Site icon جريدة البيان

السيد الفضالي يكتب .. طوفان نوح بين الحقيقه والخيال ( الجزء الثاني )

إن قصة طوفان نوح هي الأكثر من بين القصص العالمية إثارة للخيال الإنساني للآلاف من الناس عبر العصور مع ذكرها في الكتب المقدسه التوراة والإنجيل و القرآن بل ذكرت في أساطير معظم شعوب العالم تتحدث عن هذا الحدث العالمي. الذي أحدث انفصالا بعيد المدي بين الموقف الديني والموقف العلمي فكانت من أسس التشكيك في الدين و في الوحي و في النبوات و في الكتب المقدسة و لم يشفع لها ذكرها في الكتب المقدسة لأهل الملل التوحيدية بل أعدت أسطورة و أكذوبة عند المشككين في النبوات وكانت مطمعا
لتشكيكات علمية و فلسفية كبيرة عبر القرون بتساؤلا ت يجب ان تؤخذ حتى بعين الإعتبار حتى أن أحد الفلاسفة الرومان في القرن الثاني الميلادي كتب يقول : كيف يعقل أن سفينة بهذا الحجم تحتوي علي كل أجناس الحيوان و الطير مشيرا إلى الحجم المذكور في التوراة هي حسب هذه الكتابات سفينة بطول 30 ذراعا في عرض 50 ذراعا في ارتفاع 30 ذراعا وهذه المساحة لا يعقل أن تتسع لمئات الآلاف من أنواع الحيوانات و الحشرات و الطير علما أن العنكبوتيات وحدها كفصيلة تعد ستة عشر ألف نوع فهذا الفيلسوف
الروماني ووقف موقفا علميا دقيقا ويجب أن تبررعلميا وكيف تستطيع حمل كل الأجناس من الحيوانات و الطير و النباتات عقلا مستحيل ولكن هذا ما يصرعليه أهل الأديان المختلفة من بينهم المفسرين الإسلاميين مع تجاوز واضح لقراءة دقيقة للنص القرآنية والتي سأتعرض لها وأثبت أن القرآن لا يتعارض مع التفكير العلمي السليم ومع مناهج و قواعد و قوانين الفيزياء
هذا وفي القرن الخامس الميلادي تساءل أيضا القس الشهير تيودوريت كيف سن لنوح أن تجتمع لديه كل هذه الأنواع من المخلوقات من أصقاع الأرض ؟ كيف ذلك؟ كيف جمع كل أشكال الحيوان علي وجه المعمورة ؟ ونحن في هذا العصر و مع هذا التقدم التكنولوجي الفائق و لو أرادة الولايات المتحده الأمريكيه أن تجمع ذكر وأنثي من كل أنواع النباتات والحيوانية والحشرات الموجودة على كوكب الأرض ما استطاعت ذلك فكيف استطاع نوح أن يفعل ذلك !! ثم كيف استطاع نوح أن يؤلف بينها؟ أي بين الأنواع متباغضة من الحيوانات والحشرات وكيف استطاع أن يوفر غذائها خاصة و أن الماء لم ينسحب عن وجه الأرض و لم تبدأ الأرض في ابتلاع ماءها هذا حسب التوراة إلا بعد 150 يوما فكيف تسني له إطعام كل هذه الأنواع من المخلوقات؟ و ماذا فعل بفضلاتها؟ فهذه تحديات و أسئلة محرجة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار وسنجيب عنها وكذلك فإننا نجد حورنان برونوالذي الراهب والفيلسوف الايطالي والذي أحرق سنة 600 م و كان من ضمن التبريرات التي دونتها محكمة التفتيش لإحراقه حيا ما يتعلق بقصة الطوفان حيث أنه قال : لا يتسع عقلي و لا يتسع عقل أي بشر يحترم عقله أن الرب العظيم و الإله الكريم يهلك البشر أجمعين من أجل ذنوب قوم أخطئوا و كفروا لماذا كل البشر؟ ثم ما ذكر في التوراة وكان قوله هذا مبررا لحرقه حيا ..

