Site icon جريدة البيان

السيدخيرالله يكتب : مطالب السيسي تكشف الخلل وحجم الخسائر بالقطاع العام ..وإقالة عواجيز القابضة أولي طرق الإصلاح .

 

منذ عدة أسابيع كتبت عن ( كيف انقذ الرئيس السيسي صناعة الغزل والنسيج من الضياع ) وأشرت الي إرادة الدولة الحقيقية في إنقاذ القطاع العام برمته ، وان هناك قيادات يتولون إدارة بعض الشركات داخل القطاع العام وليس لديهم معرفة بأدني معايير الإدارة والابتكار كما أن هناك العديد من هذه الشركات تعاني من وجود قيادات يتولون مسؤولية دون سابق معرفة بملفات هذه الشركات أو تولي بعض الموظفين مناصب قيادية وتقوم بأعمال روتينية وأن كل مهمتهم التفرغ في ” جني ” أموال بدلات اللجان التي تعقد من وقت لآخر أو بدلات مجالس الإدارة حتي أصبحت بعض الشركات تحقق خسائر مالية سنوياً بسبب سوء إدارة من يتولون قياداتها .
جاءت توجيهات الرئيس السيسي بتطوير شركات القطاع العام ورفع قدرتها من أجل المنافسة سواء في الأسواق الخارجية أو المحلية يؤكد مدي حرص القيادة السياسية علي الارتقاء لهذه الشركات وزيادة معدلات الإنتاج مما سينعكس أيضاً علي العاملين بها خاصة الشركات التي تتعلق بالسلع الاستراتيجية ونستورد غالبية منتجاتها من الخارج بالعملة الصعبة وأن تطوير خطوط الإنتاج لهذه الشركات سيعزز المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية من الإنتاج المحلي بدلا من اللجوء للاستيراد حيث نستورد أكثر من 90٪؜ من احتياجاتنا من زيت الطعام وأكثر من 25% من احتياجاتنا من السكر وغيرها من السلع الأساسية الأخرى .
تطوير شركات القطاع العام سيعمل علي حدوث طفرة حقيقية في زيادة معدلات الإنتاج الخاصة بالسلع الاستراتيجية وأن ذلك يتطلب من المسؤولين اختيار القيادات المؤهلة لتولي مسؤولية الإدارة بعيداً عن المجاملات والمحسوبية في اختيار كوادر تعمل بشكل روتيني ومهمتها تنحصر في تيسير الأعمال فقط ، وأن يكون اختيار القيادات من أصحاب الكفاءات ممن لديهم القدرة علي استغلال موارد الشركات الاستغلال الأمثل وان يكون أيضاً صرف الحوافز السنوية لاعضاء مجالس إدارة الشركات مرتبط بمدي ما تحققه الشركة من أرباح تتناسب مع ما يتم صرفه لهم .
ولكن ما يثير للدهشة هو وجود بعض شركات القطاع العام التي تتعرض لخسائر سنويا إما بسبب سوء الإدارة وعدم استطاعة القائمين عليها في وضع خطة لزيادة معدلات الإنتاج لينعكس سلباً علي عدم تحقيق أرباح وإما لصرف مكافآت لأعضاء مجلس الإدارة بمبالغ مالية لا تتناسب مع العائد مما يؤثر أيضاً بشكل سلبي علي موازنة هذه الشركات واضطرار للبعض منها للجوء الي الإقراض من البنوك لتغطية العجز في مواردها .
لابد وان نعلم أن إيقاف خسائر شركات القطاع العام يتطلب الاستعانة بكوادر علمية لديها رؤية تستطيع استخدام الأبحاث العلمية في الابتكار واستغلال الموارد المتاحة من أجل النهوض لهذه الشركات خاصة المتعلقة بإنتاج السلع الاستراتيجية والتي نستورد غالبيتها من الخارج بالعملة الصعبة وأن لا يتولي قيادة هذه الشركات أشخاصا يعملون بشكل روتيني كتيسير أعمال وهو ما نشاهده في العديد من شركات القطاع العام .
أهتمام القيادة السياسية حاليا بتطوير شركات القطاع العام يؤدي إلي حدوث طفرة خاصة للشركات المنتجة للسلع الاستراتيجية كما سيعود بالنفع علي العاملين بها من خلال زيادة معدلات الإنتاج وتحويل الشركات الخاسرة الي رابحة .
