمرة بالكامل حيث أصيب المدير العام للمؤسسة كمال حايك بجروح بليغة ووقع قتيلان على الأقل في مبنى المؤسسة.

 

رئيس الحكومة حسان دياب قال إن كارثة كبرى أصابت البلاد وإن المسؤولين سيدفعون الثمن بسبب ما حدث، وتعهد بكشف الحقائق بخصوص المستودع الخطر للمواد المنفجرة الموجود منذ 2014، متوجهاً بنداء عاجل إلى كل الدول الصديقة والشقيقة أن تقف إلى جانب لبنان.

 

وفي هذا السياق، قالت مصادر أمنيّة إلى أن الانفجار سببه مادة نيترات الصوديوم التي صودرت سابقاً من فوق متن باخرة «منذ اكثر من سنة» في بيروت ولم تتلف.

 

وكان الانفجار خلّف أضراراً هائلة بمبنى البرلمان والسراي الحكومي حيث أصيبت ابنة الرئيس حسان دياب وزوجته ومستشارون بجروح، وأسفر أيضا عن تحطم نوافذ وخلع ابواب في القصر الجمهوري في بعبدا، اضافة إلى اضرار بمطار بيروت الدولي.

 

مقطع فيديو التقط من مسافة قريبة جداً من مكان الانفجار رصد كيف تحولت منطقة المرفأ إلى ساحة حرب حقيقية، أسفرت عن «إصابات لا تحصى» عملت فرق الصليب الأحمر على نقلها، وقد أطلق الصليب الأحمر استنفارا عاما لجميع المسعفين، وناشدت مستشفيات العاصمة المواطنين التوجه إليها للتبرع بالدم.

 

ومن بين القتلى الأمين العام لحزب الكتائب نزار نجاريان، حيث أن بيت الكتائب المركزي يقع مباشرة خلف المرفأ.

 

ماذا جرى؟

 

أحد التسجيلات أظهر وقوع انفجار محدود في المرفأ أولاً، استمر دقائق عدة وسط سماع دوي يشبه طلقات الرصاص، قبل أن يقع انفجار ضخم آخر غير طبيعي في المكان ذاته، ثم اندفعت كتلة كبيرة من الدخان ليتكشف بعدها الدمار الواسع النطاق.

 

وفي حين ساد الغموض حول سبب الانفجار، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، باندلاع «حريق كبير في العنبر رقم 12 في مستودع للمفرقعات بالقرب من إهراءات القمح»، وهذه الرواية أكدها «حزب الله»، الذي قالت مصادره إن الانفجار ناجم عن احتكاك كهربائي في مستودع المفرقعات النارية في المرفأ، وأنه لا صحة لما يتم تداوله عن أن انفجاراً ناجماً عن استهداف الطيران الإسرائيلي مستودع أسلحة تابعة للحزب.

 

مسؤول إسرائيلي كبير نفى بدوره أي علاقة لإسرائيل بما حدث، وذلك بعد أن تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية، منها صحيفة هآرتس، انه تم استهداف أسلحة لـ «حزب الله» في المرفأ، تزامناً مع تأكيد شهود سماع صوت طائرات حربية في سماء بيروت قبل الانفجار.

 

كما تناقلت مواقع تصريحاً صباحياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قال فيه: «ضربنا مَن استهدفنا، وعلى حزب الله أن يفهم الرسالة»، لكن تبيّن أن التصريح كان ردّاً على الغارات الإسرائيلية على سوريا.

 

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس نفى بدوره اي علاقة لبلاده قائلاً ان تل ابيب عرضت مساعدات إنسانية وطبية على لبنان.

 

في المقابل، نفت مصادر وقوع الانفجار داخل العنبر رقم 12، مؤكدة أن العنبر مقفل منذ أكثر من 6 أشهر.

 

بدوره، قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم : «لا يمكننا استباق التحقيق، ونحن لا نقول ان انفجارا ناجما عن اشتعال مفرقعات أبداً. كلمة مفرقعات تثير السخرية، بل هي مواد شديدة الانفجار كانت مصادرة منذ سنوات».

 

وفيما قد لا تتكشف الحقائق كاملة بحسب مراقبين، لم يستبعدوا ان تكون اسرائيل وراء ما حدث بالفعل، وان الامر رسالة إلى الدولة اللبنانية بعد سلسلة تهديدات وجهت في السر والعلن إلى بيروت بضرورة منع حزب الله من اقامة مصانع اسلحة وتطوير صواريخ بين الابنية السكنية. ويرى المراقبون ان تنصل اسرائيل من الحادثة هو لتفادي اي ادانة لها، كما ان حزب الله بدوره إلى جانب الدولة اللبنانية لن يؤكدا فرضية مصنع الأسلحة كون الامر يعد خرقاً فاضحاً للقرار الدولي 1701 ويعرض لبنان إلى عقوبات دولية، وسيؤدي حتماً إلى تعديل مهمام القوات الدولية العاملة في لبنان ليشمل مراقبة على امتداد الحدود البرية والبحرية.

 

هيروشيما جديدة !

 

محافظ بيروت قال إن ما حدث أشبه بتفجيرَي هيروشيما ونغازاكي وغير مسبوق في لبنان، معلناً بيروت مدينة منكوبة، وهناك دمار كبير، لافتاً إلى فقدان فريق إطفاء. كما فقد الاتصال بخمسة أشخاص من موظفي المرفأ.

 

وأغلقت القوى الأمنية كل الطرق المؤدية الى المرفأ، ومُنع الصحافيون من الاقتراب. ولم يُسمح إلا لسيارات الإسعاف والدفاع المدني بالمرور. من جانبه، دفع الجيش بتعزيزات إلى موقع الحادث. الرئيس ميشال عون دعا المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع طارئ، في حين تفقّد رئيس الحكومة، يرافقه وزيرَا الداخلية والأشغال، مكان الانفجار، وأعلن اليوم يوم حداد وطني على الضحايا.

 

إلغاء قرار الإقفال العام

 

وزير الداخلية محمد فهمي قال أنه «نظراً للحادث الخطير الذي شهدته العاصمة، ومواكبة لتداعياته والاضرار الكبيرة التي خلّفها، يلغى العمل بمضمون القرار رقم 946 المتعلّق بالإقفال العام ضمن اجراءات التعبئة العامة لمواجهة انتشار فيروس كورونا».

 

 

Exit mobile version