تقرير / بوسي جاد الكريم
– ارتفاع غير مسبوق منذ عقود في إنتاجية القمح المصري رأسيا وأفقيا
– وزير الزراعة : كل التسهيلات للفلاحين لسرعة توريد القمح وتحصيل مستحقاتهم المالية
– الدكتور عباس الشناوى : لجان مرورية لمتابعة موسم الحصاد والتوريد لتقليل الفاقد
– قطاع الإرشاد الزراعى يواصل توجيه عناصر العملية الإنتاجية لتحقيق أعلي كم وقيمة
– مطالب بزيادة معدل الاكتفاء الذاتي من 53 % إلي 80 %
ونحن نعيش أجواء روحانية طيبة، جاءت أنباء ارتفاع إنتاجية محصول القمح لتثلج صدور المصريين، فلاحين واقتصاديين ومسئولين، حيث كانت مصر على موعد جديد مع موسم استثنائى لحصاد القمح، سعت فيه الدولة لتأمين احتياجات البلاد من المحصول الاستراتيجى فى وقت بالغ الدقة، بالتزامن مع إجراءات اجترازية شاملة لمواجهة فيروس كورونا صحيا واقتصاديا وزراعيا.
جاء موسم حصاد ” سنابل الذهب الأصفر ” هذا العام عبر مساحات تبلغ 3.4 مليون فدان ، لضمان التيسير على المزارعين خلال عمليات التوريد وتجنب الزحام والتكدس، ضمن الاجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة للوقاية من فيروس كورونا.
وتتوالي الأنباء التى تشير إلى أن مصر أصبحت تؤمن الاحتياجات الغذائية من الخضر، والفاكهة للكثير من الدول الشقيقة والصديقة، وأن الطلب الزائد على المحاصيل المصرية، دفع إلى نقل بعضه على متن عددٍ من طائرات الركاب المعطلة بفعل الفيروس بعد أخذ جميع الاحتياطات اللازمة.
إن مصر اليوم تجنى بعضا مما حصدته قيادتها وشعبها من الاستثمار فى العمل والإنتاج بوصفهما الطريق المباشر للتنمية المستدامة، القائمة علي قرار سيادي مستقل، مكننا من التعامل بحزم مع ملفات مهمة علي المستويين المحلي والدولي، خاصة فيم يتعلق بملف المعونة الأميركية التي ظلت هاجسا ملحا للمصريين، الذين طالبوا طويلا بالتحرر من ربقة المعونة المهينة التي استمرت عقودا سابقة مضت ولم تتمكن مصر من وضع حد لها إلا بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو التي أعادت “العلاقات المصرية – الأميركية” إلي نصابها الطبيعي، سواء من جهة دبلوماسية أو علي صعيد اقتصادي وفي القلب منه المسار الزراعي.
• لا غني عنه
يعد محصول القمح أحد أهم المحاصيل الإستراتيجية، حيث إنه المكون الأساسي لرغيف الخبز الذي لا غنى عنه على المائدة المصرية، كذلك يعتبر محصول القمح من المحاصيل التي تعتبر مصدر دخل يحقق هامش ربح للفلاح، ويغطي الإنتاج المحلي للقمح نحو من 40% : 45 %؛ ولذلك تلجأ الحكومة للاستيراد لسد فجوة العجز في إنتاج القمح.
كانت وزارة الزراعة قد صرحت بأن إجمالى المساحات المنزرعة من القمح بلغت 3.5 مليون فدان حيث يلاقي اهتماما كبيرا من الدولة من خلال جهود وزارة الزراعة خاصة مركز البحوث الزراعية والذي يعتبر أكبر صرح علمي زراعي في الشرق الأوسط، وذلك من خلال العمل على زيادة المساحة المنزرعة من القمح قدر الإمكان، والاتجاه الثاني هو التوسع الرأسي من خلال استنباط سلالات جديدة مقاومة للإجهاد البيئي ومقاومة للأمراض والآفات، فضلا عن تحسين المعاملات الزراعية من ري وصرف، وتسميد ورش المبيدات، لافتًا إلى ارتفاع انتاجية القمح في مصر بشكل كبير فبعد أن كانت 8 أردب فقط للفدان في الثمانينات تجاوزت الآن 18 أردبا للفدان.
