الخميس الموافق 09 - يناير - 2025م

الدكتور محمد أبوعميرة يكتب لجريدة البيان عن أهمية التعليم الفنى فى مصر

الدكتور محمد أبوعميرة يكتب لجريدة البيان عن أهمية التعليم الفنى فى مصر

الدكتور محمد أبوعميرة يكتب لجريدة البيان عن أهمية التعليم الفنى فى مصر

 

 

 

 

 

 

 

يعتبر التعليم الفنى فى أى من دول العالم هو المصدر الرئيسى لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة حرفيا، والتى تلعب دورا هاما فى تنمية البلاد ، ويحظى هذا النوع من التعليم بأهمية كبرى فى معظم الدول المتقدمة ،
غير أن المسئولين عن التعليم الفنى فى مصر يتعاملون معه كأنه درجة ثانية بل ويعامل خريجوه كأنهم عمالة لا وجود لها ويمنع عنهم استكمال دراساتهم الجامعية إلا بشروط مجحفة يصعب على الكثير منهم تحقيقها، نظرا لأسلوب التعليم المتدنى الذى تلقوه فى المرحلة الثانوية الصناعية أو ما بعدها. وللأسف أدى سوء وإهمال التعليم الفنى فى مصر إلى القصور فى تنمية المهارات وإهدار للإمكانات البشرية،ومن هنا جاءت أهمية وضع معايير أكاديمية لقطاع التعليم الفنى للارتقاء بجودته حتى تتم مواجهة التحديات التى يتعرض لها الوطن، أن أعداد طلبة التعليم الفنى ضخم وعلينا أن نأخذ فى الاعتبار إن لم يجد لهؤلاء الشباب أى مستقبل لهم، فسينقلبون على المجتمع بكل شراسة
كشفت أحدث دراسات المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول قضايا التعليم فى مصر، والتى أجريت على 2035 طالبًا وطالبة فى 17 مدرسة للتعليم الفنى الصناعى بالقاهرة الكبرى عن أن 42.8% من الطلاب يؤكدون أنهم سيلاقون حالة من تدنى التقدير المجتمعى بعد التخرج و17.6% يكثرون الغياب من المدرسة، بسبب رؤيتهم أن التعليم الفنى ليس له مستقبل مضمون و25.2% من أفراد العينة ذكروا أن اختيارهم للتعليم الفنى بمثابة وسيلة للهروب من الثانوية العامة. كما كشفت الدراسة أيضا عن أن عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفنى بمصر يصل إلى مليون و430 ألف طالب منهم790 ألفًا و277 طالبًا بالتعليم الصناعي, ورغم كل ما سبق الإقبال على التعليم الفنى فى مصر،على عكس المتوقع فى تزايد مستمر فى السنوات الأخيرة. وأوضحت الدراسة أن المشكلات الحقيقية للتعليم الفنى الصناعى تتمثل فى تحول التعليم الفنى الصناعى مع مرور الوقت إلى بوتقة يوضع فيها الفرد ليشعر من خلالها بتدنى وضعه الاجتماعى وعدم جدوى ما يمر به من خبرات تعليمية فى النهوض به مهاريًا واجتماعيًا واقتصاديًا, ومن ثم يبدأ الشعور بانخفاض تقديره لذاته وإعاقته عن تحقيق حاجته إلى الإنجاز والحصول على المكانة الاجتماعية المرغوبة لدى الجميع.
هذا وينقسم التعليم الفنى إلى عدة أنواع منها التعليم الصناعى ويشمل 10 صناعات ينبثق من كل صناعة عدة شعب الميكانيكية والمركـبات والبحـــرية وكهربـية ونسجـية ومعمارية وخشبـية ومعدنـية وتبريد وتكييف الهواء زخرفيه. والتعليم التجارى ويشمل المدارس الثانوية التجارية، والتى تضم مهنة مساعد فنى إدارى ومهنة سكرتارية طبية. والمدارس الثانوية الفندقية التى تضم شعبة المطبخ وشعبة المطعم و شعبة إشراف داخلى وشعبة الخدمات. هناك أيضا التعليم الزراعى فيشمل الدراسة بالمدارس الثانوية الفنية الزراعية فى المجالات الآتية الإنتاج الحيواني، وإنتاج الحاصلات البستانية، والتصنيع الغذائي، والعجائن، واستصلاح الأراضي، والميكنة الزراعية، وتكنولوجيا إنتاج وتصنيع الأسماك, و فنى معامل، ومساعد بيطري، وتربية النحل، وديدان الحرير.
من جانبه صرح محمد محمد عبد المجيد هندى رئيس الاتحاد المصرى للعمال والفلاحين إن الحاجة لهذه المنظومة الحيوية من التعليم الفنى فى مصر ضرورية لسد الفجوة بين ما هو كائن وبين ما يجب أن يكون بمعنى إحداث نقلة نوعية فى مجالات العمل بالدولة من عمل تقليدى يوظف أساليب تقليدية قائمة على تكنولوجيا متواضعة ومستوى جودة منخفض إلى عمل عصرى يرقى للمستوى العالمى من حيث توظيف تكنولوجيا المعلومات والتمتع بمستوى جودة متميز من خلال موارد بشرية تتمتع بالقدرات المهنية القيادية التى تحقق التطوير وتتبنى برنامج التحديث المستمر،

