Site icon جريدة البيان

العلمانية وكر العوالم

بقلم : شيماء اليوسف ..

 

 

لا حاجة لمقدمة نستعرض فيها كلمات ملطخة بالثقل اللفظي أو عبارات غليظة مرصنة بمتانة عوجاء عرجاء فلندخل في زمام المطروح نستقي العبرة من براعة الحرف و إلتفاف الكلمة ؛ نستغرق في حوار عقلي عن العلمانية بشكل من الحيادية وبعيداً عن الهجوم .

 

 

إن العلمانية وغيرها من المذاهب الفكرية التي ترتكز على أسس الحرية ترى وجوب إستقلال الأفراد وتعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية حريات المواطنين ؛ و من المنظور الفلسفي تعتبر حركة إجتماعية تهدف إلى صرف الناس من الإهتمام بالآخرة إلى الإهتمام بالدنيا وتسعى إلى إقصاء الدين عن الحراك السياسي أو فصله عن الدولة .

 

كما تشترط ألا تخضع الأنشطة البشرية والقرارات لاسيما السياسية إلى تأثير المؤسسات الدينية ؛ كما لا تسمح للفرد بفرض دينه على باقي الأفراد فالجميع متساوون المؤمن مثل الملحد وتعتبر المواطنه هي الأساس ويحكم الدولة القانون ، وأن يكون هذا القانون قابل للتغير حسب رغبة الشعب ومتطلبات العصر وتقلبات الأمور وتغير الأزمنة .

 

تبنت أوروبا فكرة العلمانية لما عانته من ويلات الحكم الديني وكان أباء الكنيسة ما يحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء وما يربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء ؛ أو بعبارة أدق يتكلمون بلسان الرب ولا يستطع أحد مراجعتهم فيما يقولونه أو يفعلونه .

 

ولقد نشأت العلمانية في العصور الوسطى تحديداً على متن القرن السابع عشر كنتيجة حتمية لإضهاد الكنيسة التي وقفت ضد العلم والعلماء بل واتهمتهم بالهرطقة مثل : ( كوبرنيكوس ، جرادانو ، سبينوزا وجون لوك ) وتعتبر في جوهرها أسلوب ماركسي شيوعي ، ينكر وجود الله ويهدف إلى القضاء على الأديان.

 

عرفت هذه الفترة بعصور الظلام الأوروبي وتميزت بشدة وحدة الصراع بين الإمبراطور والكنيسة حول إختصاصات كل منهما ، فالإمبراطور كان يجمع بين يديه الإمتيازات والإحتكارات التي يستطيع من خلالها الإستيلاء على الأملاك وفرض الضرائب وفقاً لرغباته والكنيسة كانت تحتكر الإشراف على السلوك الديني والدنيوي وتفرض سلطتها عن طريق محاكمها الخاصة مع إنتشار كهنوتها في كل مكان ؛ وقد بدأ موجها الصراعي في حياة الإمبراطور الرومانية .

 

ثم جاءت فكرة العلمانية للتخلص من تدخلات الكنيسة وتحت حجة تحديث قيم السماء بإطار عصري وصياغتها بشكل يتلائم ويتواكب مع روح التطور والإنفتاح وبناء نسيج مجتمعي بعيداً عن الآراء والمعتقدات .

 

لكن دعني اسألك ؛ كيف لقوانين وضعيه صنعها البشر بأنفسهم أن تستبدل بقوانين وضعها الله ؟

 

إن كنت منحلاً فلا مانع من أي شئ فلا وازع ديني ولا أخلاق ثم تقدم إليك الملزات فتلهو وتبتعد عن سياسات الحكم فيسهل السيطرة عليك ؛ هؤلاء فرق ضالة هدفها الوحيد السيطرة على العالم وذلك بنشر الفساد بكل أشكاله ولا يمكن ذلك الإ بهدم الأديان خاصة من يعتقدوا بالحياة بعد الموت ، وهي مخطط شيطاني جاء به النورانيون ؛ تدميراً للقيم ونشراً للإلحاد سعياً لتنصيب ( الدجال ) وبتدبيرهم نشبت الحربين العالميتين الأولى 1914م. والثانية 1945م.

