دعاء عز العرب
نظم مشروع حلول السياسات البديلة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة جلسة استشارية بشأن ورقة بحثية جديدة بعنوان “استكشاف سياسات الملكية الفكرية لتعزيز إتاحة الدواء في مصر”. تناقش هذه الورقة السياسات الدوائية في مصر والفرص التي يتيحها تنشيط قانون الملكية الفكرية المصري
فضلا عن الاستفادة من التجارب والإرشادات الدولية والإقليمية لتيسير سبل جديدة لصناعة المستحضرات الدوائية في مصر والانتفاع بالبنية التحتية القوية المحلية للصناعات الدوائية، الأمر الذي من شأنه توفير الدواء المصنَّع محليا بأسعار في متناول يد المريض المصري إلى جانب توفير نفقات العلاج بشكل عام. وتقدم ورقة السياسات أيضا مجموعة من التوصيات بشأن السياسات الدوائية العامة المتعلقة بالإدارة الرشيدة للدواء وتعزيز إتاحته.
وكان الهدف المحدد للجلسة التشاورية مناقشة الأوجه الممكنة لتطوير للورقة ومحتواها، مع التركيز على التوصيات الواردة فيها.
وقد حضر الجلسة أهم الجهات الفاعلة في هذا المجال التي تمثل جميع المؤسسات العاملة في مصر وهي: وزارة الصحة ومكتب براءات الاختراع ومنظمة الصحة العالمية وهيئة الدواء المصرية وشركات الأدوية المحلية والخبراء في مجال الصحة العامة.
وتوضح الورقة أن الإنفاق الخاص على الصحة يمثل حوالي 70% من الإنفاق الإجمالي على الصحة، وتمثل مشتريات الأدوية من الصيدليات نصف هذا الإنفاق تقريبًا.
وعلاوة على ذلك، يعتبر مرضى الأمراض غير السارية ومرضى السرطان وفيروس نقص المناعة البشري (الإيدز)، أي الذين يحتاجون للحصول على العلاج باستمرار مدى الحياة، أكثر الناس تضررا من نقص الأدوية بصورة متكررة.
ويمكن اتخاذ العديد من التدابير للحد من مخاطر نقص الأدوية في مصر؛ فبالإضافة إلى الحلول السريرية – مثل استخدام مجموعات علاجية بديلة وتعديل أنظمة العلاج بناء على الأدوية المتوفرة – توجد تدابير أخرى منها تنويع مصادر شراء الدواء، وتشجيع الإنتاج الدوائي المحلي لتغطية الزيادة المتوقعة في الاحتياجات الوطنية مع التوسع في التغطية الصحية الشاملة.
واستكشاف الفرص التي تتيحها سياسات الملكية الفكرية مثل المعلومات المتعلقة ببراءات الاختراع والمجال العام بغية فتح سبل جديدة أمام صناعة الدواء المصرية، الأمر الذي من شأنه أن يضمن أيضا أن تكون تكلفة هذه الأدوية في متناول المرضى بدرجة أكبر.
وتتضمن التوصيات المقترحة في الورقة الاعتماد على قائمة الأدوية الأساسية المصرية للاسترشاد بها فيما يتعلق بإتاحة الأدوية، وتحديد فرص الإنتاج المحلي للأدوية في إطار الملك العام، وربط المعلومات المتعلقة ببراءات الاختراع بجهود البحوث والتطوير وتنمية المنتجات الجنيسة (غير المحمية بالبراءة)، وتقوية المعرفة التقنية بأوجه المرونة في الملكية الفكرية التي يتضمنها التشريع المصري، وإعادة النظر في القواعد الإرشادية الخاصة بتسجيل الدواء وصياغة استراتيجية وطنية خاصة بإتاحة الأدوية.
وأكدت الدكتورة نعمة الجاسر من مكتب منظمة الصحة العالمية في القاهرة أهمية قائمة الأدوية الأساسية باعتبارها أداة للسياسات وشددت على أهمية ترشيد العدد المتزايد للقوائم والبروتوكولات فضلا عن دمج التغييرات التي يدرجها المستخدمون النهائيون على تلك القوائم.