وهو ما يجعلنا ان نذكر ما رصدته الحكومة في تقرير سابق لها منذ عامين عن معاناة محفظة استثمارات الدولة في شركات قطاع الأعمال العام من تدني العائد الاقتصادي علي هذه الاستثمارات وخلل تكوين محافظ استثمارات الشركات القابضة مما أدي إلي تركز الشركات التابعة الخاسرة في بعض الشركات القابضة وبالتالي عدم قدرة الشركة القابضة علي حل مشاكل شركاتها التابعة وعدم استغلال هذه الشركات لفوائدها المالية أو قدرتها الفنية في تطوير وإعادة هيكلة الشركات الأخرى الخاسرة .
كما تتضمن التقرير وقتها ارتفاع عدد الشركات الخاسرة التي تعاني من أزمات تمويلية وفنية خاصة وارتفاع نسبة مساهمة مجموعة محدودة من الشركات في أرباح القطاع حيث تمثل أرباح أعلي 8 شركات نسبة 70% من إجمالي أرباح الشركات الرابحة ما يشير الي ارتفاع درجة تركز مخاطر الربحية ووجود العديد من الأصول غير المستغلة والطاقات العاطلة وانخفاض إنتاجية العامل وتحمل الموازنة العامة للدولة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتكلفة تمويل العديد من شركات القطاع .
وشملت مشاكل القطاع العام كذلك تراكم المخزون وعدم القدرة علي تصريف المخزون الراكد ووجود خلط بين مفهوم تقديم الخدمة العامة بالجهاز الإداري للدولة ومفهوم النشاط الانتاجي والاستثماري في شركات قطاع الأعمال العام والخلط بين دور الشركات القابضة المنصوص عليه في القانون رقم 203 لسنه 1991 لقطاع الأعمال العام وبين دور المؤسسات الفنية والهيئات العامة سواء من ناحية تشكيل وتكوين محفظة الاستثمارات التابعة لكل شركات قابضة أو من ناحية خبرات القيادات بالشركات القابضة .
ويعتبر قانون 203 لسنه 91 من القوانين التي أضرت الشركات كثيرا وساهمت في زيادة خسائر شركات قطاع الأعمال العام والتي بلغت حاليا 40 مليار جنيه نتيجة التحايل بمنع تصفية الشركات .
وهو ما جعل البرلمان ينتفض ضد هذا القانون وعقدت جلسة مناقشات بين كل من النقابات العمالية ووزير القوي العاملة مع وزير قطاع الأعمال العام لمناقشة تعديلات هذا القانون والتي سيشمل تعديلاته في مادته الأولي استبدال عدد من مواد القانون بمواد جديدة ابرزها ما تضمنته تعيين رئيس مجلس إدارة غير تنفيذي للشركة وألا يقل عدد مجلس الإدارة عن 5 وألا يزيد عن 9 أعضاء .
أما المادة الأهم التي تضمنتها التعديلات والتي من المتوقع أن يدور جدل كبير حولها المادة 38 ونصها ” وفي جميع الأحوال إذا بلغت قيمة خسائر نشاط الشركة كامل حقوق المساهمين بالشركة وجب علي الجمعية العامة غير العادية حل وتصفية الشركة أو دمجها في شركة اخري بمراعاة الحفاظ علي حقوق العاملين بها بما لا يقل عما تضمنه قانون العمل .
ولابد أن نشير إلي أمر هام وهو ان المشاكل التي تواجه القطاع العام عدم دقة البيانات وعرضها في توقيتات متأخرة ما يحول دون توفير المعلومات اللازمة لدعم اتخاذ القرار ، علاوة علي وجود مطالب عمالية بالحصول علي حصص في الأرباح حتي في الشركات الخاسرة أسوة بما يتم توزيعه في الشركات الرابحة دفترياً ، ما يمثل مشكلة بتحول قطاع الأعمال العام من قاطرة اقتصادية واستثمارية للدولة إلي عبء دائم علي الموازنة العامة .

إذاً فنحن أمام تحدي جديد وكبير تواجهه الدولة في كيفية اعادة هيكلة القطاع العام برمته وهو ملف يحتاج بالفعل لارادة سياسية حقيقية تبدأ بغربلة عواجيز شركات قطاع الأعمال وهي اولي طرق الإصلاح . وللحديث بقيه .

Exit mobile version