الخميس الموافق 06 - فبراير - 2025م

الدكتور علي محمد الأزهري يكتب:  الإمام المفترىٰ عليه “الحلقة الثانية”

الدكتور علي محمد الأزهري يكتب:  الإمام المفترىٰ عليه “الحلقة الثانية”

 

-” بين الإمام وولي العهد ” 

 

يبدو أن التيار العلماني غاب عن سمعه أن حديث فضيلة الإمام مع د/  الخشت يوم المؤتمر الخاص بالتجديد كان بسبب أصول الاعتقاد، ومما هو ثابت

أن السادة الأشاعرة لا يقبلون خبر الآحاد في أصول الاعتقاد ويشترطون التواتر. ووقتها انفعل د/ الخشت ورد معقبًا أنا مسلم لست أشعريًا.

 

 

ولفضيلة الإمام جملة من الحلقات والكتابات تتحدث عن حجية السنة وعدم قبول آحاديث الآحاد في مجال الاعتقاد وإنما الأخذ بالآحاد في الفروع أي الفقه.
والبادي من ذلك أن د/  الخشت كان يود أن يوظف الآحاد كدليل في الاعتقاد كما هو مسموع ومشاهد من خلال كلمته، فرفض فضيلة الإمام هذا. وهذا ما عليه جمهور الأشاعرة سلفًا وخلفًا.
الوقفة الثانية: لو سلمنا للسادة أصحاب الفرح العارم لقلنا إن ولي العهد هو من تأثر بالمدرسة الأشعرية في القول بعدم الأخذ بأحاديث الآحاد، ولقد جاءت جملة من النصوص بكتاب فضيلة الإمام والموسوم بـ(مقومات الإسلام) تفيد ظنية أحاديث الآحاد وعدم قطيعتها، ولا يمكن أن نستدل بها علىٰ أصل من أصول الاعتقاد، وهذا الكتاب قد أُلِفَ في الفترة قبل ٢٠١٠م مما يؤكد أسبقية الإمام في ذلك.

 

 

فقال ما حاصله: “إن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ليست كلها متواترة فهناك ما وصَلَ إلينا مِن أخبارِ الرَّسولِ  عن طريقِ الآحادِ: أي الخَبرُ الذي نَقلَه عنه واحِدٌ يَجوزُ أن يَكونَ قد نَسِيَ أو أَخطَأ، فإنَّه -مِن حيثُ إفادةُ العِلمِ- يكونُ في مَرتَبةٍ أقلَّ مِن مَرتَبةِ الخبرِ المتواترِ، وممَّا يَنبغِي أن نَعرِفَهُ في هذا المَقامِ أنَّ حديثَ الآحادِ -الَّذي يتضَمَّنُ بعضَ العقائدِ- إذا تَلَقَّتهُ الأُمَّةُ بالقَبُولِ نظرًا لِتَعدُّدِ طُرُقِهِ وتَكرارِ رِوايتِه، فإنَّه يَرتقي بهذه القَرائنِ إلى مَرتَبةِ الحديثِ المتواترِ في إفادتِه العِلمَ اليقينيَّ في مجالِ العقيدةِ والاعتقادِ، : قد يُقالُ: إذا كان «العَقلُ» يُجَوِّزُ الخَطأَ على «الشَّخصِ الواحِدِ» فيما يَنقُلُه ويَروِيه من أخبارٍ، فكيف يَصيرُ خبَرُ «الواحِدِ» إذا قَبِلَته الأُمَّةُ وعَمِلت به خبَرًا يُفيدُ اليَقينَ، مِثلُه مِثلُ الخبَرِ المُتواتِرِ الذي لا يَتطَرَّقُ إليه احتِمالُ الخَطأِ بحالٍ؟! والجَوابُ: أن «اليَقينَ» الذي يفيدُه خَبرُ الواحِدِ أو «خَبرُ الآحادِ» حين تُجمِعُ عليه الأُمَّةُ، هذا اليَقينُ ليس مَصدَرُه هو «خَبرَ الواحِدِ» الذي يَحتَمِلُ الخَطأَ بحُكمِ العَقلِ، بل مَصدَرُه «إجماعُ الأُمَّةِ» أي قَبولُ الأُمَّةِ ورِضاؤُها بهذا الخَبرِ والعَملُ به”. راجع المختار من مقومات الإسلام، تأليف أد. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ص ١٦-١٩.

