السبت الموافق 26 - أبريل - 2025م

“البيان” تكشف ” أرز الجفاف”.. كنز الزراعة المصرية الذي ترفض الوزارة الأعتراف به !

“البيان” تكشف ” أرز الجفاف”.. كنز الزراعة المصرية الذي ترفض الوزارة الأعتراف به !

_ نوع من الأرز يوفر 50% من المياه وانتاجيته تعادل الأرز العادي وحصل على براءة الاختراع.. والمحصلة : إيقاف التنفيذ

• الدكتور سعيد سليمان : أرز ” عرابي ” حاصل علي براءة الاختراع الرسمية مع إيقاف التنفيذ

• الدكتور محمود محمد عطية : أرز الجفاف يقاوم ” اللفحة ” بنسبة 100 %

• الدكتور هاني الدوة : التجارب الزراعية تمت في أراض الواحات بنجاح

• المهندس سعيد الفضالي : الحل السحري لحماية ميزة مصر النسبية وترشيد استهلاك الماء

• هيثم الحريري : لجنة برلمانية لدراسة أسباب تقاعس الوزارة عن اعتماد زراعة أرز “عرابي”

تحقيق : بوسي جاد الكريم

مما لا شك فيه أن مشكلة نقص المياه العذبة بل وندرتها صارت إحدي أخطر المشكلات التي تؤرق دوائر صنع القرار في العالم بأسره وخصوصا في تلك الدول التي تحصل علي احتياجاتها المائية من خارج حدودها مثل مصر.

ومن المعروف أن محصول الأرز من المحاصيل التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية نادرة حتي أن الأرز المصري يتفوق علي نظيره الأمريكي نوعية وسعرا.

وفي الآونة الأخيرة ومع تعثر مفاوضات ملء خزان سد النهضة الإثيوبي وشراهة الأرز للمياه كان منطقيا أن تتعالي أصوات مطالبة بمنع زراعة الأرز ترشيدا للمياه.

وبالفعل استجابت الحكومة وقامت بتقليص المساحات المخصصة لزراعة الأرز من حوالي 2 مليون فدان إلي حوالي 700 ألف فدان.

ويبقي السؤال هل هذا هو القرار الوحيد للحفاظ علي المياه؟ هل الأرز والمياه لا يجتمعان؟ المفاجأة.. كانت أن قسم الوراثة بكلية زراعة الزقازيق يعمل منذ العام 1988 علي استنباط أصناف غير تقليدية من الأرز تستهلك نصف المقنن المائي المعتاد للأصناف التقليدية حسبما جاء علي لسان رئيس القسم الدكتور سعيد سليمان الذي أكد نجاح القسم والفريق البحثي الذي يترأسه في استنباط أصناف ” عرابي ” – نسبة للزعيم أحمد عرابي – أو ما يعرف بـ” أرز الجفاف ” الذي يتحمل جفاف التربة وملوحتها الشديدة حتي 7000 جزء في المليون وذات طعم ملائم تماما للذوق المصري، بل تتميز بارتفاع نسبة البروتين داخلها عن الأصناف التقليدية وهذه الأصناف الأربعة حصلت علي شهادة الملكية الفكرية (براءة الإختراع) من وزارة الزراعة والمساحات التي تزرع أرز الجفاف تتزايد سنويا حتي وصلت إلي 200 ألف فدانا هذا العام.

الدكتور سعيد سليمان

ولو كانت الحكومة تبحث عن ترشيد المياه فهذا ما أنجزته الكلية ممثلة في قسم الوراثة بها فلماذا لا تسارع وزارة الزراعة بتسجيله؟؟؟ ومن المستفيد من إهدار طاقات وأفكار يمكن أن تفيد البلد وتزيد مواردها؟؟ ولماذا لا تعترف وزارة الزراعة حتي الآن بأرز الجفاف رغم أن سمعته الجيدة صارت معروفة للمزارع المصري في ربوع مصر؟؟ بل في الأراضي الرملية في الواحات وخارج حدود مصر في السعودية والسودان؟؟ وإذا كان الأرز يصاب باللفحة ( مرض فطري) فلماذا تزيد المساحات المنزرعة منه سنويا؟؟ خال من اللفحة ننتقل إلي آراء الخبراء.

فقد صرح الدكتور محمود محمد عطية – رئيس قسم أمراض النبات بجامعة الزقازيق – أنه قد بمتابعة أصناف أرز الجفاف في موسمي 2013 و 2014 في كل من محافظات الشرقية والغربية والدقهلية وكان الملاحظ أن تلك الأصناف تقاوم مرض اللفحة المعروف الذي يصيب الأصناف التقليدية فضلا عن ارتفاع إنتاجيته عن الأصناف التقليدية حتي أنه يذكر أن أرض السيد أمين أباظة وزير الزراعة الأسبق كان مزروعا منها مائة فدان – بعد خروجه من الوزارة – ولم تسجل حالة إصابة واحدة بمرض اللفحة.

