الإثنين الموافق 16 - ديسمبر - 2024م

“البيان” تحاكم اللجنة الأوليمبية بالملف الأسود

“البيان” تحاكم اللجنة الأوليمبية بالملف الأسود

جمال مهدى

بعد مرور الوقت على انتهاء فعاليات دورة الألعاب الأوليمبية التى أقيمت مؤخرا فى ريو دى جانيرو بالبرازيل، و بعد انتهاء هذا  المولد الذى خرجت منه  مصر بدون حمص الذهب أو الفضة، واكتفى أبطالها بحمص البرونز، وحصولها على المركز 75 على العالم، نفتح كشف حساب البعثة المصرية، من خلال هذا  الملف الأسود، وعنوانه “محاكمة  اللجنة الأوليمبية”، وهو ما يلقى الضوء على الفشل الذريع للادارة الفنية والادارية للجنة، قبل أن ينسب الفشل للاعبين أنفسهم، وهذا من خلال حقائق نستعرضها باستفاضة.

 

 

حيث شهدت الدورة الأوليمبية الفائتة عدة أخطاء لابد وأن نتوقف عندها، ونتعلم كيف تدار الرياضة فى العالم من حولنا، لاسيما الدول الصغرى التى تحقق عدد وافر من الميداليات المتنوعة، وليس الدول العظمى التى تحوذ على معظم التورتة من هذا الحدث الكبير الذى يأتى كل أربع سنوات ويشارك فيه كل لاعبى الدنيا، فمصر من البداية وقبل انطلاق السباق افتقدت لأهم عنصر، وهو صناعة البطل الأوليمبى، وهذا يحتاج لرجل قيادى جدير باختيار اللاعبين المؤهلين لهذه الأوليمبياد، مرورا بتكوين شخصية البطل خلال 8 سنوات على الأقل،  وطبقا للقياسات العلمية الحديثة،  واختيار الرياضات التى تتوافق مع الطبيعة البشرية، وبفكر رياضى متخصص وعالى المستوى، ثم الاعداد للدورة من خلال برامج دقيقة بالأحمال فى العام الذى يسبق انطلاق دورة الألعاب الأوليمبية.

 

 

فما هى الأسباب التى وضعت مصر فى هذا المركز المتأخر المخز، لتسبقها العديد من دول لم تكن تعرف معنى الرياضة، عندما بدأت مشاركة مصر الأولمبية قبل أكثر من قرن من الزمان، وعلى وجه التحديد عندما شاركت مصر فى دورة ستوكهولم بالسويد عام 1912، والواقع المرير  أن دولا مثل كوت ديفوار والبحرين والأردن وسنغافورة والجزائر ومنغوليا وبوروندى والنيجر وقطر، سبقتنا فى الترتيب العام لأنها حققت ميداليات ذهبية أو فضية على الأقل،  فيما اكتفت مصر بالحصول على 3  ميداليات برونزية، للأبطال “محمد ايهاب” و”سارة سمير” فى رفع الأثقال، و”هداية ملاك” فى التايكوندو، وليس لأن هذه الدول أفضل ماديا أو فنيا من مصر، ولكن مسئولوها فكروا جيدا فى التخصص الرياضى في اللعبات التى تناسب القدرات ونوع الجنس واختيار اللعبات، والمثال على ذلك كينيا التى شاركت فى الأولمبياد بعشرين لاعبا كلهم فى العاب القوى، وعادت من ريو دي جانيرو بـ 13 ميدالية منها 6 ذهبيات وضعتها في المركز الخامس عشر، رغم أنها تحتل المركز الـ 120 على المستوى الاقتصادى عالميا، حتى أمريكا الدولة الأولى اقتصاديا خططت لاعتلاء صدارة العالم فى الدورة الأولمبية بـ 46 ميدالية ذهبية، ومجموعها 121 ميدالية متنوعة، لأنها اهتمت بثلاث رياضات رئيسية تتفوق فيها بشكل طبيعى على مدى تاريخها، وهى السباحة التى حققت بمفردها 16 ذهبية، وألعاب القوى وحصدت 14 ذهبية، والجمباز وفيها حققت 5 ذهبيات، ليكون مجموع اللعبات الثلاث 35 ذهبية من أصل 46 بينما باقى اللعبات وعددها 38 رياضة مختلفة لم تحقق فيها أمريكا سوى 11 ذهبية فقط، وهو أبلغ دليل  على نجاحها فى مجال التخصص الرياضى الذى تنتهجه الآن كل دول العالم حتى الفقيرة منها، أما عندنا فى مصر فنحن نشارك بدون تخصص، ونشارك فى كل اللعبات المتاحة دون تخطيط.