من ناحية أخري، فهناك معايير خاصة تضع حدودا لزيادة المساحة المزروعة بشكل كبير نظرًا للمنافسة التي يلقها القمح في الدورة الشتوية خاصة من البرسيم الذي يعتبر محصول هام للفلاح، كذلك اعتماد وزارة الزراعة على إعلان سعر ضمان مناسب للقمح قبل الزراعة لتشجيع المزارعين على زراعته.
وسط مطالبات بزراعة القمح علي حساب محصول البرسيم مقابل زراعة اصناف البرسيم العالية الإنتاج لتوفير نصف المساحة المنزرعة برسيم واضافتها لمساحة القمح وتعويض هذه المساحة بالتوسع في استهلاك الأعلاف الجافة.
وأنه من الممكن أن تصل مصر الي 80% اكتفاء ذاتي، في الأعوام القادمة علي ان يتم زراعة مساحة لا تقل عن 4 ملايين فدان سنويا، وتجهيز المخازن والصوامع علي احدث نظام لتقليل الفاقد من التخزين في الشون الترابية.
وهو ما يتفق وما حدده خبراء بأننا نحتاج نحو 16 مليون طن سنويا للاستهلاك المحلي يخصص منها حوالي 10 ملايين طن في إنتاج رغيف الخبز المدعم.
• تقارير من أرض الواقع
“البيان” تستعرض في تقريرها التالي، احتياجات وإنتاج مصر من القمح وفقا للتقارير الرسمية لجهاز الإحصاء؛
– تراجعت واردات مصر من القمح خلال النصف الأول من عام 2019، إذ بلغ حجم الاستيراد نحو 6.166 مليون طن بتراجع طفيف عن العام الماضي لنفس الفترة بنحو 8.3 ألف طن.
– بلغت واردات القطاع العام عن طريق الهيئة العامة للسلع التموينية نحو 3,487,121 طنا بنسبة 57% من إجمالى واردات مصر للقمح.
– سجلت واردات القمح الروسي المركز الأول بنسبة 43% من إجمالى واردات مصر للقمح يليه القمح الأوكراني بنسبة 23% والقمح الأمريكي 12% والقمح الروماني 11% والفرنسي 8%.
– تعاقدت الهيئة العامة للسلع التموينية على 9 مناقصات منها 4 مناقصات بالربع الثاني و5 بالربع الأول من العام الحالي بفارق 3 مناقصات أقل عن العام الماضى لنفس الفترة.
– بلغت قيمة مشتريات الهيئة خلال النصف الأول من 2019 من القمح المستورد مقدار 561.2 مليون دولار ما يُعادل حوالي 9.748 مليار جنيه.
– بلغ متوسط الشراء الأولى لطن القمح بالمناقصات نحو 264.87 دولارا للطن وتراجعت الأسعار إلى أن وصلت بنهاية شهر يونيو 210.55 دولار للطن مقابل مشترياتها خلال نفس الفترة من عام 2018 والتى بلغت قيمتها حوالى 627.4 مليون دولار بفارق نحو 66.1 مليون دولار.
– بالنسبة للتوريد المحلى، تسلمت الحكومة بالموسم المنتهى فى منتصف يونيو 2019 نحو 3.271 مليون طن من القمح المحلى مقابل 3.15 مليون طن الموسم الماضى بنسبة زيادة 4%.
– تم رفض استلام نحو 1.2 مليون طن من القمح لعدم مطابقته للمواصفات وخلطه بكميات من المحصول القديم.
– تراجعت الكميات المستلمة عن التقديرات المستهدفة للحكومة هذا الموسم، التى بلغت نحو 3.5 مليون طن من القمح.
– بلغ إجمالى الإنتاج المحلي من القمح نحو 8.5 مليون طن بارتفاع طفيف عن العام الماضى، حيث كانت تشير التقديرات إلى إنتاج نحو 8.7 مليون طن، مما أدى إلى تراجع الإنتاج، وبالتالى التوريد، ويذهب الباقى إلى مشتريات القطاع الخاص، وخاصة مصانع المكرونة، حيث يتميز القمح المصرى بجودة عالية عن نظيره الأجنبى مع انخفاض سعره.
