السبت الموافق 11 - يناير - 2025م

الدكتور علي ابراهيم يرسم استراتيجية تكاملية لتحقيق الأمن الغذائي الشامل لشعوب الشرق العربي

الدكتور علي ابراهيم يرسم استراتيجية تكاملية لتحقيق الأمن الغذائي الشامل لشعوب الشرق العربي

كتبت : بوسي جاد الكريم

 

 

لعل المتابع للموقف الحالي لإنتاج وإستهلاك السلع الغذائية في المنطقة العربية قد لا يلاحظ وجود نقص فى بعض السلع الغذائية مثل الخضر والفاكهة والأسماك، إلا أن هناك الكثير من السلع الغذائية لايزال الانتاج المحلي العربي قاصرا على الوفاء بالاحتياجات المطلوبة للسكان، ويأتي في مقدمة هذه السلع الحبوب بصفة عامة، مثل القمح والذرة الشامية والشعير ، وكذلك السكر والزيوت واللحوم الحمراء والداجنة.

 

 

وفي مداخلة من أ.د على ابراهيم – مركز البحوث الزراعية بجمهورية مصر العربية – أكد أن هناك فجوة بين الانتاج الزراعي العربي والاستهلاك، أدت إلى لجوء العديد إن لم تكن كل الدول العربية إلى استيرادها من خارج حدودها، وخاصة من الدول الاجنبية غير العربية ، مما تسبب فى ارتفاع فاتورة الواردات الغذائية العربية.

 

 

وأوضح أن الموقف الحالي لإنتاج واستهلاك السلع الغذائية في المنطقة العربية لا يتوقف عند عجز الانتاج المحلي من السلع الغذائية في المنطقة العربية عن مواجهة الاستهلاك المحلي فقط ، بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى عدم قدرة معظم الدول العربية على تمويل واردتها من السلع الغذائية المستوردة خاصة أن نسبة الصادرات الزراعية العربية لا تعطي إلا ربع الواردات الزراعية مما ينعكس في ضعف قدرة الدول العربية على التمويل.

 

 

واضاف أن ما وصلت إليه المشكلة الغذائية في الوطن العربي يرجع أساسا إلى وجود قصور واضح في الإنتاج العربي من السلع الغذائية عن مواجهة الزيادة في الطلب عليه، وهذا القصور يرجع إلى العديد من العوامل والأسباب التي يمكن إبراز أهمها في النقاط الآتية:

 

 

– انخفاض نسبة مساحة الأراضي المستغلة وعدم تمشيها مع الزيادة السكانية.

– ندرة الموارد المائية وسوء استخدامها.

– صغر حجم الحيازات الزراعية وسيادة الحيازات القومية المبعثرة .

– ضعف الاستثمارات الموجهة إلى القطاع الزراعي العربي.

– فشل السياسات الاقتصادية التي مازالت تتبعها معظم الدول العربية وتركيز تلك السياسات على دعم المستهلكين على حساب المنتجين الأمر الذي أدى إلى إضعاف القطاع الزراعي العربي.

 

 

– عدم وجود خطط وسياسات عربية موحدة لاستغلال الموارد الزراعية العربية نتيجة للنقص الواضح في قواعد البيانات والمعلومات الإحصائية والكوادر الفنية المدربة على إدارة قطاع الزراعة إدارة علمية سليمة.

 

 

وعن رؤيته المقترح تطبيقها لتحقيق الأمن المستقبلي للغذاء في الوطن العربي، ذكر أ. د. علي إبراهيم ، أن الأمر يتطلب قيام الدول العربية بإجراء إصلاحات داخلية تتوائم مع المتغيرات الدولية في إطار استراتيجية عربية موحدة تعمل على خفض الفجوة الغذائية بها من ناحية وزيادة قدرتها على المنافسة الخارجية.

 وبمزيد من التفصيل، اوضع الدكتور علي ابراهيم الباحث الاول بمركز البحوث الزراعية استراتيجية عمل دقيقة تتضمن ما يلي :-

ـ قضية الأمن الغذائي ليست قضية قطرية تخص قطر دون الآخر فالمشكلة تواجه جميع الدول العربية فالتكامل الزراعي العربي أصبح ضروة ملحة يجب الإسراع في خطواته لحماية الأمن الاقتصادي والغذائي العربي مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى غير العربية (الاتحاد الأوروبي) .