الدكتور هاني الدوة – أستاذ الخضر بقسم البساتين بجامعة الزقازيق – من جانبه أضاف أنه قد قام بزراعة أصناف أرز الجفاف تحت نظام الري بالرش في منطقة الواحات البحرية وكان متوسط استهلاك الفدان من المياه حوالي 3200 متر مكعب – حوالي نصف الكمية المطلوبة للأصناف التقليدية – وكان الإنتاج أفضل بصورة واضحة ولم يرصد أي إصابة باللفحة علي الإطلاق.

الدكتور هاني الدوة

ميزة نسبية لمصر أما المهندس سعيد الفضالي فأكد أن محصول الأرز من المحاصيل المهمة التي تتمتع مصر فيه بميزة نسبية واضحة حيث يحتل الأرز المصري مركز الصدارة علي مستوي العالم إذ يصل سعره إلي 1000 دولار بينما لا يزيد سعر الأرز الأمريكي إلي 400 دولار.

المهندس سعيد الفضالي

وأوضح أنه مؤخرا بدأت تتعالي أصوات تطالب بترشيد استهلاك المياه وحسن إدارتها في ظل إقامة سد النهضة ووجود مخاوف من انخفاض حصة مصر المائية. وصدر قرار بتجريم زراعة الأرز وتغريم المزارع وحبسه من أجل الحفاظ علي المياه، وكان الحل السحري لهذه المعضلة هو ” أرز الجفاف ” وهو نوع مستحدث من تقاوي الأرز يتحمل العطش والملوحة ويستهلك حوالي نصف المقنن المائي للأصناف التقليدية أي أنه يوفر المياه فضلا عن توفيره للسلعة التي لا غني عنها بما لا يفقد مصر ميزتها النسبية التي وهبها الله إياها وبما يضمن عدم حدوث طفرة في أسعار الأرز نظرا لانخفاض المساحات المخصصة لزراعته مما يترتب عليه إلقاء بالمزيد من الضغوط المادية فوق كاهل المواطن محدود الدخل.

كما أن هذا النوع من الأرز يتميز بارتفاع نسبة البروتين داخله عن الأصناف التقليدية بحوالي 3% وملائم للذوق المصري تماما علي عكس الأصناف المستوردة التي لا يمكن للمستهلك المصري تناولها فضلا عن صعوبة طهيها.

المثير في الأمر أن وزارة الزراعة مازالت تتقاعس عن تسجيل أصناف تقاوي أرز الجفاف بحجة أنه يصاب باللفحة وهو مرض فطري علي عكس ما أثبتت التجارب العملية في آلاف الأفدنة.

ويبقي السؤال مطروحا بانتظار الإجابة إذا كانت الدولة تمنع المزارعين من زراعة الأرز للحفاظ علي المياه فلماذا لا تسارع لتسجيل أصناف أرز الجفاف وتعميمها؟ هل الدولة تبحث عن توفير المياه أم أن هناك أيادي خفية تتعمد القضاء علي محصول الأرز وحرمان مصر من ميزتها النسبية ؟!!!!! بين الحكومة والبرلمان علي صعيد تشريعي، يقول “هيثم الحريري” – عضو مجلس النواب – أنه تقدم بطلب إحاطة بالفعل لوزير الزراعة السابق مستفسرا عن سبب تقاعس الوزارة في تسجيل أصناف أرز الجفاف طالما أنها مفيدة. وكشف أنه صدر قرار بالفعل بتشكيل لجنة من مجلس النواب  لمعاينة مواقع أرز الجفاف علي الطبيعة وسماع شهادات المزارعين وأساتذة الزراعة عن هذه الأصناف.

 

وأشاد “الحريري” بأبحاث الدكتور سعيد سليمان، التي أجراها منذ 10 سنوات على أحد سلالات الأرز تسمى بعرابي (1-2-3-4)، ذات إنتاجية من الأرز تصل إلى ما بين 4 و 5 أطنان للفدان، في حين أن ما يتم زراعته الآن حوالي 3.2 أطنان.

 مشيرا إلي أنها تستهلك كمية المياه بنسبة 50% أقل من الذي يتم زراعته الآن، ونحن نزرع بحوالي 7.500 متر مكعب من المياه للفدان، وهذه السلالة من الأرز تستهلك حوالي 3.500 متر مكعب.

 

موضحا أن المساحة المخصصة لزراعة الأرز انخفضت من مليون و 800 ألف فدان إلى 700 ألف فدان، مما نتج عنه ارتفاعًا في أسعار الأرز، كما أننا من الممكن أن نضطر للاعتماد على العملة الصعبة بالبنك المركزي لأجل الاستيراد من الخارج، في حين أننا نستطيع تحقيق اكتفاء ذاتي من الأرز بل أيضا نستطيع تصدير الأرز للخارج.

