الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

المصالحات الوطنية السورية إلى بر الأمان

المصالحات الوطنية السورية إلى بر الأمان

بقلم الإعلامية: غانيا درغام

منذ بداية الأزمة السورية والدولة السورية تسعى لردم  شرخ الانفصال الاجتماعي والتربوي الذي حصل بين بعض المواطنين، بغض النظر عن ممارساتهم إلا أنها كانت تمنحهم الفرصة لاستعادة كيانهم ومكوناتهم الاجتماعية السورية الحقيقية التي راهنت عليها السياسات الاستعمارية ومن لف لفيفها الذين لهم مصلحة بدمار سورية وتفتيت أتنياتها، بالتالي كان للحكومة السورية صمود آخر في وجه الهجمة الإرهابية الشرسة عليها، وقد ترجمته قوانين سلامة وسلم لحفظ البلد وأبنائه من شرذمات الأفكار التي تم ضخها في العقول وتنتج تولد سلوكيات ومنهجيات ذات طابع دموي يساير مطامح السياسات المسببة للأزمة.

جاءت المصالحات الوطنية السورية في خضم المنهجية التي اتبعتها السياسة السورية الداخلية حيال الأزمة، وقد حققت تقدماً ملحوظاً على صعيد البنى الاجتماعية التي كانت مهددة بالانصهار في التخلف الطائفي، كانت الاستجابة لدعوة الدولة السورية إلى المصالحات تنقسم إلى قسمين، الأول ممن تفاعلوا معها هم الذين استنفذوا كل مخزونهم بالسلاح والطاقة البشرية الموجودة لديهم، فجاءت المصالحة بمثابة استسلام لهم أمام الحق الأقوى، والقسم الآخر هم الذين غرر بهم وتم اللعب على عقولهم لجعلها أداة للحراك الدموي السوري- السوري، لكن بعد فضح ممارسات الدول المسببة للأزمة وبعد وضوح حقيقة ما أسموها ثورة أنها ليست إلا ذريعة لتقسيم سورية باتت المصالحات هي الباب الوحيد الذي يمرون به للعودة إلى مكانهم الطبيعي في الوطن.

وبما أن المصالحات الوطنية تعبر عن مرحلة اتزان سلوكي ينقل الجانب السلبي من مرحلة الهجوم العنيف إلى مرحلة الفكر والسلوك المسالم كان لابد من عدة بنود لضمان سلامة المصالحة وحياة الطرفين منها حيث قال المكلف برئاسة المصالحة الوطنية السيد بسام الحلواني: ” إن المصالحة الوطنية هي مصالحة مجتمعية بأهدافها ونتائجها، كما أنها مصالحة سياسية بامتياز في مقدماتها ومنطلقاتها وأطرافها، بمعنى انها ليست تراضيات ما بين طرف فقد امتيازات يريد استرجاعها وطرف كسب امتيازات لا يريد التخلي عنها، وهي مصالحة سياسية بمعنى ان اطرافها ينبغي ان تشارك فيها بوصفها اطراف سياسية وليست اطراف غير سياسية “قومية، تعصبية، مذهبية دينية، تقليدية، عشائرية، اجتماعيه عائلية..”، وعليه فان وجود اطراف غير منظمة سياسياً ومبعثرة قومياً يجعل من المصالحة كلاماً فارغاً قد يحقق تراضيات لكنها لا تحقق تسويات، إذاً فالمصالحات الوطنية السورية هي توافق وطني يستهدف تقريب وجهات النظر  المختلفة وسد الفجوات بين الاطراف المتخاصمة، وتصحيح ما ترتب عليها من اخطاء وإيجاد الحلول المقبولة، وذلك لمعالجة تلك القضايا المختلف حولها بمنهجية المسالمة والحوار بدلاً من منهجية العنف، والنظر بتفاؤل الى المستقبل والتسامح مع الماضي وترسيخ التشاركية”.

ولأن المصالحة الوطنية هي تعبير عن مرحلة مهمة ترفع مستوى المفهوم الاجتماعي والسياسي والثقافي والتربوي لمرتبة الوطن فوق الجميع، لابد من النظر ملياً في الأطراف الدموية التي بادرت بالعصيان وسفك الدماء السورية، نجد أن هناك من نستطيع الوثوق بهم والترفع معهم لمصلحة الوطن وقد أثبتت ذلك العديد من المصالحات الوطنية التي تمت وسارت بنجاح، أما البعض منها فقد استطاعت الأذرع الإرهابية والتكفيرية والسياسية الوصول إليها من قبل الدول المغرضة التي لا تناسبها مصالحات وطنية سورية كما لا يناسبها انتهاء الأزمة بغير تحقيق مآربها التي هي من صنعت الأزمة أساساً.

كما يذكر في قانون المصالحات الوطنية أنها يجب أن تخضع لمضمون القانون الدولي و إجراءاته الملزمة و الآمرة للدولة، إلا أن هناك وجه آخر للمصالحات الوطنية في سورية، فالتدخل الخارجي فيها من خلال امداد بعض الأطراف المقاتلة بالسلاح واستمرار ضخ المفاهيم التي هدفها تفتيت القومية والشعب، بالتالي ليست جميع الأطراف التي تحمل السلاح مؤهلة لمفهوم المصالحة الوطنية وتطبيقها، لكن النسبة الأغلب منها كان مؤهلاً وحقق نجاحاً ملحوظاً في دفع عجلة الأزمة نحو بر الأمان، بالتالي يعتبر هذا تحدي جديد بوجه الهيمنة الإرهابية الصهيونية العالمية، كما يعتبر امتداد لمسيرة الإصلاح حتى في أصعب الظروف السورية.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79631818
تصميم وتطوير