 

 

اختلفت الآراء حول تقييم أداء بعثة مصر الأولمبية في ريو دي جانيرو ونتائجها، ما بين المسئولين الذين يرون أن تحقيق ثلاث ميداليات برونزية، بجانب بعض الأرقام الشرفية انجازا وبين الآراء الأخرى التى تقول  أن احتلال مصر للمركز 75 عالميا، يعتبر فشلا ذريعا،  وبالبحث عن اللعبات التى حققت فيها مصر الميداليات على المستوى الأوليمبي على مر العصور، قد وصل عددها بعد دورة البرازيل الى  31 ميدالية، منها 7 ذهبيات و10 فضيات و14 برونزية، وحققت مر هذه الميداليات فى 7 لعبات فقط، وهى رفع الأثقال ونالت منها 13 ميدالية متنوعة منها 5 ذهبيات من أصل 7  و3  فضيات و5 برونزيات، والمصارعة وحققت 7 ميداليات منها ميداليتان ذهبيتان و3 فضيات وبرونزيتان، ثم الملاكمة برصيد 4 ميداليات فضية و3 برونزيات، والجودو 2 فضية وا برونزية، والتايكوندو حصلت على  برونزيتين، والسلاح ورصيده فضية واحدة، أما اللعبة السابعة فهى الغطس التى من الصعب أن تحقق فيها انجازات مرة أخرى، بعدما فازت  بميداليتين فضية وبرونزية عن طريق لاعب واحد وهو الراحل “فريد سميكة” عام 1928 بدورة امستردام بهولندا.

 

 

مصر فشلت أوليمبيا، لأنها بلا مسئول حقيقى وتوزعت المشكلة على أكثر من مسئول، ولم يوجد لها صاحب، كما تاهت القضية بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأوليمبية، وكذا الاتحادات التى تعد العنصر الرئيسى للعبات لأنها الجهة التى تنظم المسابقات المحلية، ومن خلالها تختار لاعبى المنتخبات المختلفة وهى الجهة أيضا تدرك معايير المنافسة بالدورات الأوليمبية ولكن للأسف توقفت العديد من الاتحادات عن أعمالها الأساسية، وتفرغ رجالها للتكالب على السفر وعمل مصالح شخصية وأصبحت الرياضة آخر اهتماماتهم، واللجنة الأوليمبية تقوم بدور “المحولجى” بين الاتحادات ووزارة الشباب دون أى تدخل، أو تعديل لأنها لا تملك  القدرة فنية أو الادارية البحتة، أما وزارة الشباب فهى مصدر التمويل المنوطة بدعم الاتحادات واللجنة الأوليمبية لتنفيذ برامج اعدادها، فى المقابل لا تملك أى قدرة فنية على توجيه هذا الدعم، وبالتالى فان الوزارة تقع دائما فى فخ المسئولية عما أنفق من أموال فى لأنها لا تحاسب الاتحادات خوفا من فزاعة اللجنة الأوليمبية الدولية، حتى لو كانت تلك الاتحادات تتعامل بفساد مالى وادارى واضح، وضاعت الرياضة فى مصر بين الجهات المسئولية،  دون أن يتمكن أحد من حساب جهة بعينها، وننتظر نفس الموقف بعد 4 سنوات فى دورة طوكيو عام 2020، لتفتح من جديد الملف الأسود، لكن بدون محاكمة.

 التعليقات

 أخبار ذات صلة

[wysija_form id="1"]
إعلان خدماتي

جميع الحقوق محفوظة لجريدة البيان 2015

عدد زوار الموقع: 78529217
تصميم وتطوير