ولذا نوجه السؤال للقائمين على الدولة المصرية, لماذا تهتم الدولة بالفنان ولاعب الكرة وتهمل من هم عصب الأمة؟، وأضاف على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين أوضاع التعليم والتدريب المهنى فى مصر منذ بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين وحتى الآن وما أسفرت عنه من نجاحات، إلا أن تلك الجهود تواجه مجموعة كبيرة من المشكلات والتحديات ومن أبرزها أن عملية التدريب والتشغيل فى مصر تعانى من غياب رؤية قومية للاحتياجات التدريبية

هذا بالإضافة الى غياب خطة مركزية واضحة المعالم للتدريب والتعليم الفنى فى مصر مما أسهم فى خلق فجوة بين الطلب والعرض فى سوق العمل، هذا وتكمن المشكلة الرئيسية التى نواجهها فى مصر مع هذا النوع من التعليم فى النظرة المتدنية التى ينظرها المجتمع المصرى لخريج المدارس الصناعية بكافة تخصصاتها وأشكالها، وينطبق أيضا على هذا خريجو المدارس التجارية الثانوية والزراعية ، وهذه النظرة هى التى تجعل الإقبال على الالتحاق بالمدارس الثانوية الصناعية أو التجارية غير مشجع إلا اضطرارا نظرا لعدم حصول الطالب أو الطالبة على المجموع الذى يؤهله للالتحاق بالمدارس الثانوية للحصول على درجة الثانوية العامة, وعلى هذا فمشكلة التعليم الفنى تنحصر فى مشكلتين, الأولى مشكلة اجتماعية وتتمثل فى النظرة المتدنية التى تلاحق خريجى المدارس الفنية, والثانية مشكلة فى مناهج الدراسة والهيكل التعليمي ومناخه ضمن منظومة التعليم بصفة عامة.
لقد سبق لدولة الإمارات ان طبقت نظام كليات التقنية وهو نظام شبيه بكليات المجتمع، وحققت نجاحا مذهلا فى هذا النوع من التعليم وأقبل عليه معظم مواطنى الدولة حتى تم تطويره وتحولت الدراسة به إلى دراسة جامعية كاملة تمنح درجة البكالوريوس، بعد أن كان الدارسون فى كليات التقنية يحصلون على دبلوم فوق المتوسط لمدة 3 سنوات من الدراسة
وبالتالى عندما يشعر الطالب أنه سيلتحق بكلية وليس بمدرسة صناعية سيزيد الإقبال على هذه النوعية من الدراسة، خاصة إذا ما أتيحت للطالب أو الطالبة فرصة استكمال دراسته الجامعية دون تفرقة بينه وبين حاملى شهادة الثانوية العامة.
ولعل أهم ما ورد فى الدراسة الصادرة عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية ان مهارة العامل المصرى لا تؤهله للعمل فى سوق العمل ومن ثم يحتاج إلى تدريب وتأهيل مهنى لرفع مستوى كفاءته. ورغم تزايد معدلات البطالة فى مصر وزيادة مشاكل العمال فى مصر فإن أرقام ومبالغ تعويضات البطالة فى مصر متدنية . ويرجع ذلك إلى أن التشريعات التأمينية فى مصر تستوجب لحصول العامل على التعويض التأمينى أن يكون هناك فصل تعسفى أو إجبارى وليس (إراديا) بإرادته الحرة . كما يتضح إن توافر 23 مليار جنيه كحد أدنى لدى جهاز الدولة تحت بند تعويضات بطالة ولم يتم الاستفادة منه حتى الآن فى تشغيل الشباب وصرف إعانة بطالة للعاطلين فى سن العمل . يعكس عدم حسن إدارة الدولة لمواردها والقوانين العقيمة التى تمنع شباب مصر من الاستفادة من خيرات هذه الدولة فعندما يتجاوز احتياطى بند تعويضات البطالة بالتأمينات الاجتماعية لمبلغ 23 مليار جنيه كحد أدنى ومازلنا نبحث على حلول لأزمة ومشاكل البطالة فى مصر .. إذن فإن هناك خللا ..
عموما علينا ان ندرك أن مصر تعانى من نقص العمالة الماهرة وشبة الماهرة ،حيث أن متوسط إنتاجية العامل فى مصر أقل من متوسط إنتاجية العامل فى بلدان أخرى ويرجع ذلك إلى عدم وجود نظام تعليمى يتيح التدريب الضرورى فى إطار برامج رفع المستوى القادر على تنمية مهارات العمالة. ولقد ثبت ان نسبة الإنفاق على قطاع التعليم ككل وإجمالى ما خصص للتعليم ما قبل الجامعى بجميع مراحله التعليمية قليل جدا وقد سجلت تكلفة الطالب المصرى أدنى تكلفة مقارناً بتكلفة الطالب سواء فى بعض الدول العربية أو الأجنبية كما أوضحتها الدراسة مما ترتب على ذلك تراجع ترتيب مصر فى تقارير التنمية البشرية الصادر من منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة التابع لمنظمة الأمم المتحدة إلى المرتبة أل 47 عالمياً ، عموما نحن نحتاج الى تطوير منظومة التعليم الفنى فى مصر بكافة أنواعه ومستوياته حيث أن عبء هذا التطوير لا يقع على كاهل الدولة وحدها بل من خلال مساهمات المجتمع المدنى بكافة أطيافه.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79039340
تصميم وتطوير