د. ياسر حلمى الشاعر
ماسونية الأفغانى و محفله كوكب الشرق قد يبدو للوهلة الأولى إن المعضلة فى إثبات ماسونية (جمال الدين الأفغانى), بسبب الوضع و المكانة التى خلعها عليه طائفة كبيرة متنوعة من المصريين, لكن و لله الحمد سهل الأفغانى نفسه على الجميع الأمر بإعترافه إنه كان ينتمى لمحفل ماسونى بل و يبدو أنه كنوع من المبالاة أسس محفل ماسونى ترأسه هو بنفسه بعد ذلك, أنا لم أصدم بماسونية الأفغانى, صدمتى الحقيقية و الشديدة كانت فى رجال الأزهر الذين فتحوا له الأبواب على مصرعيها, و إن عارض بعضهم لفترة إلا من صمد منهم للنهاية كان قلة نادرة الأفغانى و المحفل الأسكتلندى هو المحفل الأول الذى ألتحق به الأفغانى فقد أتى لمصر و هو يحمل وثيقة الإنتساب للمحفل الأسكتلندى و ظل فيه لفترة,
حتى طرد منه لمخالفته لمفهوم الأله الأعظم عند أعضاء هذا المحفل و أيضاً لأنه كان محظور على الأعضاء فى هذا المحفل العمل بالسياسة و هو ما أعترض عليه الأفغانى و خالفه. غادر الأفغانى المحفل الإسكتلندى ليؤسس بعد ذلك بفترة من الزمن محفل كوكب الشرق سنة 1871و سرعان ما أختير الأفغانى رئيساً له إستناداً لخبرته الطويلة و تاريخه العريض فى الماسونية وقد بلغ عدد أعضاء محفل كوكب الشرق الـ 300 عضو. عقيدة جمال الدين الأفغانى الغامضة: يقول المؤرخ المعروف تيللور, ” أن الأفغانى يبدو كما لو كان يبحث عن ديانة جديدة تجمع بين الديانات الثلاث و لا تلتزم بتعليمات معينة”. و كتب تلميذه سليم عنجورى فى كتابه (سحر هاروت),”أن الأفغانى برز فى علم الأديان حتى أفضى به إلى الإلحاد و القول بقدم العالم و أن القول بوجود محرك أول وهم نشأ عن ترقى الإنسان فى تعظيم المعبود”. – فى زيارته الأولى لاستنبول قال: “إن النبوة صناعة” فتعرض لهجوم علماء تركيا و أيضاً تعرض لنفس الهجوم من علماء الأزهر بقيادة الشيخ عليش, الذى أنتقد أرائه و سيرته و مسلكه الشخصى حيث كان يلبس اللباس الأوروبى و يدخن السيجار فضلاً عن حاشيته التى تضم يهود و نصارى الشام, بالإضافة إنه أختار مركز لقاءته مع أتباعه (بار ماتاتيا) فى العتبة الخضراء بالإضافة لجلوسه مع أصدقائه فى (مقهى البوسطة) المجاور لملهى الأزبكية وهو مسلك غريب لرجل .
– حكى عنه تلميذه و رفيقه (محمد عبده) و بعض خاصته إنه كان متصوفاً يدين بعقيدة متصوفة مبهمة و غامضة تنتهى بوحدة و التعبير عنها يلتبس إلا على الخاصة مما أدى لرميه بالإلحاد. – عدم زواجه و يقول صديقه شكيب أرسلان (عندما حاول السلطان عبد الحميد أن يعلق قلبه بالمال و البنين و يشغله بزينة الدنيا و راوده على الزواج فأبى و أعرض و قال له: ” قضيت حياتى مثل الطير على الغصن فلا أريد فى أخر أيامى أن أتعلق بعائلة”, و كلام الأفغانى ضد الفلسفة العميقة للدين الإسلامى فى وجوب تكوين الأسرة التى هى عماد المجتمع الإسلامى الناجح فكيف يتكلم عن الإسلام و هو من خالف و احدة من أهم سمات الدين الإسلامى!؟. – لبيان إنكاره للأديان نورد ما كتبه الأفغانى نفسه” إن الأديان مهما كان إسمها تشبه بعضها البعض. ليس هناك تفاهم و ليس هناك تصالح ممكن بين تلك الأديان و الفلسفة, الدين يفرض معتقداته و قواعده على الإنسان فيما الفلسفة تحرره من الأديان جزئياً و كلياً”.
– قدم اللورد كرومر الحاكم الفعلى لمصر فى تلك الفترة و هو الصديق المقرب للأفغانى افضل توصيف: ( أن الأفغانى و عبده كانا منغمسان فى البعد عن تقاليد الدين لدرجة الإختلاف الشديد مع المسلمين المحافظين و لم يكن الأفغانى و عبده متفرنجان إلى الحد الذى يجعلهما يستطيعان تقليد الأسلوب الأوربى فلم يكونا مسلمين جيدين أو أوربيين جيدين) ( لعبة الشيطان صــــ46ــــــــــ).
– يكتب (محمود أبو رية) فى صــ 38 من كتابه (جمال الدين الأفغانى –تاريخه و مبادئه و رسالته) أنه بعد أن طرد الأفغانى من مصر سافر إلى السويس ليستقل الباخرة المغادرة خالى الوفاض, و لكنه رفض المال الذى أعطاه إياه قنصل إيران بالسويس (السيد النقادى) ليستعين به فى قادم أيامه, و يستطرد الكاتب نقلاً عن شهود العيان” و قد فعل مثل ذلك مع شيخ أحنت الأيام ظهره و كان عضواً (فى جمعية الماسون التى أنشأها جمال الدين)… إلى نهاية الفقرة. – أفتى جمال الدين الأفغانى جواز الربا طالما انه لا يؤكل أضعاف مضاعفة بمعنى أن تكون الفائدة قليلة و لا تثقل كاهل المدين و الأعجب إنه أعطى أمثلة من القرأن بعيدة كل البعد عن ما أفتى به و ما كتبه الأفغانى عن فتواه بإباحة الربا موجود بالتفصيل لمن يريد أن يقرأ فى كتاب ( جمال الدن الأفغانى – تاريخه و مبادئه و رسالته [4].
التعليقات