بقلم : أسامة درويش ..
بعد إقرار وزارة التربية والتعليم لنظام الميدترم لطلاب المدارس المصرية أصبحت الدراسة الفعلية لهؤلاء الطلاب لا تتعدى الشهرين فقط من العام الدراسى كله بالإضافة إلى أيام الإمتحانات ثم ينام الجميع بقية العام ليصحوا على عام جديد تتكرر فيه نفس الكارثة التعليمية مرة أخرى . حيث تحدد وزارة التربية والتعليم امتحان الميدترم الأول بعد حوالى شهر من الدراسة بعدها يجلس الطلاب بمنازلهم ولا يذهبون لمدارسهم استعدادا لامتحانات نصف العام ثم تتكرر الكارثة بالنصف الثانى من العام الدراسى فيذهب الطلاب لمدارسهم شهرا واحدا حتى انعقاد امتحانات الميدترم الأخرى ثم يجلس الطلاب مرة أخرى بمنازلهم انتظارا لامتحانات نهاية العام تاركين مدارسهم خاوية على عروشها وهكذا تتكرر الفاجعة كل عام لنكتشف فى نهاية الأمر أن ” الدراسة شهرين .. والنوم طول السنة ” دون أن يفكر أى مسؤول بوزارة التعليم فى تغيير تلك السياسة العقيمة أو أن يفكر فى وسائل جاذبة للطلاب للذهاب لمدارسهم أو تفعيل الأنشطة المدرسية كما يجب أن تكون لتبقى المدرسة مكانا طاردا للطلاب على مر الزمان بعكس بقية الدول التى تهتم بتعليم أبنائها ما يجعل المدارس أماكن جاذبة للطلاب حتى وصل الأمر بهم أن يكون عقاب الطلاب لديهم حرمانه من الدراسة يوما واحدا ! وفى ظل تلك الحالة بمصر يسيطر الخمول والكسل على كل شخص داخل المنظومة التعليمية فيظل المعلمون يذهبون للمدارس للتوقيع بدفاتر الحضور والانصراف وإثبات الحالة فقط دون عمل أو نشاط يقومون به فى ظل غياب الطلاب , كما تسيطر حالة اللامبالاه لدى متابعى المدارس ويقتصر دور المديريات والإدارات التعليمية على إرسال النشرات والأوامر التى لا تمت للواقع بصلة وتزداد الفجوة يوما بعد يوم بين الطالب والمدرسة .
وفى تلك الظروف العصيبة يعيش ولى الأمر حالة من الترقب بحثا عن الدرجة التى تحدد مصير ابنه ويستمر بالبحث عن المدرس الخصوصى الذى يحقق له أمنيته كل عام ساخطا على الوضع الذى أوصله لإنفاق كل ما يملك من أجل تعليم أبنائه خارج المدرسة لأنه لم يجد المدرسة المناسبة التى تمكنه من تعليم أبنائه التعليم الذى يليق بهم ما يجعله يبحث عن البديل خارجها .
ونجد وزارة التربية والتعليم فى هذه المشاهد تسبح ضد كل هذه التيارات لتعلن كل يوم للرأى العام أنها بصدد تطوير منظومة التعليم وإزالة الحشو من المناهج وتغيير نظام الثانوية العامة وغيرها من التصريحات الرنانة التى تشغل الرأى العام ولكنها أبعد ما تكون عن الواقع المؤلم الذى يعيشه الجميع وتذهب جفاء مع بداية العام الدراسى الجديد لتعود “ريمة إلى عادتها القديمة” وتكثر الشكوى من النظام التعليمى وانعدام الثقة به لتنتشر الوعود الرنانة بالتطوير مرة أخرى من قبل وزارة التعليم وهكذا تمر بنا السنوات ليصل التعليم المصرى فى نهاية المطاف إلى أسفل سافلين وتحتل مصر المركز الأخير من بين دول العالم التى تهتم بالتعليم . فهل يفيق المجتمع المصرى والمسؤولون عن التعليم بمصر من الغيبوبة المسيطرة عليهم ويقدمون حلولا واقعية وتغييرات جذرية قابلة للتنفيذ بما يغير حال التعليم وسياسته بمصر أم أن المنظومة المتهالكة أكبر مما نتصور وفوق كل احتمالات التغيير ؟ هذا ما سنشهده الفترة القادمه فى ظل وجود الدكتور طارق شوقى, وزير التربية والتعليم, الوزير الحالم بالتغيير عن طريق تفعيل بنك المعرفة ونظم التكنولوجيا بالمدارس وتطوير كفاءة المعلمين وتدريبهم على وسائل التعليم الحديثة كما جاءت تصريحاته وما إن كان قادرا على التغيير بما يملك من صلاحيات أم سيظل الموج العالى أكبر وأقوى من طموحات الوزير الحالم .