كثيرة هى الخطط التى وضعتها الحكومات المتعاقبة لإنهاء أزمة الأسواق العشوائية بعد أن زحف الباعة المتجولون فى كافة الشوارع واحتلوا المناطق الحيوية وأقاموا الأسواق التى انعدمت فيها وسائل الأمان فى كل مكان، مسببة فوضى ومظاهر غير حضارية، فضلاً عن بيع سلع أغلبها مجهولة المصدر، هذا ما دفع المسئولين لإنشاء أسواق حضارية تكفل توفير مكان آدمى للباعة الجائلين بعيداً عن زحام الشوارع، ولكن الذى حدث هو أن المسئولين اكتفوا بنقل الباعة واعتقدوا أنهم تخلصوا من كابوس مزعج، ولكن المفاجأة أن الكثيرين من الباعة الجائلين تركوا الأسواق الحضارية وعادوا مرة أخرى إلى الشارع.
على الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة عن عدد الأسواق العشوائية فى مصر، إلا أن البيانات تشير إلى أن عددهم يقدر بحوالى 1200 سوق عشوائى، وتشير الدراسات إلى أن حجم التعاملات فى الاقتصاد غير الرسمى يصل إلى 1٫5 تريليون جنيه، ويهدر الاقتصاد غير الرسمى حوالى 50% من الضرائب.
الأسواق الحضارية خطة لجأت الحكومة لإقامتها فى جميع المحافظات للقضاء على ظاهرة الباعة الجائلين، بعد أن بلغ عددهم نحو 5 ملايين و400 ألف بائع متجول فى مصر، ويوجد بمحافظة الغربية وحدها ١١٢سوقاً عشوائياً .
فعلي سبيل المثال نجد داخل مدينة زفتي بمحافظة مسقط رأسي هذه المدينة الغالية علي قلوبنا وأخرجت الكثير من الرموز في شتي المجالات تجدها الان بشكل مختلف بعد ان احتلها الباعة الجائلين وانتشرت الأسواق العشوائية توحشوا وفرضوا سطوتهم على الأسواق واحتلوا الشوارع والأرصفة وقسموها، حتى الأماكن المهمة لم يتركوها فقسموها إلى باكيات، كل هذا تحت مرأى ومسمع المسئولين بمدينة زفتي الذين رفعوا شعار «ودن من طين وودن من عجين».. إنهم بعض تجار المدينة الذين ضربوا بالقانون عرض الحائط في غفلة من الأجهزة التنفيذية التي تكتفي بالفرجة فقط فحولوا الشوارع الميادين إلى «مولد وصاحبه غايب» وأصبحت الطرقات أشبه بالسيرك.
بداية العشوائية تبدأ من خلال ما رصدته بسوق الخضار الرئيسي فقد تحولت إلى «مولد وصاحبه غايب».. البضائع احتلت الأرصفة والممرات دون وجود وسائل حماية مدنية وفى غيبة من أجهزة الحى.. وما يصيبك بالدهشة وجود هذا السوق الواقع في منتصف المدينةبشكل عشوائى دون ترخيص احتله الباعة الجائلون.
ورغم صدور تقرير من الحماية المدنية يحذر من وجود هذا السوق ويطالب بإزالته لأنه يمثل خطرا على حياه المواطنين، إلا أن أجهزة الحى أصدرت خطابا إلى المحافظة يفيد بأنه تم إخلاء هذا السوق بالكامل من الباعة، وهذا الكلام «حبر على الورق» فالسوق قائم والكارثة محققة، هذا السوق هو نموذج مصغر للفوضى الذى اجتاحت جمهورية زفتي وأصبح بؤرة لانتشار الكورونا دون حسيب ولا رقيب.
والغريب فى الأمر أن هذا السوق قد احتل الشارع فلم يكفه إقامته سوقا مخالفا بل خرج إلى الشارع واحتل الأرصفة فى مشهد يكشف مدى الفوضى والإهمال وهذا ما أكده المشهد العبثي أن أجهزة الحماية المدنية طالبت بإخلاء السوق وهذا لم يحدث فالسوق قائم ولا حياة لمن تنادى.
فوضى بكل شكل ولون أصبحت عاصية حتى على المسئولين المنوط بهم ردع هؤلاء الخارجين على القانون وخير مثال لهذه الفوضى هى إغلاق الطرق الرئيسية دون رخصة أو سند قانونى تحت مرأى ومسمع من الجميع، سيارات خضار وفاكهة وغيرها من أساليب العشوائية والفوضى وقفلت عليها «بالضبة والمفتاح» حتى لا تسمح لأحد بأن يعبر شوارعها سوى من يريد أن يشترى بضائع من الباعة.
صرخات حبيسة ودفينة يطلقها كل من يقوده حظه السيئ للمرور من شوارع سوق الخضار وإذا قدر له وخرج منها يجد أنه مر من الوقت ما مر دون أى استفادة.. وعلى أبواب تلك المدينة العتيقة وإن كان هناك تقارب فى الفوضى مع الاسواق العشوائية ولكن هناك اختلافا فى أشكال البضائع .
وكأنها سمة تميز كل منطقة فهنا فى زفتي التى تميزت منذ زمن بالتجارة أصبحت مرتعا كبيرا لكل أشكال الفوضى منتشرة في الشوارع ومطالع المحال التجارية للدرجة التى أصابت حركة التجارة لتلك المحال بالركود التام وكأن أصحابها رفعوا شعار «ممنوع من الكلام».
رسالتي الي الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية وأنا اعلم أنكم من القيادات التنفيذية النشطة ولكن ان يصور لكم البعض ان ازالة تلك الاسواق العشوائية تحتاج الي بدائل فهنا تكمن الخطورة ، فليس من المنطقي ان تواجه الدولة بكافة اجهزتها وباء كورونا المستجد وتسخر جهودها في محاربته ، ويكون هناك وباء من نوعاً اخر يجلب كل الأوبئة .. اعتقد ان وقوفكم موقف المتفرج وشغل المسكنات سيدفع الجميع ثمنه ، م الاخر زفتي تحتاج الي نظرة .. إلحقهم يا رحمي .. ولنا عودة .
التعليقات