 

ولفت، إلى أن المملكة العربية السعودية تستخدم نفس السلالة من الأرز، في حين أنها ليس لديها نهر النيل كمصر، أو مصدر آخر للمياه، يمكنها من تغطية زراعة الأرز. وأكد أنه بالفعل تم استخدام تلك السلالة من الأرز في الزراعة، وتم زراعة 200 ألف فدان، وهناك مناطق في الإسكندرية تم زراعتها من تلك السلالة، مطالبًا بأن يتم الأمر من خلال مؤسسات الدولة ووزارة الزراعة، بتوزيع التقاوي على جميع المزارعين في مصر.

 

النتائج مبشرة من جانبنا توجهنا بأسئلتنا إلي من قاموا بتجربة أرز الجفاف، وأهمها: ماذا يعني تقليص المساحات المخصصة لزراعة الأرز؟ وماهي مميزات أرز الجفاف؟؟ وبدأنا رحلة السعي نحو الإجابات برأي المهندس السعيد الفضالي – مدير إحدي الشركات الزراعية ولديه موقع منزرع بأرز الجفاف – فقال: إن حرمان المزارع من زراعة الأرز يمثل كارثة علي المزارع وعلي الحكومة علي حد سواء إذ أن توفير الأرز عن طريق الاستيراد من الهند لن يجدي نفعا لأنه غير مناسب لذوق المستهلك المصري فضلا عن الضغط علي موارد الدولة من العملات الأجنبية للوفاء بمتطلبات الاستيراد، كما أن ارتفاع الأسعار بشكل عام ومستلزمات الإنتاج الزراعي بشكل خاص يجعلان المزارع مقبلا علي زراعة الأرز حتي يستطيع الوفاء بالتزاماته فضلا عن أن تقليص المساحات معناه ارتفاع أسعار الأرز بشكل غير مسبوق مما يلقي بمزيد من الأعباء فوق كاهل الأسرة المصرية.

 

وعن مميزات أرز الجفاف يجيب المهندس سعيد قائلا: إن أرز الجفاف لا يحتاج إلي الري إلا كل من 10 – 15 يوما أي أنه يستهلك نصف المياه التي يستهلكها الأرز التقليدي – قرابة 3500 متر مكعب مياه أي مثل محصول الذرة الشامية ويتميز بكثرة التفريع وطول السنابل التي تصل أعداد الواحدة منها إلي 200 حبة مما يعني زيادة في المحصول عن الأرز التقليدي فضلا عن انخفاض تكلفته عنه إذ إنه موفر للمياه والطاقة بشكل عام. ويقول الحاج سعيد محمد عبد الجليل – مزارع – إنه زرع أرز الجفاف في أرض رملية بمركز بدر بمحافظة البحيرة تحت نظام الري بالرش وجاءت النتائج مبشرة للغاية.

 

ويضيف الحاج مرزوق أبو الفتوح من منطقة الفرافرة بالوادي الجديد أن أرز الجفاف يمثل حلا عبقريا علي مستوي ترشيد استهلاك المياه فضلا عن توفير الأرز كسلعة ضرورية لا غني عنها داخل كل بيت مصري. ويضيف محمد رجب الشهاوي – مزارع بكفر الشيخ – أن أرز الجفاف يمثل طوق النجاة للمزارع والحكومة معا ولا بد من المسارعة في تسجيله تمهيدا لتعميمه. ويضيف الحاج محمد سعد شلبي – مزارع بدمياط – أن أرز الجفاف يتميز بمقاومة عالية للأمراض الفطرية والحشرية علي حد سواء مما يجعل من تربيته وزارعته أمرا أسهل من الأرز التقليدي. ويضيف الحاج علي أبو المعاطي عكاشة – مزارع بالمنوفية – أن أرز الجفاف صار معروفا للمزارعين والفلاحين دون مسئولي وزارة الزراعة الذين يكتفون بالصمت ولابد من تدخل المحبين لهذا الوطن لأن الأمر لم يعد يحتمل التقاعس ولا بد من تعميم أصناف أرز الجفاف فورا.

 

كما أوضح الحاج عبده الخولي – مزارع بالغربية – إلي أنه زرع أحد أصناف أرز الجفاف منذ 48 يوما ولاحظ أن نموها الخضري وانتشار مجموعها الجذري أفضل بكثير من الأصناف التقليدية. وتمني أن يكون أرز الجفاف هو الصنف الرسمي لجمهورية مصر العربية بدلا من الاعتماد علي الأصناف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.

 

ويبقي السؤال حائرا؛ هل سمعت وزارة الزراعة عن أرز الجفاف أم أن دورها اقتصر علي سجن الفلاح الذي يضبط متلبسا بالزراعة؟ أم أن التفكير خارج الصندوق لا مكان له (في الصندوق) والمقصود طبعا دوائر صنع القرار في الحكومة ؟؟؟ أسئلة كثيرة قد نجد إجاباتها عند وزير الزراعة الجديد.. !

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

إعلان بنك مصر

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 81295281
تصميم وتطوير