 

إستناداً على تحارب المذاهب . فلما نشأت الليبرالية كرد فعل أيضاً لمظالم الكنيسة والإقطاع وتشكلت بصورة تختلف عن غيرها في كل بلد حسب منظورها فكانت سبباً رئيسياً وراء الثورة ” الإنجليزية والأمريكية والفرنسية ” ورغم أنها تدعو للحرية الإ أن خرجت لها مذاهب مضادة من رحم الحرية ذاتها فجاءت الفاشية والنازية والشيوعية وجميعهم يعتبروا أنفسهم ممثل شرعي للفكر التنويري وكل منهم يتهم الآخر بأنه ضد الحرية .

 

الأمة يا سيدي تشهد حرب قذرة مختلفة الأشكال ونحن لا حول لنا ولا قوة وحين تدافع عن دينك يصوبوا نحوك السهام ويتهموك بالتشدد إن فشلوا في إتهامك بالإرهاب . وإن كنتم تسعون إلى إنتهاج فكر عقلاني في التعامل مع النصوص الدينية بحجة الإصلاح الديني فهل من العقلانية أن يصلح الإنسان المخلوق ما جاء من عند خالقه ؟ وإن كان الدين كمنهج وضعه الله ليسير حياة البشر على الأرض التي خلقوا لعمارتها يحتاج إلى إصلاح فكيف لهذا الدين أن يصلح أحوال الخلائق ؟ إن كنتم تريدون التحرر من الأحكام الإسلامية لأهواء شخصية فلا حرج عليكم ولا داع لكلام براق زائف تتسللون به إلى عقول غيركم . ثم إن كانت العلمانية في نظركم لم تأت لمحاربة الأديان خاصة الإسلام إذاً لماذا تتهمون الإسلام والمسلمين بالإرهاب ؟ ثم تنسبوا إليه جماعات إرهابية لم تمثل الإسلام في أي جانب من جوانبه ولا تمت الإسلام بأي صلة ؟

 

مع أن اليابان نموذج علماني رائع يتغنى به العلماني العربي البائس كمثال يحتذى به في التقدم والعمل بعيداً عن الأديان والآراء والمعتقدات ؛ فهل سألت نفسك كيف للكافر أن يعيش رغم همجية الكفر في إنسانية وحرية ومساواة ؟

 

لكن هل سألت نفسك كيف لكافر أن يعيش في إنسانية وحرية ومساواة رغم همجية الكفر ؟
اليابان مهما تطورت يظل يتغلغلها الفراغ للروحي فنسبة الإنتحار فيها مرتفعة بسبب تقديس العمل كما المنتحرين في سويسرا من كثرة الرفاهية ، المدارس والمستشفيات في بعض القرى اغلقت بسبب النقص المستمر في نسبة المواليد ، يأتيك العزوف عن الزواج والإنجاب والإتجاه إلى تربية الحيوانات بديلاً عن تربية الأطفال . وأبناء جلدتنا البائسين يدافعوا عن تقدم لا ناقة لهم فيه ولا جمل . وفي الواقع المؤلم أن نحن من قدم الحضارة والعلم لأوروبا عندما كانوا يعيشوا على الإحتطاب ويناموا جياعاً في الكهوف ؛ فلا تتعامى عن الحقيقة حتى لو لم تؤمن به .

