بقلم الدكتورة شكرية المراكشي
أزمة طاحنة ضربت قطاع تربية الدواجن وإنتاج البيض في مصر، والسبب ليس عدم توافر الخامات ولكن نقص الدولار، والحقيقة هي مشكلة تدعو للحزن على حال واحد من أهم قطاعات إنتاج البروتين في مصر، والذي رغم تحقيقه الاكتفاء الذاتي من البروتين الأبيض، إلا إنه يبقى قطاع أغلب مستلزماته مستوردة أي ينقصه الكثير ليحقق الاكتفاء الذاتي الحقيقي والذي نفهمه، بأن تكون أغلب عناصر الصناعة محلية الصنع وليست مستوردة!!!.
ولكن رغم هذه الأزمة فأن الدروس التي يمكن الخروج بها منها كبيرة وأهمها أن الأعلاف يجب أن تكون على رأس خطط الاكتفاء الذاتي، وأنا أعلم أن هذه الكلمات ستزعج اباطرة الاستيراد وتابعيهم من ناشرى الأحباط وادعاء الكذب على كل الأفكار العلمية الرامية إلى أن تصبح أرض مصر مصدر لكل الخيرات باستغلال هبات الله الكبيرة التي منحها إليها وجعلها قادرة على أن تكتفي من كل شيء دون الحاجة إلى أن يتكسب سماسرة الداخل والخارج من وراء سد فجوة غذاء شعب طيب ومكافح وذكي يستحق الأفضل دائما، لا أن يبقى أسيرا لتذبذب الاسعار وعدم استقرار السوق وجشع التجار والمستوردين.
في الادبيات التقليدية لتربية الدواجن تبقى الذرة والصويا من المقدسات التي يظن البعض إنها لا يجب المساس بها، لكن لا الأمور ولا العالم يسير هكذا، فهناك بدائل وابتكارات مختلفة لانتاج أعلاف طبيعية ومن مصادر صحية خالية من مساحيق الدم ورؤوس الحيوانات وعاظمها وتعطي نتائج اقتصادية ممتازة بل ومجربة في دول مختلفة وتعيش عليها منذ سنوات، فهناك بدائل طوال الوقت بل وأفضل من المتاح والمعتاد عليه في أوطناننا لكن قصر النظر والجهل يخيل لنا إن الطبق الذي يوضع أمامنا لنأكل منه هو الأول والأخير ولا بديل عنه.
فهناك بدائل تحتوى على نسب بروتين أعلى من الذرة والصويا مثل الازولا والبونيكام وكذلك كسب الكينوا وكسب بذرة القطن، وكذلك نبات السايلكورنيا الذي ينموعلى مياه البحر وأمن تماما في التغذية وعالى في محتوى البروتين وأيضا نبات رائع يستخدم في أسيا على نطاق واسع مثل السوبر مومباسا، والمفاجأة أن استخدام نبات المورينجا في تغذية الدواجن يعتبر من الأمور الأساسية لقطاعات كبيرة من مربي الدواجن في دول شمال أفريقيا كتونس والمغرب والجزائر لمحتواه من البروتين الذي يصل إلى 22%، فالبلدان الثلاثة لا تعتمد على الذرة بشكل أساسي في صناعة الأعلاف، لكن هنا في مصر مازالنا محبوسين في سجن الذرة والصويا والمكملات التي لها ألف بديل طبيعي وممتاز، لكننا نفتقد الجرأة والرغبة في التجديد والمغامرة لوصول إلى لاكتفاء الذاتي من الأعلاف، وفوق ذلك الاستسهال الذي يعتبر آفة في كثير من المربين، وكذلك المصالح التي تجمع الكثير من المستوردين ويحاربون من أجلها كافة الأفكار المميزة والبدائل الصحية والطبيعية.
والمفاجأة أن هناك نباتات آخرى عالية الإنتاجية ومرتفعة جدا جدا في محتوى البروتين بدأت الظهور في الغرب وستمثل ثورة في الأعلاف الحيوانية في العالم لكن مازالت لم تصل إلينا طرق زراعتها في وطننا العربي لكن كل شيء ممكن بالسعي والبحث والرغبة في الاستقلال والاكفتاء الذاتي، وكذلك إضافات الأعلاف المحتجزة الأن في الموانيء يوجد لها بدائل مختلفة في الأعشاب الطبيعية التييستخرج منها المواد الفعالة للأدوية ويمكن بإضافتها بمعايير مدروسة أن تدؤي لنتائج أفضل من الإضافات الحالية، لكن من يجرب ومن يجرأ ان يخرج من دائرة الأعلاف التقليدية، ليحدث ثورة في مستلزمات أساسية لها ألف بديل