أولى الصدامات بدأت حين أصدر عبدالناصر قراره التاريخى بتأميم قناة السويس فى عام 1956 بعد أن رفضت الولايات المتحدة والبنك الدولى تمويل المشروع المصرى لإنشاء السد العالى – باكورة المشروعات القومية الكبري في مصر المستقلة، وردت واشنطن بتجميد معوناتها الاقتصادية لمصر!
بالمقابل اتهمت القاهرة، الولايات المتحدة باغتيال الزعيم الكونغولى المناضل بياتريس لومبوما، ولما حاولت أميركا مساومة الزعيم المصرى جمال عبدالناصر، بورقة المعونة جاء الرد المصري مدويا بخطابه الشهير يوم 23 ديسمبر 1964 وقال فيه:
– [إذا كان الأمريكان بيفهموا أنهم يبدونا المعونة عشان ييجوا يتحكموا فينا ويتحكموا فى سياستنا أنا بقول لهم إحنا متأسفين، إحنا مستعدين نقلل من استهلاكنا فى بعض حاجات ونحافظ على استقلالنا استقلال خالص وإذا كان سلوكنا مش عاجبهم أنا باقول اللى سلوكنا مش عاجبه يشرب من البحر].
لكن ومنذ عام 1982 تحولت المعونة إلي خنجر في ظهر مصر، وأصبحت – ظاهريا عبارة عن منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية، لتمثل المعونات الأمريكية لمصر %57 من إجمالى ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبى واليابان وغيرهما من الدول، فيما لا يتجاوز مبلغ المعونة %2 من إجمالى الدخل القومى المصرى، وفي حقيقتها قيدا علي حرية الاقتصاد والزراعة المصرية بل وعلي سيادة القرار الرسمي!
وتعاملت دوائر صنع القرار فى واشنطن مع المعونة معها على أنها أداة ضغط فعالة للتدخل فى القرار المصرى، بفرض شروط أمريكية قبلت بها حكومات النظام البائد كاملة لاستمرار المعونات، وبينها اشتراط تحرير تجارة القطن وخفض التعريفة الجمركية على واردات الأسمدة وتخلى الحكومة عن سيطرتها على محصول قصب السكر ومصانع الغزل والنسيج وغيرها من التدخلات الأمريكية فى الاقتصاد المصرى، وعلى رأسها استخدام أموال المعونات فى تمويل شراء سلع وخدمات أمريكية وشحن 50 بالمائة من السلع والمهمات من موانئ وسفن أميركية والاستعانة ببيوت الخبرة الأمريكية لتقديم الخدمات الاستشارية اللازمة لتنفيذ المشروعات.
والارقام تقول أن أمريكا قدمت لمصر حوالى 7.3 مليار دولار بين عامى 99 و2005 فى إطار برنامج مساعدات التمويل العسكرى الأجنبى، وأنفقت مصر خلال نفس الفترة حوالى نصف المبلغ، أى 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة أمريكية.
أما بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو استمرارا لثورة الثالث والعشرين من يوليو، استعادت مصر استقلال قرارها السيادي وتمثل ذلك في المسار الزراعي بالانطلاق بسرعة الصاروخ باتجاه زيادة المساحات المزروعة قمحا وكافة المحاصيل الاستراتيجية
وقعت السياسات المصرية الصارمة كالصدمة علي رأس الأمريكان وأذنابهم داخل البلاد، وحاولت واشنطن تجربة التلاعب مع مصر بورقة المعونة، فقررت – قبل عامين – قطع مبلغ 65 مليون دولار من المعونة العسكرية الامريكية لمصر و30 مليون دولار من صندوق الدعم الإقتصادي وحجب مبلغ 195 مليون دولار من المعونة العسكرية!
فكان الرد المصري الصاعق أن تضاعفت مساحات القمح والقطن وغيره من المحاصيل ذات الأهمية الزراعية والصناعية والتصديرية في تأكيد جديد علي أن مصر مستقلة وقوية .
التعليقات