بوسي جاد الكريم
تفجر الجدل اخيرا بسبب مشروع قانون إسناد تعيين رؤساء الهيئات القضائية إلى رئيس الجمهورية مهددا بنشوب أزمة جديدة بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وتسبب في حالة غضب غير مبرر بين القضاة عبروا عنها بالرفض للمشروع باعتبار أنه يخالف الدستور ويمثل تدخلا من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية ، وهو ما يثير التساؤلات حول مدي كفاءة الاعضاء الذين اختارهم المواطنون بحرية تامة ودون أدني تدخل ، ليكونوا ممثلين لهم تحت القبة !!
المشروع المثير للجدل وراؤه النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس النواب، تقدم بمشروع قانون لتعيين رؤساء الهيئات القضائية: مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، حيث ينص مشروع القانون على أن يكون التعيين لرؤساء الهيئات القضائية من بين 3 مرشحين بقرار من رئيس الجمهورية.
وكما كان متوقعا تصاعدت ردود الفعل الغاضبة داخل الهيئات القضائية، رافضة لمشروع القانون الجديد، لانها لم يؤخذ رأيها فيه نتيجة عدم دراية النائب الموقر بأساليب العمل البرلماني والقانوني.
المشروع الذي يُعدل نص المادة 44 من قانون السلطة القضائية وقوانين الهيئات القضائية، وآلية ترشيح واختيار وتعيين رئيس محكمة النقض ورؤساء الهيئات والجهات القضائية، وهي مجلس الدولة وهيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية، على أن يكون التعيين عبر الاختيار من بين ٣ أسماء ترشحهم كل هيئة، وترسل أسماءهم إلى رئيس الجمهورية ليختار أحدهم، وهو ما يختلف عن طريقة التعيين الآن، التى تكون بالأقدمية المطلقة ، أصبح الان بين يدي اعضاء البرلمان .. وفي المقابل يقف اعضاء السلطة القضائية له بالمرصاد . فكيف تنتهي الأزمة .. هذا ما نحاول التوصل اليه في سطور التحقيق التالي ؛
في البداية يقول المستشار بهاء زهدي – نائب رئيس مجلس الدولة – ان تعيين القضاه بالاقديمة هو عرف والقانون لم ينص علي ذلك . ولكن يتم الاختيار علي اساس الاقدمية .
لا يمكن في هذا التوقيت ان يصدر قانون من البرلمان يتعارض مع الدستور ومن يدعي عليه اثبات ذلك . ونحن كجهة قضائية متفرددين ولنا قوانينا الخاصة ونصوصنا الخاصة في الدستور . واكاد ازعم ان من يعد مشروع قانون خاص بنا لن يناله اي عوار دستوري . وفيم يخص نص البيان فقد ناشد أعضاء نادى قضاة مجلس الدولة، رئيس الجمهورية ، بوقف المشروع قبل ان يتفاقم شره وتتسع الأزمة.
الامر في نهاية يقوم علي اساس مبدأ الفصل بين السلطات، ولا اظن ان السلطة التشريعية ستتجاوز حدود الدستور في اي مشروع قانون صادر عنها.
وواصل ، القانون ليس تدخلا في هيبة القضاه ولا به اي عوار دستوري ولا اظن ان البرلمان لا يحترم السلطة القضائية . ولكنه ينسق معها في كل امورها وفقا للدستور.
وازعم انه لن يحدث شيئ في شأن القضاه الا بموافقتهم. والموافقة منوطة بالمجالس الخاصة بالجهات القضائية. نحن لا نتدخل في السياسة ولا في عمل السلطات التنفيذية ولي لنا دخل فيما يذهب اليه البرلمان ، إلا اذا مس بحقوق او امتيازات القضاه. واذا فعل فلابد ان نقف ضده لحماية حقوقنا .
واشار الي ان هناك تسرع في اطلاق هذا المشروع ولابد ان يكون هناك كتاب بالنص المقترح من البرلمان الي مجلس القضاء الاعلي . ومجلس الدولة وغيرها من الجهات القضائية المعنية.
من جانبه ، ذكر المستشار حسني السيد – المحلل السياسي والمحام بالنقض – أن من حق البرلمان ان يصدر تشريعاته ويعرضها علي السلطة القضائية لتقوم بالموافقة او الرفض .
وليس هناك ما يمنع البرلمان من تعديل النصوص الخاصة بالهيئات القضائية طالما انها مشتركة في وضعها . وهنا لا يعتبر ذلك تدخل في شأن القضاه ولا يعد انقلابا دستوري . والهيئات القضائية ليست منزهة عن بقية مؤسسات الدولة . وبالتالي فما جاء في بيان نادي القضاه يتنافي مع مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص .
وما يهمني هو الحفاظ علي مبدأ ان القضاه مستقلين وغير قابلين عن العزل علي اساس وجود قانون ينظم شئونهم وهنا من حق البرلمان تعديل قوانين القضاه بشرط عرض الامر علي الهيئة القضائية. وفقا للظروف التي تمر بها البلاد.
وفي تصريح لأحد مستشاري مجلس الدولة – فضل عدم ذكر اسمه وتحتفظ به « البيان « – هناك زعم بان مشروع هذا القانون يرجع الي رفض الدولة وصول المستشار يحيي الدكروري الي منصب رئيس مجلس الدولة بعد الحكم القضائي الذي اصدره بمصرية جزر تيران وصنافير . ولكن نحن كهيئات قضائية نتمني الا تكون الاقدمية هي معيار الاختيار في مناصب القضاء ، لان هناك من الأكفاء وليس من شيوخ القضاه والعكس .
وفي رايي الشخصي اوافق علي مشروع هذا القانون ولا اعتبره خيانة للاعراف القضائية لانه سيتم تطبيقه علي اقدم ثلاثة علي ان يقوم رئيس الجمهورية باختيار احدهم وبالتالي لن يفرض علي احد من الهيئات القضائية اسما بعينه .
وافاد المستشار محمد السحيمي – مقرر اللجنة التشريعية والدستورية لحزب الوفد – ان مشروع القانون مخالفة صريحة لنصوص مواد الدستور الذي نص علي الفصل بين السلطات ، واذا ما مر هذا القانون سيطعن عليه بعدم الدستورية
وسبق ان شهدنا حدثا مماثلا عندما تم تعيين المستشار سامح كمال بالمخالفة للاعراف القضائية رئيسا للنيابة الادارية وتم تجاوز الاخرين وفق الاقدمية ، وجاء ذلك بتدخل من السلطة التنفيذية .
ويقول النائب ضياء الدين داوود – عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان – ان التعديل المقترح تدخل واضح في شئون السلطة القضائية المستقلة ، بما يخالف الدستور والقانون ، ونحن في هذا التوقيت لا نتحمل مغامرات تشريعية . وخاصة ان الهيئات القضائية لم تطلبه ولا الحكومة اقترحته .
من ثم فإن عرضه عن طريق النائب احمد الشريف يطرح علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كان من الذي دفع النائب لتقديم هذا المشروع لصالح جهة ما !!
وأخشي ان هناك أمورا غامضة وهو ما تطلب المصارحة لكي نفهم ما يدور وراء الكواليس حتي يستطيع المشرع القيام بدوره المنوط به .
واستكمل الدكتور المستشار روفائيل بولس – رئيس حزب مصر القومي – ان الجهة المنوطة بتعيين المستشارين والقضاه هو المجلس الاعلي للقضاء حيث تعرض عليه الاسماء المرشحة حسبما جري العرف منذ زمن بعيد ، فاصبح اليوم هناك شيئ من التخوف من سحب البساط من تحت اقدام المجلس الاعلي للقضاء ويتم التعيينات عن طريق الرئاسة .
ومشروع القانون المقدم من البرلماني احمد الشريف يذكرني بمذبحة القضاه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وبصفتي الشخصية ارجح ان يكون المجلس الاعلي للقضاء هو المنوط باختيار القضاه والمستشارين ، ولا داع لتدخل رئاسة الجمهورية في هذا الموضوع.
واشار « بولس « الي انه يؤيد بيان نادي القضاه في هذا الشأن.
وأكد احمد القناوي – المحام بالنقض – ان ذلك المشروع تدخل سافر في اعمال القضاء ويمثل ذروة للتدخلات التنفيذية في كافة الاعمال القضائية في كل المجالات حتي التي يعصمها الدستور وتعد استهانة بالنصوص الدستورية والاعراف القضائية واستقلال القضاء ، وانا ضد مشروع القانون وكان يتصور ان يتم النأي بالقضاء ومؤسساته عن التدخل البرلماني وهو يمثل خط النهاية للتدخلات التنفيذية في القضاء . وبيان نادي القضاه بيان رصين يعبر عن طبيعة المطال الحقيقية واتصور ان القضاء المصري بكل سلبياته وايجابياته الا ان لديه حد ادني لانحيازه لضميره وانه سيرفض بشدة هذا المشروع
وأخيرا ، اوضح النائب جلال عوارة – وكيل لجنة الاعلام بالبرلمان – ان المشرع من حقه ان يفعل ما يتراءي له والقرار في النهاية في يد رئيس الجمهورية .
واكد مساندته للمشروع المقدم ، علي ان يتم اقراره بالتسيق بين كافة السلطات .
التعليقات