وقد شاركها هذا الرأي العديد من المشاركين في الجلسة ومنهم الدكتورة نيفين النحاس من المكتب الفني التابع لوزارة الصحة والسكان. وأقرت الدكتورة نيفين النحاس إمكانية بذل المزيد من الجهد للتوسع في استخدام قائمة الأدوية الأساسية من قبل الممارسين.
وذكرت الدكتورة فاطمة سمير التي تحدثت باسم مكتب براءات الاختراع المصري أن دورهم في المكتب يشتمل على توعية الصيادلة بشأن المعلومات الخاصة بالبراءات فضلا عن السبل المتاحة للوصول إلى المعلومات الفنية والقانونية المتعلقة بإنتاج الدواء، بما في ذلك إعداد قائمة بالأدوية التي آلت إلى الملك العام.
ونادى الأستاذ الدكتور هاني راجي، طبيب أمراض القلب وأحد مؤسسي “التحالف المصري لمكافحة الأمراض غير المعدية”، بتأسيس منصة رقمية وطنية لتوفير المعلومات للأطباء بشأن توفر المكونات البيولوجية الضرورية والأدوية، بحيث تصبح المنصة قناة إضافية أخرى تكفل توريدها.
وشددت الدكتورة هالة عدلي، المدير التنفيذي لشركة بيو مصر، على أهمية ترشيد التكلفة عند اتخاذ القرارات التجارية الخاصة بالمستحضرات الدوائية، واقترحت بعض التدابير لتحفيز الصناعات الدوائية مثل تخفيض الضرائب عليها ودعم اعتماد المصانع.
وأقرت الدكتورة هالة أن أغلب العقبات عادة ذات طبيعة مالية ولوجستية، لذا أبرزت أهمية “صندوق الدولة” ليكون أداة لتيسير الدعم الذي تقدمه الحكومة. وأضافت أيضا أن التوسع في التأمين الصحي الوطني الشامل – الذي لا يزال في مراحله المبكرة – من شأنه أيضا أن يسهم في تنظيم التكاليف المهمة وفي تكييف الأسعار بطريقة أفضل.
وأشار الدكتور أمجد طلعت، من شركة إيفا فارما، إلى حملة التطعيم ضد مرض التهاب الكبد الوبائي “سي” باعتبارها إحدى الممارسات الجيدة التي يمكن تكرارها، بل وتجربة يمكن لجميع الأطراف المعنية في مصر الاستفادة منها والرجوع إليها لفهم آليات منح البراءات للأدوية ومعرفة مدى إمكانية إنتاج الأدوية الجنيسة محليا من عدمه.
وأصر الدكتور طلعت على أهمية التواصل فيما بين جميع الجهات المعنية بغية تحقيق الاستفادة القصوى من المعلومات المتاحة في الوقت الأمثل وبأفضل تكلفة.
وفي ختام الجلسة أكَّد الدكتور رؤوف حامد الخبير في مجال الصحة العامة على الانشغال الذي أثاره العديد من المشاركين أثناء النقاش فأكد أهمية وضع إطار متين للسياسات يُمكِّن جميع الأطراف المعنية من السير قدما نحو تحقيق منافع الصحة العامة في مصر. وأضاف أن هذا الإطار لا يتطلب بالضرورة إصدار قوانين أو لوائح جديدة، بل يكفي أن يكفل وجود هيئة واحدة لها سلطة سن السياسات الضرورية وإنفاذها.
وبناء على هذه الجلسة التشاورية الثرية وعلى جميع المداخلات الواردة فيها، سوف تتولى الدكتورة هبة ونيس والدكتور ماجد إعداد ورقة بالسياسات وتوصيات موجهة إلى السياسات.
وسوف تتاح الوثيقتان فضلا عن موجز للسياسات للاطلاع عليها خلال عام ٢٠٢١.