– تحقيق الأمن الغذائي لأي مجتمع لا يقضي بالضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من جميع السلع والمنتجات الغذائية التي يحتاجها ، فهذا نادراً ما يتحقق لكثير من الدول وخاصة النامية لذا فإن على الدول العربية أن تكون قادرة على إنتاج النسبة الكبرى من الأغذية الأساسية لها ثم تقوم باستيراد باقي احتياجاتها من الخارج بشرط أن يكون لها القدرة (المالية -وليس قضيه الدعم للاستهلاك بل الانتاج) على تمويل وارداتها ذاتياً دون اللجوء إلى الاقتراض من الآخرين وهذا يتطلب تنمية وتنويع الصادرات العربية والاستفادة من الجوانب الإيجابية المرتبطة بمنظمة التجارة العالمية وتصدير السلع والمنتجات العربية وخصوصاً الخضر والفاكهة إلى أسواق الدول المتقدمة.

 

 

– قضية الغذاء تعد الجانب المؤثر من قضية الزراعة فلو واكب الإنتاج الزراعي التزايد في الطلب عليه لما كان هناك ما نسميه بأزمة الغذاء فالدول العربية مجتمعة تملك كل المقومات التي تمكنها من بناء قاعدة زراعية قوية تكفل لها تحقيق نسب عالية للاكتفاء الذاتي من العديد من السلع الغذائية التي تحتاجها.

 

 

– الوطن العربي لديه من الموارد الكثير في الإنتاج الحيواني من مراعي وأعداد كبيرة من الحيوانات المنتجة ، وكميات لا بأس بها من موارد الإنتاج السمكي ، ومثل هذه الموارد الزراعية العربية تتطلب ضوروة حسن استغلالها بما يكفل تحقيق الأمن الغذائي للسكان العرب.

 

 

– أصبحت الحاجة أكثر إلحاحاً لتغير وجه الزراعة العربية بشكل جذري والاستفادة من التقدم التكنولوجي في مختلف المجالات (الهندسة الوراثية ، تكنولوجيات الري الحديث والزراعة المحمية ، التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا الميكانيكية والكيميائية ) وغيرها في تطوير وزيادة الإنتاج الزراعي العربي ، وفي هذا الصدد فإن الأمر يتطلب ضرورة العمل على إنشاء وتطوير المعاهد البحثية العربية حتى يمكن تكوين قاعدة تكنولوجية عربية تساهم في الإنتاج الغذائي عامة والزراعي منه خاصة .

 

 

– إن تحقيق الأمن الغذائي العربي يتطلب ضرورة الإسراع في إصلاح السياسات الاقتصادية في القطاع الزراعي العربي ومع ضرورة تشجيع إقامة المشروعات الزراعية الكبيرة المشتركة بين الدول العربية حيث يعد أسلوب المشروعات المشتركة أداة فعالة في تهيئة المناخ لكي يقوم القطاع الخاص العربي بدور فعال في هذا المجال وتيسير انتقال عناصر الإنتاج وخاصة عنصري العمل ورأس المال ، وإزالة القيود والعوائق التي تحول دون انتقال هذه العناصر بين بلدان الدول العربية بحرية كاملة.

 

 

– يرتبط تحقيق الأمن الغذائي ارتباطاً وثيقاً بالأمن المائي ويعاني حالياً الوطن العربي من وجود عجز في الموارد المالية ولا تكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية وكما يعاني أيضاً من تهديدات من خارج الحدود السياسية لأقطار الوطن العربي بسبب أن حوالي 67% من الموارد .

 

 

المائية العربية تتحكم في منابعها دول أجنبية غير عربية ، الأمر الذي يقتضي أن تعيد الدول العربية مجتمعة ترتيب أوراقها وتنسيق جهودها لحماية مواردها المائية وترشيد استهلاكها من ناحية أخرى ، وذلك لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي والاقتصادي والغذائي لسكانها.

 

 

= واختتم بإشارته إلي إن أية جهود لزيادة إنتاج الغذاء في المنطقة العربية لن تكون ذات فعالية في تحقيق الاكتفاء الذاتي العربي ، ما لم يصاحبها إجراءات وسياسات لخفض معدلات النمو السكاني العربي المرتفع من خلال برامج تنظيم الأسرة.

 

مشيرا لأهمية رفع مستوى الوعي الاستهلاكي العربي الحالي من الاستهلاك المتدني غير الضروري من السلع والمنتجات الغذائية بصفة أساسية، فضلا عن وضع تلك الأمور موضع الاعتبار عند تخطيط أي استراتيجية عربية موحدة يساعد كثيراً في تحقيق الأمن والاستقرار الغذائي العربي ، ويقلل إلى حد كبير اعتماد المنطقة العربية على الدول الأجنبية في توفير الغذاء والكساء لسكانها وبالتالي يقلل من المخاطر الخارجية التي تهدد الأمن والاستقرار العربي وتحقيق التكامل العربي المنشود.

 التعليقات

  1. يقول محمود البرغوثي:

    تقرير أكثر من رائع

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 79096960
تصميم وتطوير