ثم جاء العلم ليثبت أن التباعد بين ما يمكن أن يقبل به العقل الذي يحترم قوانين الطبيعية وسنن الوجودالإلهي وعقل الإنسان و مناهج تفكيره في قصة طوفان نوح عليه السلام
التي وردت في كتب التفاسير الإسلاميه لقصة الطوفان و هذه التفاسير سببها الاسرائليات المنسوبة إلي رسول الله عليه الصلاة و السلام والتي نجد في سندها يهوديا دخل الإسلام بعد وفاة رسول الله و هو براء منها وما قيل فيها من أمور مخزيه والتي وردت في تفسير ابن كثير أن من بالسفينه تأذوا من الفئران وشكوا ذلك لنوح فأمر الله الأسد فعطس فخرج من كلا منخريه هران ذكر و أنثي فأكلا الفئران إلا ما شاء الله ؟؟!! والسؤال الذي يطرح نفسه : هل عم الطوفان الأرض كلها و أن الله أهلك الحرث و النسل و لم يبق نفس ولا جسد فيه نفس إلا أهلكه الله إلا من كان في السفينة لو سألنا أي عالم في الهيدرولوجي علم الأرصاد وعلم المياه سيقول لك أن هذا لا يتفق مع التفكيرالعلمي الدقيق .. لماذا ؟
لان كل متر مربع من الأرض يرتكز عليه عمود هواء يحمل بخار ماء بمعدل 16 كيلا أي 16 كيلوجرام و أقصي كيل يبلغه 25 كجم أي 25 ألف جرام ترتكز علي كل متر مربع أي بحجم 25 ألف جرام مكعب ترتكز علي متر واحد الذي هو 10000 سنتمتر مربع وعندما نقسم هذا علي هذه المساحة تخرج لك إلا مكانية التي تحدد الحد الاقصي لوعم الطوفان وجه سيكون منسوب إرتفاع الماء 2.5 سنتمترفقط هذا يخالف التصور العلمي لأن كمية المياهعلي هذا الكوكب لا تسمح إن عم طوفان الأرض كلها أن ترتفع منسوبها 2.5 سنتمتر وعلميا أيضا لا يمكن للأرض أن تشرب كل هذه الكمية من المياه فأين ذهبت هذه المياه التحديات كثيرة فهناك من يشكك في الأديان إسنادا إلي تلك هذه الروايات التوراتية فهل القرآن يمثل منجاه من هذه التشكيكات .. نعم هذه حقيقة واضحة و السؤال هنا هل عم الطوفان الأرض كلها كما أخبرت الروايات في التوراة ونقول حسب التأمل في الآيات القطعية في القران الكريم الجواب سيكون لا لم يعم الطوفان الأرض كلها و لا ينبغي له أن يكون قد عم الأرض كلها
لأنه في كتاب الله الذي ذكر فيه نوح نحو أربعين مرة لم يذكر في أي أية أو حتى في شطر أية أن نوحا قد أرسل للعالمين؟ أبدا كل ما ورد انه قد أرسل إلى قومه و كذبه قومه وأغرق قومه لقوله تعالى : وأغرقن الذين كذبوا بآياتنا
و لم يقل أغرقنا العالمين أو لم يقل أغرقنا الناس أجمعين
ولكنه قال وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم و جعلناهم للناس آيه
كلمة ناس إذن لفظ عام يدخل فيه ناس عصره أي أن الله جعل قوم نوح أية لناس عصره أيضا و أية لنا و للناس إلى يوم القيامة أي أن الطوفان لم يعم الأرض كلها إنما عم الأرض التي سكنها نوح وقومه كذلك حسب كتاب الله فقط الناس الذين يكذبون هم الذين يحاسبون و يقول تعالى في أية العنكبوت : وأذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح
أي يذهب قوم و ياتى آخرون وكما قال نبي الله هود يخاطب قومه كما جاء في القران الكريم
بما يعني أنه ذهب قوم وجاء قوم آخرون
ثم إن كل نبي أرسل فقط إلى قومه إلا الرسول محمد عليه الصلاة و السلام أرسل إلى الناس أجمعين لقوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَالنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .. وهنا تسقط شبهة جردان برونو التي تساءل فيها كيف يعذب الله الناس أجمعين بجحود قوم مخصصين لقوله تعالى في القران الكريم : ونصرناه من القوم الذين كذبوا بٱياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين
أما الآيات التي تشير إلى بعض العموم حسب فهم البعض مثل أية
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ … سورة القمر .. الإلف و اللام هنا ليست للأرض كلها بل للأرض المعهودة
فهل الرسول مثلا كان يسكن كل الأرض  ومع ذلك الآية تقول : وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا أي المقصود بالأرض في هذه الآية هي مكه وليس كل الأرض

وهذا الموضوع كان سببا لبعض التبريرات اليهودية التي تربى أطفالها على عقائد إلهيه تقول بان الله يبطش بالبشرية جمعاء بسبب ذنوب قوم معينين وأنهم هم الساميين وشعب الله المختار وان باقي الناس جاؤا لخدمتهم وهذا ما سيجعل ممن تربى على هذه العقيدة التلموديه طاغيا لهذا كان قتلهم للأسرى المصريين في حرب 67 من صلب العقيده اليهوديه أي انه يحمل الأبرياء أخطاء بعض الأشقياء

يقول تعالى : فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙفَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُموَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُمْ مُغْرَقُون .. ولفظ حتى إذا فار التنور يدل على أن الأمر مقترن بفوران التنور و هي علامة تدل على سرعة الأمر؟ وبالتالي ضرورة أن تكون الحيوانات أليفه يسهل إدخالها إلى السفينة وأن هذه الحيوانات هي بعض الحيوانات المستأنسه في بيئته والتى إن لم يحملها معه سيتكلف فيما بعد العناء لجلبها من الأصقاع النائية التي لم يعمها الطوفان
وبعد كل هذا أصبح واضحاً كوضوح الشمس في ضحاها ان الطوفان كان للمنطقه التي سكنها نوح وقومه فقط ولم يعم كوكب الأرض

Exit mobile version