 

 

والملاحظ أن فضيلته لم يتعرض في حلقاته هذا العام لأحاديث الآحاد وإنما ينصب حديثه حول التجديد في الفقه. وقوله بعدم عصمة أقوال الفقهاء، وأيضًا كما صرح فضيلته مرارًا وتَكرارًا أن القرآن والسنة لا نطلق عليهما تراثًا، فالتراث يمكن تعديله ورد ما لم يتوافق معهما.
وأن فضيلة الإمام ذكر أن الآحاد له قيمته في المسايل العملية أي الأحكام الشرعية وتُسمىٰ “الفروع”، دون مسائل الاعتقاد التي تُسمىٰ بـ”الأصول”. المختار من مقومات الإسلام، أد. أحمد الطيب، ص ١٨.
إذًا فخبر الواحد معمول به له قيمته في الفقه، يحتاج لتعضيد في مجال الأصول أو الاعتقاد وهذا ما عليه الأشاعرة.
لكن ولي العهد طالب بضرورة إعادة النظر في خبر الواحد في مجال الفقه. فأين الترابط هنا بين رأي فضيلة الإمام وولي العهد؟

 

 

 

ومن المعلوم أن حلقات فضيلة الإمام تكون مسجلة وليست عبارة عن حلقات ببث مباشر، وأنها تُسجلُ قبيل رمضان، كما هو معلوم للجميع ويمكن سؤال القنوات التي تقوم ببثها، وكلمة ولي عهد السعودية كانت منذ أيام خلت في رمضان فما العلاقة بين كلمة فضيلة الإمام وبين كلمة ولي العهد، بل الكلام يخالف بعضه بعضًا، فالإمام يتحدث عن التجديد الفقهي في بعض مسائله، وولي العهد يتحدث عن رفض أحاديث الآحاد في مسائل الفقه. والإمام لا يرفض أحاديث الآحاد في مجال الفروع أعني الفقه.
ونكرر لا وجه للربط هنا، فشيخ الأزهر يقر خبر الواحد ويجله ويقول له قيمته في الفقه، لكنه في مجال الاعتقاد هناك من نظر.

 

 

مشكلة أد /محمد الخشت أيضًا كانت في خبر الواحد أو الآحاد في المؤتمر الذي انعقد في العام الماضي، فهو يريد إعادة ترسيخه في مجال الاعتقاد، وحتىٰ عندما انفعل قائلًا: “أنا مسلم لن أكون أشعريًا”.
وبالتالي فالشيخ في حلقاته لم يتفق مع كلام ولي العهد ولم يقل بنقيض ما تبناه سالفًا.
ختامًا: الشيخ في كتابه التراث والتجديد والمؤلف في فترة التسعينيات الطبعة الأولىٰ قال نصًا: “لا نُنكرُ أننا في حاجة إلىٰ التجديد، بل مشكلتنا الأمُّ: هي غَيْبةُ التجديد، لكنْ شَريطةَ الوضوح، والفصل بين مجال الثوابت ورجال المتغيرات، والتفرقة الحاسمة بين أصول الدين وتراث أصول الدين

 

 

 

ومن المؤسف حقًا أنْ نُقررَ أنَّ ارتباط جماهيرنا بالتراث مقصور علىٰ مجال العبادات، ببنما يختفي الارتباط أو يكادُ في مجال العمليات والاجتماعيات وأنه لا يزالُ أمام دعوة المسلمين من أولي الفهم والوعي الكثير مما هو مطلوب لربط المسلم بِتُراثهِ في هذا المجال”. التراث والتجديد، أد. أحمد الطيب
هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا عن الشيخ منافحين من باب الحماسة، لكن كلامه هو الذي يشهد له ويشهد عليكم.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79629061
تصميم وتطوير