لم أجد كلمات أصف بها معدومي الضمائر من بعض تجار المستلزمات الطبية وأيضا من بعض أصحاب الصيدليات وتجار السلع والخضراوات لاستغلال الأزمة التي تمر بها البلاد والتي تعد هي الاصعب علي مدار تاريخ البشرية وسط مخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد ، ليقوم البعض من هؤلاء بزيادة أسعار المستلزمات الطبية ” الكمامات والقفازات والكحوليات والسلع بأسعار مضاعفة بدلًا من مشاركة الدولة في تخفيف العبء علي المواطن وطرح المستلزمات بسعر التكلفة أو بهامش ربح بسيط وهو ما كشفت عنه الأجهزة الرقابية من ضبط مخالفات كثيرة علي مدار الأيام الماضية ، في الوقت الذي يحتل صدارة تفكير المواطنين خاصة العاملين منهم باليومية كيفية توفير احتياجات أسرهم من السلع الغذائية او المستلزمات الوقائية حتي قامت الدولة باتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية لحماية مثل هؤلاء الفئات .
ما ذكرته عن معدومي الضمائر ينطبق علي البعض وليس الجميع فهناك الكثير من أصحاب الصيدليات والتجار الشرفاء يطرحون المستلزمات والسلع بسعرها العادل دون مغالاة لكل من يستغل منهم ما نواجهه حاليا لا ينطبق عليهم سوي أنهم ( تجار دماء البشر ) ولا يعرفون معني الإنسانية في ظل المغالاة في سعر المستلزمات الطبية وايضا زيادة أسعار بعض المنتجات منها الليمون نتيجة الإقبال عليه حتي وصل سعر الكيلو لدي بعض تجار التجزئة الي 30 و20 جنيه وقد تكون بدون مصدر معلوم عن تصنيعها وعبوة الكحول حجم 70 ملي 35 جنيه رغم أن أسعارهم الحقيقية كانت لا تتعدي 20 أو 30 ٪ قبل الأزمة ، مما قد يؤدي الي تعذر البعض عن شراء المستلزمات في الوقت الذي قد تكون حياته معرضة للخطر في اختلاطه بمصاب فيروس كورونا دون معرفته أو سبب عدم استطاعته شراء مستلزمات الوقاية نتيجه مغالاه معدومي الضمائر في الأسعار .
هؤلاء تجار دماء البشر في زمن كورونا .. كل من حاول استغلال أزمة تواجهها البشرية حاليا من رفع أسعار أو الخضراوات أو زيادة أسعار الخدمات وكل من يحاول أيضًا المغالاة في أسعار المستلزمات الطبية وتحقيق مكاسب غير مشروعة .
فما تابعناه خلال الفترة الماضية يؤكد ما نسرده فقد ضبطت الجهات الأمنية العديد من تجار السلع وأصحاب المحالات التجارية بعد قيامهم بالتلاعب في أسعار بعض المنظفات والمطهرات التي تباع في السوبر ماركت بشكل غير قانوني وأيضا أسعار الأدوية والسلع الغذائية بالمناطق المختلفة الأمر الذي قد يعرض المضبوطين والمتورطين في مثل هذه الجرائم للمحاكمة الجنائية العاجلة طبقًا لقانون أمن الدولة العليا طوارئ استنادًا لقرار الرئيس السيسي الذي أصدره في منتصف يناير الماضي يحمل رقم 20 لسنة 2020 بمد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر .
وتجدر الإشارة إلي وجود علاقة طردية بين الاحتكار وتدهور الاقتصاد والمجتمع فكلما تزداد حدة الاحتكار يزداد حجم النقص في الاحتياجات الأساسية لفئات محدودي ومتوسطي الدخل ، لان ارتفاع الأسعار يعني اقتطاع جزء من قوتها الشرائية وهذا ما يفضي لنقص إشباع حاجاتها الأساسية ويدفع هذا النقص الي انحراف سلوك الأفراد في فئة محدودي الدخل وربما متوسطة الدخل كاللجوء الي الغش والاحتيال والسرقة .. إلخ ، وذلك من أجل سد النقص في احتياجاتهم الأساسية وان اللجوء الي السلوكيات اللا أخلاقية ستؤثر علي المجتمع برمته وانعكاسها مرة اخري .
