الانقلاب على لولَّا

بقلم : د . محمد أبو العلا
اختلف المفسرون حول تفسير ماحدث، مبررين أن كلمة ثورة “جميلة”، بينما كلمة “انقلاب” قبيحة!، والحقيقة أن كلمة “ثورة” على جمالها معناها الهياج، والاندفاع نحو التغيير، والصخب والضجيج، وكلمة “انقلاب” التي يغضبون منها معناها التغيير السريع غير المنتظر، وانقلب على عقبيه يعني رجع في كلامه، والانقلاب تحول الشيء على وجهه، وغيرها من المعاني التي لا تجعل هناك تفضيلاً لمصطلحٍ على آخر، لكننا كعادتنا نختلف حول المسمى ونترك أهمية الحدث، وينظر البعض الآن إلى ماحدث في تركيا بعين الناقد أو الناقم، تماماً مثلما حدث بجوار مسجد سيدي ضيا!، فقد قام حماة الدين والشريعة من انصار جماعة الحفاظ على سيدي ضيا ببناء سبيل للماء المفلتر، ظاهره فيه الرحمة، كتصفية المعارضين، وباطنه إبعاد “لولَّا” بائعة الخضار!، ولم يختلف الأمر كثيراً في تركيا عن الجعفرية، فقد أصبح أردوغان الراعي الرسمي للديموقراطية، كما أصبح أصحاب الفلتر من حماة الشريعة الذين يغارون على المقدسات بجوار المسجد!، وحكاية الفلتر أن السيدة لولَّا” ست غلبانة، تبيع الخضار في هذا المكان منذ زمن، الأمر الذي يسبب مضايقة لبعض أصحاب المحلات، ربما لأنها فارشة في الشارع وهما عندهم محلات!، أو كما يزعم بعضهم لأن وشها وحش!، في البداية روجوا للانقلاب أو للثورة بضرورة بناء فلتر يشرب منه الناس، وبالفعل بُني الحوض وجاءوا بالفلتر، ولتمام الأمر قاموا بمد الحوض بحوضٍ آخر بجواره يعمل كاحتياطي، ربما تعود “لولَّا” إلى المكان بعد البناء!، ونجحت الخطة في إبعاد “لولَّا” تحت دعوى كسب الثواب والصدقة الجارية، وللعلم لم يعمل الفلتر حتى الآن رغم بناءه من اكثر من ثلاثة أشهر، لأنهم لم يحسبوا لمقايسة مواسير الماء حساباً، فأصبح فلتر ظاهرياً، وسبيل للماء أمام الناس، لكنه كان سبيلاً لإبعاد “لولَّا”!، تماماً كما يقال أن أردوغان دبر وخطط لهذا الانقلاب كي يصفي خصومه ومعارضيه فتستتب له الأمور، الأمر الذي جعل أصحاب الجماعات الإسلامية يسبحون بحمده، “ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله”، فقد رأوا أن انتصاره انتصاراً للإسلام، كما حدث تماماً مع “لولَّا”، ولعلها كانت من خصوم أردوغان فقام جماعة حماة سيدي ضيا بتصفيتها دون أن يتعاطف معها أحداً، لذلك أصبحت الانقلابات تدار بطريقة الانقلاب على “لولَّا”، ظاهرها الانقلاب والانتصار للدين والشريعة، وباطنها تصفية “لولَّا”