 

ثم تأتي ببطلانك العربيد فتتهم الخطاب الديني بالترهيب والتعصب ! يبدوا أنك لم تسمع عن ( مافيا الياكوزا ) نعود إلى كوكب اليابان الشقيق ؛ الياكوزا طبقة مهمشة من اليابانيين ، لا تندهش فلا يوجد بلد حالياً بدون طبقية فكل مكان به السادة والعبيد . بلغ عدد أعضاء الياكوزا في 1960 إلى 184 ألف نسمة وهم في تزايد مستمر تدري لماذا ؟ بسبب قوانين الحرية التي تشرعها بلادهم ومن المضحك أن هذه العصابات لا تسمح بإنضمام أي شخص لها الإ في ضوء شروط معينة مثلاً أن يكون فرد الياكوزا عديم الرحمة ، شخص وحشي ، غير أدمي .

 

تخيل أن فرد الياكوزا إن عصا سيده ، يقطع أحد أصابع كفه وتقدم كقربان له طلباً للصفح والغفران ، والمرأة في الياكوزا تتميز بمعاملة فريدة مثلها مثل المرأة في جهاز الإستخبارات العالمي فهي تستخدم في عمليات الدعارة والتجسس والإبتزاز لاسيما الشخصيات السياسية والعسكرية للضغط عليهم لمواصلة الياكوزا نشاطها ؛ ومن الغريب أن هذه العصابات تحكمها العلائلات ومن أشهر عائلاتها ( ياما غوتشي غومي ) وتعد أنجح وأبرع عائلة في القتل وقد وصلت لمرحلة من الإتقان جعلتها تنافس المافيا الأمريكية والروسية ؛ ثم عائلة ( ريجو ) ثاني أقوى عائلة ياكوزيه تليها عائلة ( كاي ) وهي تمارس نشاطها خارط اليابان . وحين ذكرها رئيس وزاء اليابان قال : لا يوجد مجتمع مثالي 100% كان تصريحه هذا عقب المساعدات المالية التي قدمتها الياكوزا ب 2 مليار دولار للحكومة اليابانيه إبان واقعة ” تسونامي ” من أجل إنقاذ متضرري جزيرة ” كايدو” وهذا أسلوب ( شخلل تعدي ) كما يصفه المصريين .

 

يبدو أننا في مرحلة خطيرة ؛ ففكرة نظام عالمي جديد ما هي الإ تمهيد لظهور أشرس الفتن والشرق الأوسط مسرح لعرضها ؛ 160 دولة بالعالم يسكنها مليارات البشر تحكمهم ظاهرياً أنظمة سياسية وإقتصادية مختلفة المشارب لكن الحقيقة أن هناك نظام عالمي يوازيه آخر دولي يحكمان العالم بقيادة حكومة واحدة تعمل من خلف ستار ماسنوي .

 

تسعون لقمع الشعوب تحت مائدة التخلف فتجعلوهم يعلقوا كل فشل على كاهل المؤامرة والصهيونية والإمبريالية وأعداء الإسلام ثم تتهمونهم بالغباء والجبن والخيبه والضعف ؛ نحن نعترف بالتقصير في حق الله وعدم قدرتنا على إقناع أنفسنا بهدايته والنهوض ببلادنا فكيف لنا أن نقنعكم بحكمة الرب في الأديان وأن الغلبة للذي وحد بالإله وأمن بكتبه وأن النصر لمحسوم ؛ ثم ترمون علينا يرقات ممنهجة خصيصاً لإراقة الدماء باسم الله ، تذبح باسم الله تدعو لجهاد اللواط والنكاح وسبي النساء باسم الله فجعلتم من الدين وسيلة للإعتداء على الشعوب الأمنه بمسميات متنوعة من داعش ل حزب الله ل بوكو حرام ل الإخوان المسلمين ل أنصار بيت المقدس لحماس وغيرها ؛ لم تجدوا سبيلاً إلى هدم الأمم الإ هدم الدين فقد قالتها جولدامائير : إن لم يقدر عليهم أهل الأرض تقدر عليهم السماء تاجرتم باسم الدين لهدم الدين فربحت تجارتكم وبخست تجارتنا لأننا فشلنا في الدفاع عن الدين .

Exit mobile version