الإثنين الموافق 16 - ديسمبر - 2024م

الفرانكو أرابيك” ………. مفهوم حديث وأبعاد تاريخية

الفرانكو أرابيك” ………. مفهوم حديث وأبعاد تاريخية

 

 

 

كتب محمد السمبوك

تعتبر اللغة نسق من الإشارات والرموز يتفق على قواعدها الخاصة مجموعة من الناس في مجتمع ما للتواصل فيما بينهم ,  فهي الأداة الأهم في أي وسيلة إعلام لشرح مضمون الرسالة الإعلامية , وكنتيجة طبيعية للتطور التكنولوجي والاحتكاك ببعض الثقافات المختلفة , ظهرت أشكال غير تقليدية للغة مغايرة للغات الرسمية والمتعارف عليها , ومن أهمها لغة “الفرانكو أرابيك”.

أولا التعريف باللغة : 

“ الفرانكو أرابيك” هي أبجدية مستخدثة غير رسمية ظهرت منذ بضعة سنوات , تستخدم هذه الأبجدية على نطاق واسع بين الشباب في الكتابة عبر الدردشة على الإنترنت أو عبر رسائل المحمول في المنطقة العربية , وتنطق هذه اللغة مثل العربية تماما إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي حروف وأرقام لاتينية بطريقة تشبة الشيفرة .

ثانيا البعد التاريخي للغة : 

يرجع تاريخ هذه اللغة منذ سقوط الأندلس في أيدي الإسبان وأنتشار محاكم التفتيش على مسلمي الدولة آنذاك , فكان من ضمن أساليب طمس ملامح الثقافة العربية أجبروا ساكني الدولة من عرب بكتابة اللغة العربية بحروف لاتينية , كما أن الغزو الأوروبي لبلدان العالم الإسلامي كان له الأثر في محو اللغة العربية الفصحى وحصرها في الجوامع فقط واستبدالها باللغة العامية الدارجة , وكذلك الدعوة لإلغاء الحرف العربي والاستعاضه عنه بالحرف اللاتيني لصعوبة تعلمها وعجزها عن التعبير عن المصطلحات الحديثة .

ثالثا محاولة استبدالها باللغة : 

في عام 1942 تقدم الدكتور / عبد العزيز فهمي _زعيم حزب الأحرار الدستوريين آنذاك_ إلى مجمع اللغة العربية في القاهرة بمشروع “استبدال حروف اللغة العربية  بالحروف اللاتينية”, لكن سرعان ما قوبل هذا المشروع بالسخط الشديد والاستنكار داخل مصر وخارجها , ومثله الشاعر اللبناني سعيد عقل والذي قال : “من أراد لغة القرآن فليذهب لأرض القرآن”.

رابعا أسباب دوافع أخرى : 

وهناك أسباب تبدو أكثر واقعية وعملية _ خاصة للمشككين في نظريات المؤامرة على اللغة _ أدت لانتشارها في الآونة الأخيرة , مثل ظهور خدمة الهاتف المحمول في المنطقة العربية , وذلك لأن خدمة الرسائل القصيرة  كانت تتيح للأبجدية اللاتينية حروف أكثر في الرسالة الواحدة عنها في نظيرتها العربية , مما دفع البعض واللذين لايتقنون اللغة الإنجليزية للكتابة بحروف لاتينية لكن بصيغة عربية , كما ساهم في ذلك عدم وجود لوحة مفاتيح في بعض الأجهزة تدعم الحروف العربية , كذلك وجود برامج الدردشة في التسعينات عبر أنظمة “اليونكس” والتي لم تتح سوى الحروف اللاتينية .

خامسا وسيلة الانتشار : 

ادى انتشار هذه اللغة بين الشباب إلى أن بعض الكتاب استخدموها في كتبهم للوصول السريع للشباب ومحاولة التقرب منهم , منهم الكاتب الشاب “عمر طاهر” صاحب كتاب “شكلها باظت” وكتاب “كابتن مصر” , حيث استخدم إسلوب “الفرانكو أرابيك “ في الكتابة .

اراء الشباب : 

عند استطلاع رأي مجموعة من الشباب مختلفي الأعمار والدرجات العلمية , تعددت الآراء , فقال (م.م  20 سنة ) كلية تربية , أنه على دراية بهذا النمط من الكتابة لكنه لا يتخدمه , فيرى أنه تقليد أعمى لا فائده منه , بينما يرى ( أ.م  19 سنة )  كلية سياحة وفنادق , إنها “روشنة” على حد قوله , ويقول ( إ . ف  17 سنة  ) ثانوية عامة , بأن هذه اللغة تعتبر شيفرة للتواصل بين وبين أصدقائه لا يعلمها والده .

بالرغم من تعدد الآراء بين مؤيد ومعارض , فإن من حق أي مجموعة من أفراد المجتمع التواصل مع بعضهم بأساليب قد يروها مناسبة لهم , لكن يجب أن يكون ذلك مع الاحتفاظ باللغة الأم , وعدم الانسياق وراء انحطاط ثقافي ركيك يسلبهم هويتهم العربية ذات الأصول العريقة .

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78544877
تصميم وتطوير