الجمعة الموافق 11 - أبريل - 2025م

السنه النبويه فى العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر

السنه النبويه فى العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر

 

 

محمود عشري

 

تتحدث الدكتورة آمال عبدالغني أستاذ مساعد الفقه المقارن بقسم الدرسات الإسلاميّة بجامعة المنيا وعضو معهد العلوم الشرعية العالمي بالمملكة العربيةالسعودية، لجريدة البيان عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من شهر رمضان:

أقبلت العشر وفي طياتها الرحمة الربانية ..والفيوضات الإلهية..والجد والاجتهاد في الاهتداء والاتباع للحبيب المصطفى
دعونا نتأمل كيف حال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟..

كيف كان يتحرى الليالي العشر وخاصة ليلة القدر..ويخص العشر بمزايا من الأعمال التعبدية ؟
كيف كان يجتهد في الطاعات ما بين قول وعمل وعبادة ودعاء وطهارة وصدقة وتهجد وتضرع وقيام ومدراسة القرآن الكريم.وإطعام طعام وصلة وبر كأنه جمع أنواع البر والقربات إلى الله تعالى؟ لعظم الأجر فيها وللبشارة بأن من قام هذه العشر واجتهد فيها حتما سيفوز بليلة القدر والعتق من النار ويغفر الله له ما تقدم من ذنبه..إنها سعادة الدنيا والآخرة يا سادة؟؟إنها الفوز بالحياة الطيبة ؟بل الفوز بالرضا والرضوان وكيف لا وهي أيام معدودة،ولحظات قد لا تتكررفمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرتنا السيدة عائشة رضي الله عنها:”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”رواه مسلم .

فهنا نجد التطبيق العملي اجتهاد وإخلاص ومدوامة تقريبا لله يتحقق ذلك في الأعمال التي صارت نموذج للتأسي بها وهي قواعد الاجتهاد في العشر؟؟ إحياء الليل كأنه ميت ويحييه بالطاعة والذكر والصلاة والدعاء والاستفغار والتهجد وغيرها من أعمال يحصل بها الأجور المضاعفة فعن أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها.قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر” متفق عليه..اعتزال الدنيا والإنصراف عن شهواتها وترك زينتها ومباحاتها بشد المئزر ،واعتزال النساء للعبادة والخلوة وتهيئة القلب والنفس للعكوف على طاعة الرحمن امتثالا تطوعا ومحبة وخضوع والتعرض لنفحات الله مع والشكر على نعمة الصيام والليالي العشر وليلة القدر ولذا فكان يحيي الليل فيخلط ما بين نوم ويقظة في العشرين الأول فإذا أقبلت العشر شمر وأحيا الليل فعن أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها:”كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة وصوم ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر” أحمد .

ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الجد والاجتهاد في اغتنام هذه الغنيمة الباردة مع الأهل أيضا كيف؟” أيقظ الأهل”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا اليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر” متفق عليه..ومن هديه سنة الاعتكاف فكان يعتكف في العشرفعن عائشة رضي الله عنهاقالت :”كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً” رواه البخاري..فيلزم المسجد لطاعة الله، ومحاسبة النفس وكبح جماحها وإن حال الوباء هذا العام عن الاعتكاف بالمساجد لقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)البقرة: 187..فلا حرج من العكوف بمصلى البيت للرجل والمرأة أجاز لها فقهاء الحنفية ورأي للشافعية وللحنابلة ومن وافقهم جوازالاعتكاف في مصلاها وإن تعذر الاعتكاف فعلينا الاهتداء والإقتداء بتطبيقه على النفس بجعل البدن والجوارح تعكف على طاعة الله والانشغال بالذكر فنحيي السنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام وكان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً” رواه البخاري..

وإذا تأملنا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر كان يتحرى ليلة القدر درة الليالي وأعلاها فهي ليلة مباركة وسلام وأمان ومن عظم شرفها أنها الله سبحانه وتعالى سماها ليلة القدر ولأن الذي يحييها يصير ذا قدر، ولأن الله يقدر فيها مقاديرالعباد فيمحو ويثبت ما يشاء سبحانه فمن فضائل ليلة القدر نعمة نزول القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}وأنها خير من ألف شهر أي أكثر من ثمانين سنة عبادة وهي مكرمة للأمة قال تعالى: (ليْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ومباركة قال تعالى: (إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)الدخان: 3 .. تتنزل فيها الملائكة والروح “جبريل عليه السلام “فتعم الأرض البركات والرحمات قال تعالى: {تَنَـزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}..وهي ليلة سلام ” سالمة من كل أذى، وسلام لأهل الإيمان من كل شر فهي ليلة عتق من النار فيسلم منها كل قائم محتسب لله، (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) تقدر فيها المقادير قال تعالى:(فيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)الدخان: _4 ما كان وما كائن وما يكون في العام ..تقدير عمري..الأرزاق والآجال والأعمال للعباد ومن أعظم فضائلها غفر الذنوب قال صلى الله عليه وسلم:”من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).

ولقد أوصانا رسول الله صلى آلله عليه وسلم بتحريها في العشر الأواخر قال: “تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” متفق عليه. وأخصها في الليالي الوترية فقال صلى الله عليه وسلم :”تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم:”التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي” رواه مسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: “أرى روياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ممن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر”. (متفق عليه)ورجح أكثرالعلماء أنها ليلة سبع وعشرين لقول أبي بن كعب قال: “والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين”رواه مسلم..وقال فريق من أهل كابن حجر والنووي أنها متنقلة لا تختص بليلة لقوله صلى الله علي وسلم:”التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى” رواه البخاري.

وعلة إخفائها للاجتهاد في طلبها من العباد للفوز بخيرها ولا نجعل شغلنا الشاغل البحث عن أماراتها ولكن ما يشغلنا إحيائها بكل طاعة نتقرب بها إلى الله تعالى ومن علاماتها اللاحقة أنها ليلة ساكنة طلقة لا حارة ولا باردة، كما قال صلى الله عليه وسلم:”ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة”،وقال صلى الله عليه وسلم:”ليلة القدر لية بلجة لا حارة ولا باردة لا يرمى فيها بنجم” رواه أحمد..أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع قال صلى الله عليه وسلم: “صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها حلت حتى ترتفع” رواه مسلم.

اما علاماتها المصاحبة إنشراح الصدر والسكينة في النفس وقوة الإضاءة فمن أحياها غفر له ومن أخص فضائلها ومكرمة الله بالخلق وهدية النبي صلى الله عليه وسلم للأمة الدعاء فعن عائشة رضي الله عنها حينما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:”قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني”ولماذا العفو لأنه أبلغ من المغفرة فالعفو محو وإزالة ورفع للذنب كأنه لم يكن فلا يلام ولا يعاتب ولا يحساب من أكرمه الله بالعفو فعلينا أن نتضرع إلى الله بقلوبنا ليكرمنا بعفوه ويتفضل علينا بكرمه إنها ليلة العفو وليالي الرحمة والبركة..اللهم كما بلغتنا رمضان وبلغتنا العشر فبلغنا ليلة القدر واجعلنا ممن قامها إيمانا واحتسابا واعتق رقابنا من النار اللهم اصرف البلاء والوباء وبلادنا وبلاد المسلمين والعالمين أجمعين.تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 80956202
تصميم وتطوير