ولكي نعلم ان قضية الاحتكار تعد من أكبر وأقوي القضايا التي اولت لها الدولة اهتماما كبيرا منذ عقود طويلة دعونا نسرد ما قامت به الدولة من اجل الضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات الاقتصاد المصري .
فقد نشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس السيسي بمد حالة الطوارئ بقرار رئيس الجمهورية رقم 555 لسنة 2019 المشار إليه في جميع أنحاء البلاد وجاي القرار طبقا للقانون 162 لسنة 1958 والذي نص علي أنه تحيل النيابة العامة الي محاكم أمن الدولة العليا طوارئ الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر والجرائم المنصوص عليها بشأن تعطيل المواصلات وجرائم الترويع والتخويف والبلطجة والجرائم الخاصة بشئون التموين الخاص بالتسعير الجبري وتحديد الأرباح والقرارات المنفذة له .
وتتسم عملية الاحتكار بالحجم الكبير والانتشار الواسع في بلدان كثيرة ويترجم هذا النقص الي انحراف في سلوكيات الأفراد المتضررة من الاحتكار وهذا ما يؤدي إلي سوء المناخ الاستثماري وانخفاض حجم الاستثمار وزيادة البطالة التي تؤثر علي الاقتصاد والمجتمع في آن واحد .
لابد وان نشير الي أن الاحتكار لا تبرز في بداية الأمر لأن المحتكر لا يستطيع ممارسة الاحتكار وفرض سيطرته علي السوق بشكل مباشر حيث يمارس في بداية الأمر سياسة الإغراق ولمدة معينة تكون مرهونة بمدي القدرة التي يتمتع بها فكلما تكون قدرته كبيرة تكون مدة ممارسة الإغراق أقل والعكس صحيح كلما تكون صغيرة تكون المدة أكبر ومن ثم تطبيق الاحتكار لتحقيق هدفه المنشود المذكور آنفًا .
نعم هناك أسباب عديدة وراء ظهور الاحتكار يمكن الإشارة لأبرزها وأهمها ، وهي غياب الرؤية الكونية وضعف الجانب الأخلاقي والإنساني لدي المحتكر ويري أن أهمية المادة فوق كل شئ فهو يسعي لتحقيقها بشتي الوسائل .
فيا سادة لقد حرمت كافة الأديان السماوية الاحتكار لما فيه من تضييق علي عباد الله في قول النبي ( ص ) ” لا يحتكر إلا خاطئ ” وقوله ( ص ) من أحتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالي وبرئ الله تعالي منه ” .
ولقد أصبح الاحتكار ركيزة من ركائز النظام الرأسمالي الحديث وسمة من سمات التعامل الاقتصادي في معظم الشركات ، رغم انه يحمل في طياته بذور الهلاك والدمار لما يسببه في ظلم وعمت وغلاء وبلاء ولما فيه من إهدار لحرية التجارة والصناعة وسد لمنافذ العمل وأبواب الرزق أمام غير المحتكرين .
ولعل ما كشفته إدارة مباحث التموين وخاصة بمحافظة الغربية من ضربات متتالية ساحقة يؤكد ان هناك مصاصي دماء ولكن لابد وان نشيد بدور تلك الأجهزة الرقابية التي تعمل ليل نهار لضبط الأسواق في ظل تلك الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ، ولكن حتما سيكون هناك رجال علي قدر المسئولية في مواجهة هؤلاء الأوغاد فاقدي الضمير .
ستظل الدولة في مواجهه هؤلاء المافيا وسنعاملهم كمجرمي حرب ( خونة للوطن ) وسترفع راية الحق مهما طال الوقت .. وبأمر الله قريباً ستزول الغمة وتشرق شمس الربيع .. حفظ الله مصر شعبها ورئيسها وسائر بلاد المسلمين .
التعليقات