تقرير : محمد عصام
لم يعد مجرد ظاهرة تقتصر على بعض اللاعبين المتميزين في كرة القدم، بل امتدت إلى الألعاب الأخرى، حتى أصبح «اللعب بالتجنيس» وسيلة للفوز بالبطولات.
هذه الظاهرة منحت بعض الدول فرصة الاستعانة بعدد كبير من المجنسين وقد يصل الأمر إلي الاستعانة بفرق كاملة لتمثيل منتخباتها في المحافل الدولية والعالمية، مبررة ذلك بأن «اللعب بالتجنيس» شراكة بين اللاعب ومن يمثله، فهو يحقق طموحاته بالتواجد الدولي والحياة الأفضل، بعيداً عن منتخب وطنه الأصلي، فيما يرى من يستعين به أن التاريخ لن يتوقف كثيراً عند الأسماء، بل سيذكر صاحب اللقب فقط.
لكن الدول العظمى التي تصنع التاريخ والنجوم كما تصنع سائر المنتجات هي من بادرت بوضع القوانين الدولية التي تسمح للاّعبين المتميزين في البلدان الفقيرة للنزوح عن أوطانهم الأصلية، والحصول على جنسيات البلدان المتقدمة ، طمعاً في تحسين أحوالهم المعيشية والحصول على المال بالدرجة الأولى.
وليس في تصرف هذه الدول الغرابة، فقد سبق أن منحت جنسياتها للكفاءات والمهارات المتميزة من أبناء البلدان التي كانت تستعمرها في القرن الماضي، ويلعب معظم المجنسين في مختلف الألعاب دورا رئيسا في النجاحات التي تحققها البلدان التي منحتهم جنسياتها.
حكاية الفرنسي المُجنس « إبراهيم غانم » الشهير بالونش وصاحب الاصول المصرية ليست بالجديدة او الغريبة علي لعبة المصارعة الرومانية فلقد سبقه عددًا من أبطال المصارعة بالهروب يفوق عددهم العشرون لاعبًا بين تاركًا للعبه وباحثًا عن المجد والمال بالعاب قتالية اخري وبين تمثيل منتخبات اخري مثلوها خير تمثيل .
تبدأ حكاية الونش من محافظة المنوفية ناشئًا متميزًا ظهرت علية علامات البطل منذ ظهوره باول بطولة جمهورية وحتي تمثيلة المنتخب في عدد من المراحل السنية المختلفة حتي وصل الي اعلي المراحل البدنية والفنية وقادته موهبته الي الفوز ببرونزية بطولة الناشئين عام ٢٠١٤ ثم توالت انتصارات البطل حتي ظهرت عدد من الخلافات بين عددًا من لاعبي المنتخب والاتحاد في اوائل عام ٢٠١٦
بداعي سبب واحد مشترك بين كافة اللاعبين هو قلة الدعم المادي وعدم كفاية المعسكرات الخارجية للتأهيل .
في اواخر شهر اغسطس من عام ٢٠١٧ شارك الونش ببطولة العالم للمصارعة بفرنسا وخرج خالي الوفاض لم يحقق شيئًا ، بعد اقل من ثلاثة اشهر من نفس العام تخلف الونش عن العودة مع المنتخب الوطني إلي مصر بعد المشاركة ببطولة العالم ببولندا تحت 23 عامًا، أثناء النزول “ترانزيت” بمطار روما بايطاليا قبل العودة إلي القاهرة، حيث أخبر زملاءه اللاعبين ومدربه أنه سيتوجه إلي “الحمام” وكان معه جواز السفر وحقيبته وفوجئوا بهرب اللاعب وعدم عودته .
ما يدفعنا هنا الي التأكيد أن كل شىء كان مرتبا منذ البداية لهروب الونش هو تسلسل الاحداث حيث شارك اللاعب في بطولة عالم بنفس الدولة التي يلعب باسمها حاليًا قبل هروبه بمدة قصيرة بالبطولة التي تليها .
ولا يسعنا هنا الا ان نستكمل قصة المجنس الهارب الونش ونترك اصابع الاتهام التي يمكن ان توجهه الي اللاعب او الاتحاد المصري للمصارعة بدأ الونش في الظهور بعد خمس سنوات من هروبه ممثلا لمنتخب بلاده فرنسا ببطولة اوروبا التي اقيمت بدولة بلغاريا بشهر ابريل من العام المنصرم والتي خسر فيها اللاعب بوزن ٧٧ كجم بادوار الترضية ، ثم عاد اللاعب للمشاركة في بطولة العالم بصربيا بوزن ٧٢ كجم بشهر سبتمبر من نفس العام حتي أصطدم بالمصنف الاول عالميًا المصارع الصيربي من اصل ايراني علي فيض الله أرسلان وحقق حينها المركز الخامس عالميًا .
لم يتوقف اللاعب عن المشاركات بعلم دولته الجديده بل كانت اخر مشاركاته ببطولة زغرب الدولية المفتوحة بكرواتيا مطلع العام الجاري والتي حقق بها الميدالية البرونزية والمركز ثالث ، قبل ان يشارك في بطولة اوروبا التي تجري حاليا بكرواتيا ويحقق الونش سلسلة انتصارات ابرزها التغلب علي
المصارع الصيربي من اصل ايراني علي فيض الله أرسلان المصنف الاول عالميا ليثأر لنفسه ولبلاده ويفوز ببطولة اوروبا بعد غياب تاهل فرنسا الي نهائيات بطولة اوروبا منذ عام ١٩٩٧ .
ويبقي السؤال الابرز الذي يطرح نفسه في كل مره يتكرر فيها هروب لاعبين وتجنيسهم بجنسيات دول اخري هو لماذا يقرر الرياضي تمثيل دولة أخرى؟
هنا يمكن ان تكون الاجابات عديده ومختلفة اهمها الحصول علي المال، ولكن الهدف الرئيسي غالبا ما يكون التفوق الرياضي في ظل صعوبة ذلك بوجود عراقيل وبيروقراطية وغيرها من اسباب الاخري التي تصل الي الوساطه والمحسوبية باقصاء ابطال من المشاركات الدولية واستبدالهم باخرين ولا يمكننا ان نلقي بظلال اللوم علي الاتحادات او وزارة الرياضة في ظل عدم وجود الدعم المادي الكافي ليس علي مستوي الدولة او الجهاز الاداري انما من خلال ذات المؤسسات التي تدعم وترعي الالعاب الجماعية الاخري والتي ياتي علي راسها كرة القدم .
وفي النهاية هرب الونش ومثل دولة اخري ولا يفيد الندم او اللوم ولكن يجب ان نخرج أيضاً ببعض الدروس المستفادة التي يجب الاستفادة منها والعمل على معالجتها وهي أن التخطيط والاعداد الجيد والاستثمار في الابطال يحقق المعجزات .
واهيب بالجميع بالمنظومة الرياضية المصرية اياكم والقضاء علي المواهب بمجرد تعثرها فلم يثني فرنسا عن تحقيق حلمها من خلال الونش عثراته التي توجت في النهاية بانجاز لم يتحقق منذ 25 عامًا .
التعليقات